توتّرت الأوضاع على الحدود الجنوبية للبنان مع إسرائيل بشكل مفاجىء يوم أمس الخميس، نتيجة عملية إطلاق صاروخ مضاد للدبابات من لبنان باتجاه الجانب اللبناني المحتل, والذي ادّى إلى رد إسرائيلي بأكثر من 15 قذيفة على المناطق الحرجية، إضافة إلى تهديدات جاءت على لسان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي أكّد بأن اسرائيل سترد في المكان والزمان المناسبين اللذين تختارهما. فهل تتدحرج الأمور إلى مواجهة بين اسرائيل ولبنان؟
في هذا الإطار يؤكد الباحث في الشؤون الامنية والسياسية العميد خالد حمادة, أن “التهديدات الإسرائيلية للبنان, بصرف النظر إذا كانت لحزب الله أو للحكومة اللبنانية, ليست مؤشراً على تصعيد أمني مرتقب”.
وفي حديث إلى “ليبانون ديبايت”, يعتقد حمادة أن “الظروف الموضوعية المحيطة بوضع الجنوب اللبناني لا تشكل مبرّرا أو مؤشراً على التصعيد, لافتاً إلى أن اللبنانيين قد اعتادوا هذه الحوادث , التي ليست اكثر من تقاذف للرسائل والبيانات “.
ويستغرب عودة موضوع قرية الغجر إلى الواجهة وكأنها احتلت بالأمس القريب, لافتاً إلى أن بناء السياج استغرق شهوراً, وبالتالي ما هو المبرر لوضع مسألة الغجر اليوم في الواجهة؟.
ويضيف, “من المفيد أن يعلم اللبنانيون ان ليس هناك شيء اسمه القسم اللبناني من قرية الغجر, فهي قرية سورية محتلّة منذ العام ١٩٦٧ وقد تمدّدت عمرانياً لتعتدي على الأراضي اللبنانية, وتحديداً على خراج قرية الماري, وأصبحت نصف منازلها وربما اكثر ضمن الأراضي اللبنانية, لذا يجب أن يدرك اللبنانيون, بأن ما يسمّى بالجزء اللبناني من قرية الغجر هو أراضي لبنانية تمّ التمدّد عليها من قبل سكان الغجر القرية السورية المحتلّة في ظل مواكبة إسرائيلية. وبمعنى آخر لقد استفادت اسرائيل من هذا التمدّد وسمحت به, ولكن الذين تمددوا هم مواطنون سوريون, وقد تمدّد الاحتلال الاسرائيلي معهم الى أطراف بلدة الماري “.
ويتابع, “الإعتداء والإحتلال الإسرائيلي كأمر واقع لم يقتصر فقط على المنطقة المأهولة , بل وضعت إسرائيل يدها منذ العام 2000 على جزء من الأراضي اللبنانية غير المأهولة بقوة الامر الواقع متسائلاً: “لماذا لا تتم المطالبة بالانسحاب من هذه القرية “.
ولماذا تعطى الاولوية لمزارع شبعا وتلال كفرشوباً؟ علماً أن مزارع شبعا هي موضوع خلاف لبناني سوري لم يتمّ إنهاؤه, في حين أن قرية الغجر هي قرية ليس عليها تحفظّ لا من لبنان ولا من اسرائيل, ولا خلاف حول لبنانيتها, غامزاً إلى وجود اتفاق تحت الطاولة بين النظام السوري واسرائيل عبر حزب الله, أو قبل ان يكون حزب الله موجود بهذه الفعالية في الجنوب اللبناني”.
وشدّد على أنه “وفق القرار 1701 ليس هناك أي مانع يحول دون انتشار الجيش اللبناني في المناطق غير المأهولة التي تقول اسرائيل عنوةً أنها جزء من الغجر , والحكومة اللبنانية قادرة من ضمن قرار الـ 1701 ومن ضمن المهمّة المعطاة للجيش أن تتخذ قراراً بنشر الجيش هناك حتى ولو أدّى ذلك إلى اشتباك مع العدو الإسرائيلي”.
وسأل: “لماذا لا يثار هذا الموضوع دبلوماسياً وسياسياً ولماذا يتقاعس لبنان عن المطالبة بحقّه دون أي تأخير”.
وأشار إلى “أن “التقاعس اللبناني بدأ منذ العام 2000 مع الترسيم الأول, في حينه كان الجيش اللبناني يسيّر دوريات في محيط المنطقة المأهولة, وكان الخلاف متى سينسحب أهالي القرية من الاراضي اللبنانية, الأن إسرائيل تحتل القسم المبني الذي توسّع, بالإضافة إلى عقارات تبلغ مساحتها بحدود الـ 500 ألف متر مربع غير مبنيةفي خراج بلدة الماري,, هذا هو واقع الامر في تلك المنطقة”.
لماذا أثير هذا الموضوع اليوم؟ أجاب حمادة: “ربمّا هناك نوع من التوازن الذي يريده حزب الله, وتريده اسرائيل على قاعدة تجاوز الخط الازرق من قبل حزب الله في مزارع شبعا ،والسؤال الذي يوجّه إلى حزب الله, لماذا لا ينصب مئات الخيم شمال قرية الغجر, عوض عن وضع خيمتين جنوب الخط الأزرق حيث هناك التباس على الحدود, وهذه مسألة تثير الإهتمام”.
وختم حمادة, بالقول: “هذه منطقة لبنانية وسيذهب لبنان قاطبة من شماله إلى جنوبه ليخيّم في هذه المنطقة المحتلة عنوة من دون اي مسوّغ قانوني. من جهة اخرى ربما يكون هناك نيّة إسرائيلية لتحويل هذه المنطقة إلى مزارع شبعا جديدة, ففي مزارع شبعا كان هناك احتلال اسرائيلي لأراض سورية, ثم بعد العام 2000 تمّ إلحاق هذه المناطق بالدولة اللبنانية, وتم تغيير الخرائط وأصبح لبنان يتحمّل وزر منطقة تم انتزاعها من الجيش السوري, ثم الآن تتمدّد هذه القرية السورية المحتلة لتأخذ حيّزاً من لبنان, وليصبح كذلك لبنان وكأنه يتحمّل وزر إحتلال لقرية سورية تمدّدت عبر الأراضي اللبنانية, في ظل الإحتلال الإسرائيلي وأمام تقاعس واضح من الدولة اللبنانية”.