رئيسَة التّحرير غادة الخَرسا

إستِهلال – أَشْعارِي مُغَمَّسَةٌ بِدَمي وَدُموعي …. للشاعرة د.غادة الخرسا

         

                            

وَحْدَهُ الشِّعْرُ جَدِيرٌ بِتَنَاوُلِ الْمَوْضُوعَاتِ الْكَبِيرَةِ وَسَبْرِ أَغْوَارِهَا. وَ الْقَائِلُونَ أَنَّ هَذِهِ الْمُهِمّةَ مَقْصُورَةٌ عَلَى النَثْرِ يُخْطِئُونْ .

فَالنَّثْرُ لِسَرْدِ الْمَوْضُوعَاتِ التَارِيخِيّةِ ،  لِلتَوْثِيقِ ، لِأَبْحَاثٍ إِجْتِمَاعِيَّةٍ ، لِعَرْضِ الْقَوَانِينْ ، لِتَوْضِيحِ أَفْكَارٍ عِلْمِيّةٍ .

أَمَّا الشِّعْرُ فَلُغَتُهُ التَلْمِيحُ لَا التَصْرِيحْ .

الشِّعْرُ فَيْضٌ مِنَ الشُّعُورِ  الْمُرْهَفِ بِالْجَمَالِ ، يَعْتَمِدُ الْمُوسِيقَى ،

مُوسِيقَى الشِعْرُ بِالنَغَمْ ، وَالرَسْمُ شِعْرٌ بِالْخُطُوطِ وَ الْأَلْوَانِ وَ الظِلَالْ.

الْإِنْسَانُ قَدِيمًاً ،  تَآخَى مَعَ الطَّبِيعَةِ، فَكَانَ يَنْطِقُ الشِّعْرَ تَلْقَائِيًّاً مُنْذُ نُعُومَةِ أَظَافِرِهِ .

وَمَنْ لَمْ يَنْطِقْ بِالشِّعْرِ يُعْتَبَرُ مُتَخَلِّفًاً، فَكَانَتْ الْمُجْتَمَعَاتُ تُقِيمُ الْإِحْتِفَالَاتِ إِحْتِفَاءً بِوِلَادَةِ شَاعِرٍ لَدَيْهَا.

 

 

 

بِتَنَاغُمِ الْإِنْسَانِ الْفُطْرِيِّ مَعَ الطَّبِيعَةِ، بِكُلِّ مَا فِيهَا مِنْ شَحْنِ جَمَالَاتٍ وَ عَطَاءَاتٍ،

يَتَنَاغَمُ مَعَ ذَاتِهِ الْمُضَمَّنَةِ الْوُجُودِ، مَا يُحَفّزُهَا عَلَى الصّلَاةِ وَ تَمْجِيدِ مُبْدِعَهَا الشّاعِرُ الْأَكْبَرُ ، الْمَنْثُورَةُ قَصَائِدُهُ فِي سائِرِ خَلَائِقِهِ،

تَبْدَأُ بِالذُّرّةِ وَ لَا تَنْتَهِي فَحَبَّةُ الرّمْلِ قَصِيدَةُ الصّحْرَاءِ ،قَطْرّةُ الْمَاءِ قَصِيدَةُ الْبَحْرِ ، النّهْرِ  ، وَ النّبْعِ ،

الزَّهْرَةُ قَصِيدَةُ التُرَابِ ، وَ الْكَوَاكِبُ قَصَائِدُ الْفَضَاءِ.

مِنْ هُنَا لَجَأَتُ إِلَى الشِّعْرِ، لِكَشْفِ مَا يَعْتَمِلُ فِي وِجْدَانِي مِنْ حَالَاتٍ رُؤْيَوِيّةٍ ، عَبْرَ الرُّمُوزِ وَ الْمَجَازَاتِ وَالِاسْتِعَارَاتِ، بِالْكَلِمَةِ الْمُجَنَّحَةِ ، وَ الْخَيَالِ  الْجَامِحِ، وَ الْعَاطِفَةِ الْجَيَّاشَةُ.

 

 الْعَاشِقُ يُعَبِرُ عَنْ عَوَاطِفَهُ بِالشِّعْر

 

يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ، هَلْ أَنْتَ حَبِيبِي؟ لَا فَأَنْتَ هَزِيّمَتِي وَ خَيّبَتِي

حَبِيبِي شَرَارَةُ تَجَدُّدِي رَجَّ غَفْلَتِّي وَ نَقَانِّي بِجَلَدَاتِ تَأْدِيِبَاتِهِ…

حَبِيبِي ، مَلَامِحُ مِنْ حَنَانٍ وَ آبْتِّهَالٍ، نَبْضُهُ شَوْقٌ يَنْسَابُ كَمَا الْخَيَالْ… يَذُوبُ عُصَارَةٌ فِي مُهْجّتَيْ، خَلَايَا حُبِّهِ مَصْهُورَةٌ فِي جِبْلَتّي، أَشْوَاقُهُ حَصَادُ سَرِيرَتِي ، هَمَسَاتُهُ مَعْصُورَةٌ مِنْ لَهْفَتِي ، وَ انْقِيَادُهُ يَقِينٌ مُطْمَئِنٌ فِي قَلْبِي…

أَيُّهَا الْإِنْسَانُ ،لَا تَقُلْ أَنْتَ حَبِيبِي! فَأَنْتَ هَزِيمَتِي وَخَيّبَتِي .

 

فَمَعَكَ هَبَطْتُ مِنَ الْأَعَالِي إِلَى زَنْزَانَةِ الْأَرْضِ إِلَى الْحَضِيضِ، إِلَى قَاعِ الْقَاعْ.

 

وَ مِنَ التّحْتِ، رُحْتُ اسْتُغِيثُ بِإِلَهِي الْحَبِيبِ الْحَقِيقِيِّ . وَ بِفَرْطِ حَنَانِهِ، اسْتَجَابَ لِي، الْتَقَطَنِيُّ، جَمْعَ أَشْلَّائِي، فَكَّ عَنّي أَغْلَالِي، وَ رَنَا إِلَيَّ قَائِلًاً  : أَمَا كَفَاكِ مَا عَانَيْتَ ؟ مَا تَأَلْمْتِ؟ تَعَالِيّ أَنَا وَحْدِي أُفْدِيِكِ وَ أُخْلِصُكِ.

إِلَهِي، كُلّمَا أَطْبَقَ عَلَيَّ فَخٌ ،وَ تَعَثّرْتُ فَوَقَعَتُ فِي حُفْرَةٍ مَا ، تَفْتَحُ لِي سَبِيلًاً لِلنَجَاةْ…

كُلَّمَا قَيّدُونِي بِالْأَغْلَالْ، وَ أَحْكُمُوا عَلَيَّ الْوِثَاقْ، أَتَلْمَّسُكَ فِي الظُّلْمَةِ تُضِيئُ لِي مِصْبَاحُ الْأَمَانِ.

وَعَبْرَ أَنِينِ أَوْجَاعِي،فَاضَتْ أَشْعَارِي مُغْمَّسَةً بِدَمِّي وَدُمُوعِي