“توتال” تُنجز عقود الحفر… “البساتنة” شركاء الفرنسيين في “قانا”!

تستمر محاولات “التبريد” السياسي التي تتولاها فرنسا في لبنان، سواء بشكلٍ مباشر عبر موفدين (آخرهم وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان) أو من خلال حراك سياسي – دبلوماسي تقوده في اتجاه المعنيين الخارجيين المباشرين بالملف اللبناني. وفي الأسباب، ما يتجاوز البعد السياسي الموضعي المحدد بإيجاد “مخرج” لمعضلة رئاسة الجمهورية وملحقاتها، نحو تأمين استقرارٍ ينسحب بمفاعيله على الإستثمارات الفرنسية في مجال الطاقة.

وفي غِمار الجلبة، تنشط شركة “توتال” في إبرام العقود ذات الصلة بحفر البئر الإستكشافية الأولى في حقل “قانا” الواقع ضمن البلوك رقم 9 الواعد، حيث التزام الشركة الحالي. لغاية الآن، أنجزت الشركة مجموعة عقود خدمات على صلة مباشرة بعمليات الحفر. ومن المرتقب أن ينجز الملف كاملاً في غضون نهاية شهر تموز المقبل، لتبدأ بعدها المرحلة الثانية بوصول الحفّار “ترانس أوشن برنتس” المكلّفة أعمال الحفر بموجب عقد بينها وبين “توتال”. في الطريق إلى ذلك، تقدمت الشركة الفرنسية من الوزارات المعنية في الدولة اللبنانية من خلال “هيئة إدارة قطاع البترول” بمشروع “رخصة الحفر” مرفقة بتقييم الأثر البيئي في الموقع المحدد للأعمال. ويتألف مشروع نموذج الرخصة، بحسب معلومات “ليبانون ديبايت” من 100 صفحة، توزعت بين ما هو إجرائي ويتعلّق بالمراحل التي ستسلكها عمليات الحفر وشروحات حولها، والشقّ التقني ويتعلق بالترتيبات والإحتياجات والمواد اللازمة لاستكمال العملية.

 

عملياً، شرّحت مصادر مطلعة على “ورشة” الحفر في قانا، طبيعة عقود الخدمات، وتتوزع بين تأمين خدمات أرضية وإدارة القاعدة اللوجستية، وتأمين المواد الخاصة بعملية حفر البئر والمحروقات والنقل والإسمنت والدراسات الخاصة بطبيعة البئر ومسائل أخرى تقنية معقّدة متّصلة بالحفر، وما إلى ذلك من قضايا، وهي تلت إنجاز الشركة في المرحلة السابقة مجموعة عقود خدماتية برّية ذهبت بمجملها إلى حصة شركات لبنانية، فيما العقود الحالية الجاري استكمال إنجازها، هي عبارة عن عقود خدمات ليس في مقدور الشركات اللبنانية تأمينها تبعاً لارتباطها مع عملية الحفر، ولكن يمكن لبعض الشركات اللبنانية أن تحظى بدورٍ مساهم غير أساسي.

وكشفت مصادر “ليبانون ديبايت”، أن أهم العقود المنجزة حتى الآن والتي باتت على طاولة “توتال” هي:

– عقود الهليكوبتر، والتي تتصل في الغالب بنقل طواقم العمل من اليابسة إلى المنصّة، فازت فيها شركة قطرية متخصصة في العمل على المنصات العائمة، تدعى Gulf helicopters، تشاركها شركة لبنانية كمساهمة.

– عقود البواخر، وهي مخصّصة لنقل احتياجات الشركة في عملية الحفر. وعلم “ليبانون ديبايت”، أن العقد لُزّم إلى شركة أجنبية تتعاون معها أخرى لبنانية، والهدف تأمين 3 بواخر، سيتم استئجارها من الخارج لعدم توفّرها في لبنان.

– عقود تأمين المحروقات للبواخر والحفارة. وبحسب معلومات خاصة، فازت فيها شركة Hypco التابعة للأخوين وليد وبهاء الدين البساتنة، المالكين لأكبر شركة محتكرة استيراد النفط إلى لبنان. وللمفارقة، فإن “توتال” التي روّجت سابقاً أنها “حريصة” على عدم إشراك شركات تحوم حولها شبهات أو ارتباطات سياسية، وافقت على تلزيم “البساتنة”، علماً أن “الأخوين” إرتبطَ اسمهما بعدة ملفات وصفقات تتعلق بالمشتقات النقطية، لا سيّما الملف الذي فُتح عام 2004 وقد جرى إثره تسطير بلاغات بحث وتحر بحقهما على خلفية عمولات وقضايا إثراء غير مشروع، تسبّبت بردود فعل كبيرة طالب على خلفيتها القضاء إستجواب وزير المال آنذاك فؤاد السنيورة كشاهد، إلى جانب تحقيقات تجريها منذ مدة النيابة العامة الإستئنافية في جبل لبنان حول شبهات تحول حولهما في ملف “الفيول المغشوش” الذي ضجّت به البلاد عام 2020.

– إدارة “القاعدة اللوجستية” وقد فازت بالملف شركة لبنانية، لم تصرّح المصادر عن إسمها، لكنها أكدت أن القرار جاء نتيجة تقدم الشركة بعرض مالي أفضل مقارنة بشركات أخرى من بينها شركات أجنبية.

– شركة Schlumberger الفرنسية وفازت بعقود تزويد خدمات TST وخدمات أخرى لها علاقة بالدراسة والإحصاء.

– شركة Halliburton الأميركية، وفازت بعقود Cementing “الإسمنت والتدعيم” ذات التركيبة المستخدمة عادةً في تصميم البئر. وستقوم بتزويد “ترانس أوشن” أثناء عمليات الحفر بمعدات التغليف المصممة هندسياً لوضع الإسمنت بشكل فعّال، وتحسين منطقة العزل لمنع فقدان السوائل وتحسين الضغط، إضافة إلى معدات ومواد كيميائية أخرى متصلة ببناء البئر.

إلى ذلك، شاع في لبنان إحتمال جدي حول بدء أعمال الحفر باكراً، أي خلال منتصف شهر آب المقبل، قبل المواعيد المحددة، والتي نصّت جميعها على شهر أيلول أو تشرين الأول المقبلين، وهو ما خالفته مصادر عليمة لـ”ليبانون ديبايت”، حيث أن الإتفاق المُدوّن في العقد الأساسي بين شركة “توتال” وشركة “ترانس أوشن” لا يُتيح للأخيرة بدء أعمال الحفر في 15 آب، وإن بلغت موقعها بشكل مبكر، لارتباط ذلك بأمور لوجستية أساسية، ولروزنامة مواعيد جرى التفاهم حولها والإتفاق عليها سلفاً.

ويحتمل في أعقاب هذه المعلومات، أن تلتزم الشركة “الحافرة” بتعهداتها. واتضح أن “ترانس أوشن” أنهت قبل مدة قصيرة أعمالها في بحر الشمال قبالة مملكة النروج، حيث كانت تعمل على حفر بئر إستكشافي يقع في منطقة البلوك 05c/206 غرب شتلاند لحساب المملكة المتحدة.

وبحسب النتائج، لم يتبين وجود إستكشاف في الحقل، ما دفع بالحفارة للمغادرة، حيث توجّهت صوب النروج وتجري هُناك عمليات صيانة. وبناءً على هذه المعلومات، يتوقع أن تُبحر “ترانس أوشن” باتجاه المياه اللبنانية وفقاً للمواعيد المحدّدة على “الروزنامة”، أي في النصف الثاني (أو الثالث) من شهر تموز، على أن تبلغ موقع الحفر في أواخر شهر آب المقبل.