ما مصير 400 ألف موظف في القطاع العام؟

من الواضح أن ما من محاولات أو خطط قيد الإعداد لإيجاد حلول وإصلاحات تؤدي إلى لجم تبعات الإنهيار، وتضع خطة التعافي “المنسية” حكومياً على سكة التنفيذ، في ضوء التفكك الذي يصيب إدارات الدولة ومؤسساتها، وواقع تعطيل المرافق العامة والخدمات وإضراب الإدارة العامة، حيث أن أصواتاً بدأت ترتفع في أوساط الموظفين والأساتذة حول خطة خفية قد جرى إعدادها من أجل إعادة هيكلة القطاع العام وذلك بالإستناد إلى ما كان قد اشترطه صندوق النقد الدولي من خطوات لإعادة تنظيم القطاع أو خصخصة بعض المرافق أو ربما تصفيتها.

وما يعزز القلق والشكوك، يظهر من خلال تعليق العمل أو تراجعه في بعض المصالح والدوائر الرسمية وإقفال بعض المؤسسات لأسباب متعددة، حيث أن الباحث الإقتصادي أنطوان فرح، أكد أنه منذ ما قبل الإنهيار في العام 2019، كانت كل المؤسسات الدولية التي تتابع الوضع في لبنان، تنصح في تقاريرها، بعملية إصلاح وتطهير في مؤسسات القطاع العام لتصغير حجم هذا القطاع ليتماشى مع حاجات الدولة الحقيقية ولكي يتماهى أيضاً مع حجم الإقتصاد الوطني ومع الموازنة.


ويوضح الباحث الإقتصادي فرح ل”ليبانون ديبايت”، أن 35 بالمئة من حجم الإنفاق في الموازنة، كان مخصصاً لرواتب موظفي الإدارة العامة، واليوم بات من الصعب تقدير هذه النسبة في الموازنة وفي الإقتصاد، لأن لبنان يمر بمرحلة إنتقالية، على أن يستقر بعدها الوضع الإقتصادي وتبدأ خطة التعافي من أجل أن يُصار إلى تحديد حجم القطاع العام.
لكن هل من ترابط بين الواقع الحالي وبين خطة التعافي أو حتى “تصفية” القطاع العام؟

عن هذا السؤال يجيب فرح، بأن القطاع غير منتج و”لا يعطي مقابل المال الذي يُصرف عليه النتيجة المطلوبة”، ولذلك فإن كل الإقتراحات المستقبلية تنصّ على إشراك القطاع الخاص في إدارة القطاع العام، لأنه المشروع المجدي الواجب اعتماده.

واعتبر فرح أن إنشاء هيئة من القطاع الخاص لإدارة القطاع العام، سيتناول جزءاً من مؤسسات الدولة وبالتالي فإن القطاع العام هو بحاجة اليوم إلى ترشيق وتطهير، إذ أن الفائض في الموظفين في بعض الإدارات يقابله فراغ في إدارات ومؤسسات أخرى، ما يؤدي إلى تعطيلها.

وكشف فرح أن الفائض هو فقط في الإدارات التي تسجل فيها “زبائنية”، بعدما حصلت عمليات توظيف في مواقع غير مناسبة، وهو ما يستدعي إعادة توزيع للموظفين في القطاع العام من أجل سد النقص وملء الشغور والتخفيف من الزيادات ومن “التخمة” الموجودة وبالتالي تحقيق العدالة للموظف، وذلك بانتظار إقرار خطة التعافي التي ستحدد كيفية التعاطي مع جزء من القطاع العام في حال تقرر إشراك القطاع الخاص لإدارة جزءٍ من مؤسسات الدولة.

إلاّ أن فرح يستدرك هنا، بأنه لا بد من زيادة الرواتب لموظفي القطاع العام، لأن الإنتقادات التي توجه للزيادات، ليست في محلها لأن 400 ألف موظف في القطاع العام أصبحوا من الطبقة المسحوقة، ووضعهم الإجتماعي مزرٍ قياساً إلى قدرتهم الشرائية، وبالتالي لا بد من تحسين رواتبهم علماً أن الزيادات غير كافية ولكنها تتناسب مع قدرات الدولة حالياً ولكن يجب تحسينها في المستقبل تماهياً مع تحسن الوضع الإقتصادي والخروج من الأزمة.