نشرت صحيفة “Mediapart” الفرنسية الإستقصائية, مقالًا اليوم الجمعة 2 حزيران 2023, تحت عنوان: “بتهمة الاغتصاب والعنف، السفير اللبناني يفلت من العدالة”.
وتحدّثت الصحيفة عن إتهامات “فاضحة” تطال السفير اللبناني لدى فرنسا رامي عدوان, وعن تقدم شابتان بشكوى استنكارًا لأعمال اغتصاب من جانب السفير، فيما ينفي الأخير هذه الاتهامات.
وجاء في نصّ المقال:
“تتهمه احداهن بضربها على رأسها بثقل واغتصابها, والثانية بمحاولة دهسها في السيارة وخنقها, وكلاهما عنف يمارسه الشخص الذي تربطه به علاقة حميمة لعدة سنوات, والرجل الذي يتهمونه هو رامي عدوان.
ورامي عدوان هو سفير لبنان لدى فرنسا منذ عام 2017، وقد نفى عدوان أي اتهام لفظي أخلاقي وجنسي, ولكن وعلى أي حال، لن يضطر إلى تقديم رد للشرطة والمحاكم، حيث يمنحه وضعه الدبلوماسي حصانة كاملة وغير قابلة للانتهاك.
وقد بدأت القضية في صيف عام 2020، عندما دخلت آفا باب مركز شرطة الدائرة الخامسة في باريس لأول مرة في 26 آب, وتبلغ آفا من العمر 28 عامًا وهي تعمل لمدة ثلاث سنوات في السفارة اللبنانية عند رامي عدوان، السفير الذي يبلغ من العمر 47 عامًا, وهو الذي درس في المدرسة الوطنية للإدارة بنفس الوقت مع الرئيس إيمانويل ماكرون.
وفي التفاصيل, فتنوي آفا تقديم شكوى بشأن المضايقات الأخلاقية والعنف المتعمد ضد رئيسها المشهور بأنه قريب من رئيس الجمهورية السابق ميشال عون.
وتشرح آفا لجندي حفظ السلام حياتها اليومية منذ وصول السفير إلى باريس في أيلول 2017, ومنها “الإهانات” (أيتها العاهرة)، “الغضب”, وثم تروي عدة حلقات.
كانت المرة الأولى في تشرين الأوّل 2018، حيث كان من المفترض، وفقًا للإفادة التي وصلت إلى “Mediapart “، وفي ربيع عام 2019، وجّه لها “ثلاث صفعات قوية على ساقيها” لأنها سمحت لنفسها بالتحدث إلى السائق أثناء اتصال الدبلوماسي بالهاتف.
وردًا على سؤال حول هذه النقاط، ادعى عدوان أنه “لم يرفع يده أبدا” على الشابة ويندد بـ “التهم التي لا معنى لها”, ويستحضر علاقة كان من الممكن أن “تنتهي في مناخ متضارب للغاية” ويؤكد أن الشابة “كانت ستحاول استخدام علاقتهما لتعزيز مكانتها داخل السفارة”.
ولكن العنف كان سيتصاعد أكثر في مكتبه, في يوم 26 آب 2020، بعد انتقاد عمله، أخذ السفير حقيبة يد الشابة قبل أن يرمي متعلقاتها من النافذة, ومسك هاتفها وهدد برميه بعيدًا.
وقالت آفا للشرطي: “لقد جعله ذلك غاضبًا, وركلني مرتين في ركبتي، وأمسك بمعصمي ودفعني باتجاه النافذة, وبعد ذلك، أخذ عدوان كرة رخامية كانت بمثابة ثقالة ورق في يده اليمنى وضربني على مؤخرة رأسي”.
وقد ذهبت آفا إلى غرفة الطوارئ الباريسية في فندق ديو، حيث أصدر لها طبيب شهادة تفيد بوجود “ورم دموي قذالي” و”آفات حمامية على مستوى الرسغين”، أضيفت إلى الملف.
وبعدما عادت إلى العمل بعد بضعة أيام, قدم السفير نسخة مختلفة تمامًا من المشهد, “لقد غضبت بسبب أني لا أعرف ما هو الموضوع, وبدأت بالصراخ، ورمي ما كان على مكتبي، وكنا ندفع بعضنا البعض، وكانت هناك صيحات وإيماءات مفاجئة ولكن بدون ضربات أو إلقاء أشياء”.
وفي صيف 2022، دخلت آفا باب قسم شرطة الدائرة الخامسة للمرة الثانية, وسألها الشرطي عما إذا كانت لا تزال تريد تقديم شكوى, فـ آفا هذه المرة مصممة على ذلك.
وفي نيسان 2021، أخبرت السفير أنها ستترك منصبها, وبحسب شهادتها، فإن الأخير ألقى متعلقاته من النافذة مرة أخرى، قبل أن يجرها من شعرها ثم يضربها بشماعة معطف وهو مشهد أكدته الشهادة التي جمعتها “ميديابارت”، ونفى رامي عدوان مرة أخرى “لم يكن هناك لا نفخة ولا شماعات”.
وفي التفاصيل, فالشابة تريد تقديم شكوى اغتصاب، وبحسب روايتها للوقائع، في الطابق العلوي من السفارة، في الشقق الخاصة للسفير، في 17 أيّار 2020، وبعد غداء مع موظف آخر، كان السفير قد فرض عليها علاقة جنسية بالعنف والمفاجأة, وقالت للشرطة: “صرخت من الألم قائلة لا توقف، وبدأت أبكي وأرتجف”، وزودت السلطات بمبادلاتهم على “WhatsApp”، ولا سيما في المساء واليوم التالي للأحداث، حيث تتهمه صراحة باغتصابها.
وبحسب “medipart”، يؤكد عدوان أن العلاقة كانت “بالتراضي”, ولكن شكوى الاغتصاب هذه التي تأتي بعد أكثر من عامين على الأحداث تثير تساؤلات حول صدق منهجه.
ولكن آفا ليست الشابة الوحيدة التي اشتكت للسلطات الفرنسية, ففي 21 شباط 2023، قدّمت احدى زملائها السابقين، غابرييلا، أيضًا شكوى بتهمة العنف المتعمد ضد رامي عدوان.
هذه الطالبة اللبنانية، التي وصلت إلى فرنسا بمفردها عام 2018 وعمرها 23 عامًا، عملت لمدة أربع سنوات في السفارة، حتى نهاية عام 2022، كمتدربة.
هي أيضا، جمعتها علاقة حميمة مع رئيسها، ووصفتها لمحققي الشرطة القضائية بأنها “علاقة سيطرة”، تقوم على “الخوف ونظام العقوبات والمكافآت”.
ومثل زميلتها السابقة، تدعي غابرييلا أيضًا أنها كانت ضحية للعنف الجسدي, وفي إحدى الأمسيات في أيّار2022، قالت: “بعد حفلة البوليتكنيك في أوبرا باريس، كان من الممكن أن ينفجر جدال وأن رامي عدوان كان سيضربها عدة مرات في وجهها”.
وقد أظهرت الصور، التي ظهرت في التحقيق القضائي الذي فتحه مكتب المدعي العام في باريس، وجه غيرييلا مخدوشًا ومنتفخًا على مستوى الشفة والأنف.
“لماذا لم تتقدم بشكوى؟ يسأل الشرطي, “لم أجرؤ على ذلك”، وتجيب الشابة، التي ذكرت أيضًا الجماع الجنسي غير الرضائي والعديد من حلقات العنف.
ثم تصف غبرييلا مشهدين من العنف الشديد, للمرة الأولى في أيلول 2022، حيث ترافق السفير إلى منتدى السلام، في كاين, وبعد تناول وجبة غداء في أحد المطاعم، زعم أنه أجبرها على ركوب سيارته حيث أنه “ضربها على رأسها” بعد أن رفضت ممارسة الجنس, وقد نزلت من السيارة واتصلت بالشرطة.
وحسب أقوالها، قال رامي عدوان لها: “هل تريدين أن ترحلي؟ سأقتلك”.
وقبل أن أتراجع في اتجاهه, قالت غايرييلا للمحققين: “كنت أرى السيارة التي ستصطدم بي، العجلات مرت فوق قدمي، لقد سقطت,” وعندما استيقظنا في اليوم التالي، كان يتحدث عن حادث”, وتضيف, “أخذني إلى أخصائي الأشعة ولم يكن هناك كسر”.
هنا مرة أخرى، يروي السفير قصة أخرى, ويقول إن “السيارة انزلقت عندما كنت أحاول توقيفها, ولم أحاول دهسها ولم تصطدم بها السيارة, لقد قالت إن قدميها تأذيت عندما انزلقت، لذلك رافقتها في الأيام التالية إلى أخصائي الأشعة لإجراء الفحوصات اللازمة”، وذلك بحسب أقواله.
وكانت أمسية أخرى، بحسب شهادة غابرييلا، هي التي دفعتها إلى مغادرة السفارة وإنهاء علاقتها برامي عدوان, وقالت: “أكثر الأوقات رعبًا في حياتي كانت 27 كانون الثاني 2022″، وصل السفير إلى منزله الباريسي ليلاً في حالة سكر، لممارسة الجنس وهو ما رفضته”.
وأضافت, “يأخذني بيد واحدة من مؤخرة رقبتي ويدفع وجهي للأسفل في السرير، وهناك لا أستطيع التنفس, وانتهى به الأمر إلى إزالة يده، وكنت سأموت بخمس ثوانٍ أخرى”, وعندما غادرت، قال لي: “قبل كل شيء، لا تقولي إني خنقتك”.
وتزعم أحد جيران غابرييلا، الذي اتصلت بها “ميديابارت” واستجوبتها الشرطة أيضًا، أنها استيقظت في تلك الليلة حوالي الساعة الثانية، وثم سمعت “صرخات مكتومة”, وتقول إنها تعرفت على السفير اللبناني التي التقت به عدة مرات.
يدعي كل من غابرييلا وآفا أنَّ موظفي السفارة الآخرين يقعون تحت “صواعق” السفير, حيث تروي الأولى أنها سمعه ينادي: “يا “عاهرة”، ويضيف “لن تعودي إلى هنا حتى تزحفي على الأربع مثل الكلب”.
ويعترف السفير قائلاً: “أنا متحمس لمهمتي ويمكنني أن أكون وقحًا”.
وفي مقابلة مع “Mediapart”، يروي موظف سابق أيضًا حالة موظفة في القنصلية أجبرت أيضًا على العمل واقفًا دون كرسي أو مكتب.
ومن جهته يعارض السفير الذي ينفي وجود هذة الأمور, ويقول: “أحترم المتعاونين معي وعملهم”.
وفقًا لعدة مقالات في الصحافة اللبنانية، كان رامي عدوان بالفعل موضوع تقرير واحد على الأقل عن اعتداء جنسي في الماضي، وعندما تم تعيينه كدبلوماسي في لاهاي بهولندا، في أوائل عام 2010.
ويسأل التقرير, “ماذا سيحدث لهذا التحقيق القضائي في الاغتصاب والعنف المتعمد الذي يستهدف رجلًا يتمتع بحصانة دبلوماسية “مصونة” و”كاملة” ، وفقًا للنصوص التنظيمية المنبثقة عن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961؟”.
وأضاف, “تقول النصوص بوضوح أن أنه لا يمكن أن يكون السفير عرضة لأي شكل من أشكال الاعتقال والاحتجاز، ولا يمكن مقاضاته أمام الولاية القضائية للبلد الذي يعمل فيه, ما لم تقرر دولة المنشأ رفع حصانتها”.
ويشير التقرير إلى أنَّ, “الكرة في ملعب وزارة الخارجية الفرنسية، والتي يمكن أن تعلن أن الدبلوماسي شخص غير مرغوب فيه على أراضيها, وثم يُطلب من دولة المنشأ استدعاء الشخص غير المرغوب فيه والتأكد من مغادرته الإقليم فعليًا, في الوقت الحالي، توضح وزارة الخارجية إلى أنه, “ليس لديها معلومات عن هذه القضية المعروضة على المحاكم والتي تغطيها سرية التحقيق”.