الديبلوماسية والبروتوكول لصيقان، بمعنى ان الشكل يوازي في كثير من الأحيان المضمون.
تنطبق هذه المقولة على الحركة النشطة التي قام بها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري أخيرًا.
كان تدقيق المراقبين في هذه الحركة بالغ الأهمية ومحط اهتمام: بين أن يزور، وبين أن يُزار، فرقٌ شاسع، على سبيل المثال لا الحصر، السفير البخاري استقبل في دارته رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه، وبهذا اللقاء قطَع الشك باليقين من أن السفير البخاري سيزور بنشعي، فجاءت الوقائع لتثبت أن فرنجيه انتقل من بنشعي إلى دارة السفير البخاري في اليرزة. بعد اللقاء لوحِظ أن فرنجيه كان مُقِلًا في الكلام، فاكتفى بتغريدة كتب فيها: “شكراً على دعوة سفير المملكة العربية السعودية الكريمة. اللقاء كان وديّاً وممتازاً”.
في المقابل، السفير البخاري، زار كتلة تجدّد في مقرها في سن الفيل. الكلام الذي قاله عضو الكتلة النائب ميشال معوض، استحوذ على إعادة تغريد من السفير البخاري، وهذا ما لم يحصل بالنسبة إلى تغريدة فرنجيه.
ad
هذه “الفوارق”، إذا صحَّ التعبير، لها مدلولاتها، وهي تعني الكثير، ففي الديبلوماسية والبروتوكول، كل حركة لها تفسيرها، وكل كلمة لها معناها الدقيق.
فمثلا، اللقاء بين رئيس تيار المرده سليمان فرنجية والسفير السعودي وليد البخاري كان وديا، وفرنجية خرج منه مرتاحاً، الا ان ذلك لا يعني ابداً ان الموقف السعودي قد تغير. فاللقاء جاء في سياق ما بدأت به فرنسا، ليس أكثر، وجرى التمني ان يُصار إلى الاستماع إلى “مرشحها” ومرشح ثنائي حزب الله حركة أمل.
إذًا، زيارة فرنجيه لدارة السفير السعودي في اليرزة، مطلب فرنسي استجابت له المملكة، من دون أن يعني ذلك تبدلًا في موقفها، ولو كان الأمر غير ذلك، لكان السفير البخاري هو الذي قصد بنشعي، وهذا ما يميِّز زيارته لكتلة تجدد النيابية التي لم تزره في دارته بل زارها في مقرها.
لو أن السفير السعودي زار بنشعي، لكان هذا يعني انها تتعاطى معه كمرشح رئاسي، لكن ان يزور هو دارة السفير السعودي فهذا يعني ان المملكة لا تتعاطى معه كمرشح، وهذا ما يميز التعاطي معه عن التعاطي مع الآخرين.