في خطوة هي الأولى منذ 6 سنوات, أصدر غبطة بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، ردًا على بيان كان قد صدر عن وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان, بعد لقائهما.
وجاء في ردّ البطريرك العبسي: “خلافًا لما أوحى به بيان الوزير، فإنَّ غبطته كان على موقفه المبني على دراسات قانونية والمطالب بالعودة عن قرار حكومة تصريف الأعمال إحالته إلى المجلس التأديبي خلافًا للدستور والقوانين التي تحكم عمل حكومة تصريف الأعمال وتخصها بإجراءات محدودة للغاية بسبب عدم وجود رئيس للجمهورية”.
وكان البطريرك العبسي, قد التقى في المقر البطريركي في الربوة، الوزير بوشكيان، واستمع منه إلى وجهة نظره حول ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وعن طبيعة عمل حكومة تصريف الأعمال، وفي ما خص قضية المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون.
وفي الاطار نفسه، التقى العبسي جدعون، واستمع منه إلى حيثيات القرار الذي اتخذ بحقه، مؤكدًا “رفض الطائفة للظلم أيا كانت طائفة الظالم أو المظلوم وإصرارها على تطبيق القوانين في كل مرافق الدولة”.
من جهته, وبعد زيارته البطريرك العبسي, أصدر الوزير بوشكيان بيانًا جاء فيه: “تشرفت بزيارة غبطة البطريرك العبسي, وإنَّ غبطته من القامات الوطنية والدينية المشهود لها في لبنان والعالم, ولقاؤنا مناسبة لأخذ البركة، والوقوف على رأيه السديد، وسعة اطلاعه، وفكره النير”.
وأضاف, “كما كل مقام ديني – وطني – جامع في لبنان، اعتبر الربوة بيت اللبنانيين يحجون إليه في كل الاوقات، وهذا ما قمت به اليوم, وتبادلت الآراء مع البطريرك حول الأمور السياسية والاقتصادية والصناعية والاجتماعية, وكان التشديد من قبله على أمرين: الأول وجوب اسراع المجلس النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية، زالثاني وجوب قيام الحكومة في الوقت الفاصل، بما يتوجب عليها من مسؤوليات واتخاذ اجراءات وتدابير واصدار قرارات تحد من الأزمات، وتخفف من معاناة المواطنين”.
وتابع, “نقلت إليه أجواء مجلس الوزراء التوافقية، والتعاون السائد بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والسادة الوزراء في الادارة الفضلى والرشيدة لشؤون البلاد, وناقشنا أيضا قضية المدير العام لوزارة الصناعة داني جدعون من منطلق اداري بحت، مع التوافق التام مع البطريرك على حفظ حقوق الطائفة الكاثوليكية الكريمة في المناصب الادارية العامة في الدولة, ولقد أكدت له كوني من عاصمة الكثلكة في الشرق، أنني زحلاوي الانتماء، أرمني أرثوذكسي على الهوية، كاثوليكي الهوى”.
واستكمل, “اطلعت البطريرك على تفاصيل القضية ومندرجاتها، البعيدة كل البعد عن الاستهداف الشخصي والطائفي والمذهبي والمناطقي, وهي في إطار مخالفات ادارية وتجاوزات قانونية، بعدما أخذ علما بها، وأصدر مجلس الوزراء مجتمعا قرارا باحالتها الى الهيئة العليا للتأديب, ونحن مع احترام الدستور، ولتعالج القضية ضمن الأطر القانونية, وبانتظار انتهاء الهيئة من دراسة الملف، أمتنع عن التصريح عن القضية ريثما يصدر القرار في شأنها عن الجهة المكلفة”.
وشدّد بوشكيان أمام غبطته على, “أن لا قيامة للبنان في ظل الشعور بالغبن أو استقواء فريق على آخر، ولا باستغلال البعض للطائفية والمذهبية لأغراض خاصة, وهذه الأساليب مدمرة للبنان، وتبعد اللبنانيين عن المطالبة بالغاء الطائفية، وعن المجتمع المدني المنشود، وعن الذهاب الى اعتماد اللامركزية التي تعتبر صمام الأمان لارساء الحياة الديموقراطية السليمة، وضمان الحريات العامة وتأمين التوازن المناطقي”.
وختم: “كان اللقاء ايجابيا جدا, وتوافقت مع غبطة البطريرك على عقد لقاءات دورية للمتابعة وأخذ النصح, وتمنيت له التوفيق في رعاية رعيته المنتشرة في لبنان ودول العالم حيث يتبوؤن أفضل المراكز بنجاح وتفوق”.
واللافت, أنه لم يكتف بوشكيان بخطوته الأولى بإحالة مدير عام وزارة الصناعة داني جدعون إلى المجلس التأديبي بسبب خلافات شخصية معه, وإنما تجرأ على مواصلة خطواته من خلال “تحوير” كلام ومضمون اللقاء مع غبطته بما يتناسب أيضًا مع مصالحه الشخصية وتلميع صورته, ولكن جاء ردّ البطريرك العبسي “المحرج” لـ بوشكيان بمثابة تصحيح وتوضيح لبيانه البعيد كلّ البعد عن حقيقة ومضمون لقائهما.