(وَفَرَّقَتهُمُ الحَربُ الأَهلِيَّةُ في لُبنانَ، العامَ 1975، حَيثُ بَقِيَ هو، وهاجَرَت هي مَعَ أَهلِها إِلى كَنَدا، وَهُناكَ تَزَوَّجَت واستَقَرَّت)
لَيلَى… وَيَأخُذُنِي الخَيالُ على جَناحٍ مِن حَنِينْ
وَمَضَت دُهُورٌ في الغِيابِ، وَبادَ عَهْدُ الياسَمِينْ
تَشتاقُ رُوحِي لِلِّقاءِ وَتَكتَوِي بِلَظَى الأَنِينْ!
***
ماذا جَرَى حَتَّى دَهانا الدَّهرُ، والقَدَرُ اللَّعِينْ
وَرَحَلْتِ في صُبْحٍ كَأَنَّ ضِياءَهُ الحَلَكُ الثَّخِينْ
فَالحَربُ بَينَ دِيارِنا قَدَرٌ يُخالِطُهُ الجُنُونْ
والكُلُّ يَحمِلُ رَبَّهُ وَشْمًا على السَّيْفِ السَّنِينْ
وَيَرُوحُ يَبْقَرُ ما يَطِيبُ لَهُ رِقابًا أَو بُطُونْ
وَيَقُولُ: هذا كَيْ أَصُونَ الشَّرْعَ بِاسْمِ المُرسَلِينْ
وَلِكَي نَظَلَّ أَعِزَّةً في الأَرضِ بِتْنا ثائِرِينْ
هذا لِسانُ الكُلِّ، يا رَبِّي، فَأَينَ يَكُونُ دِينْ
وَجَمِيعُنا أَو طاعِنٌ أَو في ظُلامَتِهِ طَعِينْ!
***
هَيهاتَ… يا أُختَ العُهُودِ البِيْضِ، وَالزَّمَنِ الحَنُونْ
لَو تَرجِعُ الأَيَّامُ، يَأخُذُنا الهُيامُ وَنَستَكِينْ
نَروِي حِكاياتٍ ذَوَتْ، وَنَرُودُ ماضِينا الدَّفِينْ
وَنَعُودُ عُصفُورَينِ نَقفِزُ مِ الغُصُونِ إِلى الغُصُونْ
تَحكِي الشِّفاهُ بِلا كَلامٍ، فَالكَلامُ مِنَ الجُفُونْ
وَسَرائِرُ العُشَّاقِ إِنْ كُتِمَتْ لَتَفضَحُها العُيُونْ!
***
هَل تَذكُرِينَ، حَبِيبَتِي، أَيَّامَنا، هَل تَذكُرِينْ؟!
وَالشَّوقُ يَكوِينا، وَجُرحُ القَلبِ نَزَّازٌ سَخِينْ
نَشدُو، وَنَطرَبُ، نَشتَكِي، نَرضَى، أَغارُ وَتَسأَلِينْ
وَأُدَبِّجُ الأَشعارَ، أَغزِلُ بِالحَبِيبِ، وَتَغزِلِينْ
وَلَأَنتِ لِلإِلهامِ يَحدُونِي، وَيكتُبُنِي، المَعِينْ
مِن خَمْرِكِ الصَّافِي أَعُبُّ، فَلا يَفِي ما تَسكُبِينْ
وَأَنا النَّهِيمُ إِلى السُّلافِ تَفْيضُ مِن فَمِكِ الأَمِينْ!
***
يا قُرَّةَ العَيْنِ انتَهَى نَيْسانُ، وارتَحَلَتْ سِنُونْ
وَغَزَتْ وُشُومُ العُمْرِ وَرْدَ الخَدِّ وَالفَمِ وَالجَبِينْ
وَتَكَدَّسَت في الصَّدْرِ أَثقالُ اللَّيالِي، وَالشُّجُونْ
وَغَدا الرُّجُوعُ مِنَ المُحالِ، وَأَقفَرَت تِلكَ الوُكُونْ
وَأَنا بِمِحْرابِ التَّذَكُّرِ مِنْ غَيارَى المُؤْمِنِينْ
أَطوِي خَيالَكِ في الفُؤَادِ ذَخِيرَةَ الوَجْدِ الكَنِينْ!
***
هانِي سَجِينُ الذِّكرَياتِ، أَعِيشُها بِشَجًا مُبْينْ
هِيَ ما تَبَقَّى بَعدَ أَنْ ضَمَرَ الغِوَى، وَخَوَتْ فُتُونْ
أَنا في كَآبَتِها أَلِيفُ هَوًى، وأَفكارٍ تَرِينْ
وَلَسَوفَ أَبقَى في جَواها شادِيًا، وَبِها ضَنِينْ
حُرًّا، طَلِيقَ الرُّوحِ، لَو أَبقَى بِقَبضَتِها سَجِينْ
حَتَّى يَحِينَ أَوانُنا… وَلِكُلِّ ما في الكَونِ حِينْ!