آمال البيروتي طربيه
كتب عضو مجلس حزب الكتلة الوطنية اللبنانية الدكتور ربيع الحجي في موقع Jbeil Daily News:
يصادف يوم 10 أيار ذكرى وفاة العميد ريمون اده، وقد يكون السياسي الوحيد الذي أجمع محبّوه وأخصامه على نزاهته وشفافيته ووطنيّته التي لا غبار عليها.
ليس غريبًا أن نتذكّر العميد ريمون اده، نائب بلاد جبيل، هذا المحامي اللامع والمشرّع الفذّ.
لم يغب “ضمير لبنان” عن بالنا يومًا، فنحن في زمن نفتقد فيه لرجال الدولة، للمسؤول الصالح الساهر على مصالح المواطنين.
صحيح أنه كان مهووسًا بالديمقراطية إلى أبعد حدود، ولكنّي كم تمنّيت أن يكون ديكتاتورًا يحكم هذا البلد بمفرده على قاعدة “إرادتي هي الدستور”، ليتحوّل وطننا لبنان إلى زينة الأوطان.
تخيلوا معي لو أنَّ “اتفاق القاهرة” لم يوقّع، ولم تُدمّر الحرب اللبنانية “سويسرا الشرق”، ولم يخسر لبنان خيرة شبابه.
أترانا نذكر من صاغ قانون “السرية المصرفية” وقانون “من أين لك هذا؟” القانون الذي لو طبّق لما وقعت الخزينة في عجز، وكنّا أدركنا من نهب تعبنا وسرق جنى عمرنا وهجّر أبناءنا، بحيث بتنا تائهين في أصقاع الأرض.
ولو طبّق قانون “الأبنية الفخمة” بحذافيره، لما شهدنا هذه الفوضى العمرانية. ولو تمَّ تطبيق مبدأ الكفاءة في الوظيفة العامة ما دخلت “نيترات الأمونيوم” مرفأ بيروت ودمّرت العاصمة وسقط جراء انفجارها أكثر من 200 ضحية.
لن أعدّد كل القوانين التي وضعها العميد اده، لأنّي بذلك سأظلّ أكتب وأكتب إلى ما لا نهاية.
كان يعلم أنّه على حق، وهذا فقط ما أراد أن يُكتب على قبره. وهم اليوم يبكونه بكل وقاحة لأنهم استفاقوا على حقيقة ما ارتكبوا بحق الوطن وشعبه.
كثيرون حاولوا اغتيال العميد مرات ومرات جسديًا وفكريًا وسياسيًا. فهل يمحو الندم والغفران الأخطاء القاتلة؟
حاربتم العميد باسم الديمقراطية الميليشياوية، حذّركم أنكم تقتلون الوطن وها نحن اليوم نحتضر.
أتذكرون يوم دفن العميد، كيف تجمّعوا طمعًا بالإرث الكبير، وتعجّبت أين كانوا يوم حيكت المؤامرات لاغتيال “الكتلة الوطنية”.
ولعلني أستحضر ما قالته السيدة علياء الصلح مودعةً العميد لتشفي غليلي: “يا أهل الوطن يا سامعين الصوت يا أبناء لبنان، والحاضر يعلم الغائب إن العميد الضمير قد عاد. إنه ليس في حاجةٍ إلى دموعكم، لقد بكى كثيرًا عنكم وعليكم في ظلام الغربة وظلمها. ونسي أن يبكي على نفسه كي لا يضعف وكي يستمر في جهاده من أجلكم. إفتحوا النوافذ والأفواه أخرجوا عن صمتكم، أمطروه حبًا وأنسًا. لقد مات ساكن القصور مدلل الناس في وحشة الغربة وحيد الدار في مسكنٍ لا يسمى دارًا، غرفةٌ متواضعة لا يصلها المصعد ولا تصلها محبتكم. عوضوه بقولكم صباح التحرير يا عميد وقد بدأ. صباح الحرية يا عميد وسنبدأها معك غدًا”.
وبعد سيد الكلام، يعجز الكلام… لذا سأختم بما قاله عميد الكنيسة المارونية البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، الذي خالف البروتوكول وترأس صلاة الجنازة تقديرًا وامتنانًا واعترافًا بمكانة ريمون ادّه حيث قال: “رجل دولة، يستجلي المستقبل ببصيرة نافذة، مما جعل له وزن رئيس للجمهورية، ولكان جلس في دست الرئاسة الأولى لو تزحزح قيد أنملة عن ثوابته، أو ساوم للحظة على مبادئه، أو بدّل للمحة من اقتناعاته”…