إِرفَعِ الكَأس!  بِقَلَم: مُورِيس وَدِيع النَجَّار

 

(مُهداةٌ إِلى الصَّدِيقِ حاتِم قُبرصِي مِن بَيترُومِين الكُورَة،

إِذ التَقَيتُهُ بَعدَ خَمسَةِ عُقُودٍ مِن أَيَّامِ دِراسَتِنا الجامِعِيَّةِ، وأَهدانِي قِنِّيَنَة عَرَقٍ مِن صَنعِهِ المُتقَن)

حاتِم… أَتَذكُرُ مِن صِبانا ما عَبَرْ؟!          ومِنَ اللَّيالِي ما نَأَى ثُمَّ اندَثَرْ؟!
يَومَ اجتَمَعنا نَبتَنِي أَيَّامَنا،          ونَشِيدُ أَحلامًا لِعُمرٍ مُنتَظَرْ
مَرَّتْ عُقُودٌ خَمسَةٌ يا صاحِبِي،          غابَت ذُرًى شَعَّت، وبانَ المُنحَدَرْ
فَادْنُ، يا صاحِبُ، طالَت غُربَةٌ،          وانحَنَت شَمسٌ، وَوافاها القَمَرْ
وانْسَ أَنْ غادٍ إِلَينا قَدَرٌ،          آه مِن مِيعادِهِ هذا القَدَر…
فَإِلى ذِي المَوعِدِ الآتِي، لَنا          بَعْدُ، في الحَقلِ، أَقاحٌ وثَمَرْ
ما انطَوَى مِن عُمرِنا يَبقَى لَنا،          في الخَيالِ الخِصْبِ، دِفْئًا وشَرَرْ
يا صَدِيقِي… أَنتَ شَوقٌ لَم يَزَل،          مِ الشَّبابِ الغَضِّ، حُلوًا وأَغَرّْ
خاطِرٌ يُنعِشُنِي في وَحشَتِي،          طَيِّبُ الرُّجْعَى بِتَحنانِ الذِّكَرْ
هو، ما جارَ زَمانٌ، راسِخٌ،          في ثَنايا البالِ، لَحنًا وصُوَرْ!
***
أَنتَ، إِذ أَهدَيتَنِي قِنِّينَةً          مِن رَحِيقِ الكَرمِ، أَشجانِي الخَبَرْ
كُلَّما ذُقتُ طِلاها هاجَ بِي          أُنسُ تَذكارٍ، فَيَحلَولِي السَّمَرْ
أَنتَ… يا فِلْذَةَ ماضٍ عِشتُهُ،          إِرفَعِ الكَأسَ نُعِدْ عَهدًا غَبَرْ!