ساحِرٌ ذلِكَ المُحَيَّا المُلاقِي بَعدَ تَبرِيحِ غُربَةٍ وَفِراقِ
هذهِ ساعَتِي وَقَد هَلَّ ثَغْرٌ، مُفْعَمُ الشَّهْدِ، حالِمُ الإِشراقِ
فِيهِ ما يَعكِسُ الضِّياءَ لُجَيْنًا مِنْ ثَنايا كَأَنْجُمِ الآفاقِ
عِشْتُ دَهْرًا في الوَهْمِ يُسكِرُ رُوحِي، وَيُمَنِّي حُشاشَتِي بِتَلاقِي
وَأَنا، الآنَ، في هَناءَةِ فَجْرٍ، أَنتَشِي مِن أَرِيجِكِ العَبَّاقِ
بِصَفاءٍ يَعُودُ بِتُّ ضَنِينًا، خائِفًا مِنْ تَرَبُّصِ الإِخفاقِ
لَيسَ يَسْخُو مَنْ غِبْتِ عَنهُ طَوِيلًا بِثَوانٍ مِنْ قُرْبِكِ الدَّفَّاقِ
أَنتِ لِي، فَالوُجُودُ باتَ نَوالًا مِنكِ، مِن وَجْدِكِ الشَّهِيِّ المَذاقِ
أَحرِقِينِي على قَوامٍ مُلَظًّى، ذَوِّبِينِي بِضَمَّةٍ وَعِناقِ
زَوِّدِينِي بِقُبلَةٍ في لَظاها طابَ وَجْدِي وَلَو على إِحراقِي
أَعطِنِيها، هذِي النَّدِيَّةَ، هَيَّا أَنا أَفدِي رَحِيقَها بِالباقِي
كانَ عُمْرِي كَالقَفْرِ بَعدَ نَوانا، أَجدَبَت أَرضُهُ، وَجَفَّت سَواقِي
سَأَمًا يَمْلَأُ الثَّوانِي وَيَمْحُو لَمسَةَ الشَّوقِ عَن سَنا الأَحداقِ
فَغَدا، اليَومَ، زاخِرًا بِالغَوالِي، مِ الدَّوالِي، مِ التِّيْنِ، مِ الدُّرَّاقِ
كَيفَ، في نُهْزَةٍ مِنَ الدَّهرِ، طِرْنا مِنْ جَحِيمٍ إِلى رَفِيعِ المَراقِي؟!
كَيفَ، في غُدْوَةٍ، نَما الزَّهْرُ غَضًّا، وَكَسا الخِصْبُ ذابِلَ الأَوراقِ؟!
هِيَ أُعجُوبَةُ الهَوَى، لا تَسَلْنِي، يا صَدِيقِي، عَنِ الهَوَى الخَلَّاقِ
كَيفَ يَسْرِي في النَّبْضِ أَنغامَ حُلْمٍ، وَرُؤًى في كَآبَةِ الخَفَّاقِ
كَيفَ يَنسابُ في النَّجْيْعِ دَفِيْئًا، كَيفَ يُحْيِي المَواتَ في المُشتاقِ
كُلُّ ما في الوُجُودِ فِعْلُ هُيامٍ، وَحَياةٍ تَمُورُ في الأَشواقِ
سَوفَ يَبقَى رُواكِ إِلْفَ فُؤَادِي، وَجَواكِ، على المَدَى، مِيثاقِي
وَسَنَتلُو، مَعًا، صَلاةَ هَوانا، وَلِقانا، على اللَّيالِي البَواقِي
وَلَنَغدُو، في خاطِرِ الحُبِّ ذُخْرًا، وَرَبِيعًا، وَقُدْوَةَ العُشَّاقِ!