من الواضح أن الضغط لانتخاب رئيس للجمهورية، قد بات قراراً معلناً لدى واشنطن في الآونة الأخيرة، وهو ما تعكسه المواقف والبيانات الأميركية التي تشدد على دور ومسؤولية الأطراف السياسية المحلية في وضع حدٍ للتأخير في ملء الشغور في موقع رئاسة الجمهورية.لكن طبيعة هذا الضغط الأميركي، ورغم أنها غير محسومة، فهي قد تتنوع ما بين عقوبات أو إجراءات مالية واقتصادية بحق شخصيات سياسية وحزبية، تدور في فلك من تعتبرهم واشنطن “المعطلين”. لكن سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبارة، ينفي وجود أية مؤشرات على فرض عقوبات على أطراف لبنانية في الوقت الراهن رغم التهويل بها.
ويقول السفير السابق طبارة في حديث لـ”ليبانون ديبايت” إن كلام مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى بربارة ليف، عن “تفكير الإدارة الأميركية بفرض عقوبات على اشخاص يساهمون بالفساد في لبنان ويعرقلوت الإنتخابات الرئاسية”، قد أتى في سياق ردها على سؤال في الكونغرس، حول إمكانية اللجوء إلى هذا الخيار، وأكد أن ما من قرار بفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين، موضحاً أنها لا تستلزم تحضيرات وآليات قضائية بل إن رئيس الجمهورية الأميركي يستطيع وبـ”شحطة قلم”، إصدار قرار بالعقوبات.
وعن مدى فاعلية هذه العقوبات، لا ينفي طبارة أنها قادرة على وضع حدود لمسار سياسي معين للمستهدفين بها، كما حصل بالنسبة لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، الذي قطعت العقوبات الأميركية عليه، طريقه إلى رئاسة الجمهورية.
ولذا فإن تأثير أي عقوبات ليس فورياً، كما يضيف طبارة، ولكن ستكون لها تبعات طويلة الأمد، علماً أنها أصبحت روتينية وتتعلق في لبنان، بفرض عقوبات على فئاتٍ أربع كالآتي: مجموعات على ارتباط بـ”حزب الله”، وممولي الحزب، والمتحالفين مع الحزب من الصف الثاني، وصولاً إلى ممولي حلفاء الحزب.
وبالتالي لم يتم إدخال مجموعة جديدة على هذه المجموعات الأربع، وفق طبارة، الذي يشير إلى أن فرض عقوبات على معرقلي الإنتخابات الرئاسية، سيكون مساراً جديداً، وسيأتي على مستوى أعلى من المستويات المذكورة، مع العلم أن هذا الأمر ليس وارداً اليوم.
ورداً على سؤال حول الأسباب التي قد تستدعي فرض عقوبات، يقول طبارة إن ما يهم واشنطن هو عدم انفلات الوضع كما حصل في العام 1982 في لبنان، وليس أي سبب آخر كالأزمة الإقتصادية أو المالية أو الصحية أو الإجتماعية، ولذلك وطالما أن لبنان صامد ولم يصبح دولة مارقة وفُقدت السيطرة عليه، بمعنى أن سياسة أميركا اليوم تقضي بعدم انهيار لبنان، علماً أن المقاربة الأميركية، بدأت تتحول من عدم الإنهيار إلى الحديث عن ازدهار بعد 3 سنوات من الأزمة.
وعن مؤشرات هذا “الإزدهار”، يوضح طبارة أن الموقف الأميركي يلتقي مع الموقف السعودي بالتأكيد على أن إجراء انتخابات رئاسية في لبنان، سيفتح الباب أمام الدعم من البلدين.
وبالتالي يؤكد طبارة أن عواصم عدة وليس فقط واشنطن، بدات تعتمد لغة مختلفة مع لبنان، وهي تحمل مؤشرات على دعم لبنان للخروج من أزمته في حال تجاوب المسؤولون اللبنانيون، ولذا فإن الإهتمام الأميركي بالملف الرئاسي ليس جديداً، لأن الأميركيين “لم ينسوا لبنان” وهم يعلنون موقفهم في تقارير ديبلوماسية دورية عبر السفارة في واشنطن كما كان الواقع في السابق.