*أسألك فتعلّمني.*… آمال البيروتي طربيه

*أسألك فتعلّمني.*

*البرُّ الذاتي، والادّعاء بأنَّنا على حق في كل ما نقوم به، والاتكال على فهمنا ورؤيتنا لمعالجة المشاكل التي*تعترضنا، هي من أخطر الأمور على حياة أولاد الرب، وعلى الذين لم يعرفوا يسوع بعد.*

*واقرأ معي ما أخبرنا بهِ أليهو، الذي أرسله الله إلى أيوب، لكي يتكلم معه في هذا الموضوع الهام:*

*”قلت: أنا بريء بلا ذنب. زَكِيٌّ أنا ولا إثم لي. هوَّذا يطلب علّيَ عِلَل عداوة. يحسبني عدوًّا له” (أيوب 33: 9-10)*.

*كما قال لهُ أيضًا:*

*”قلت: أنا أبَرُّ من الله” (أيوب 2:35).*

*هكذا كان كلام أيوب عن الله!!*

*ولدينا في العهد الجديد، كلام الرب الذي قاله لقوم واثقين بأنفسهم أنَّهم أبرار، ويحتقرون الآخرين:*

*”إنسانان صعدا إلى الهيكل ليُصلّيا، واحد فريسي والآخر عشّار. أمّا الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا: اللهمَّ أنا أشكرك إنّي لستُ مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشَّار. أصوم مرتين في الأسبوع، وأعشّر كل ما أقتنيه. وأمَّا العشَّار فوقف من بعيد، لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء، بل قَرَعَ على صدره قائلاً: اللهمَّ ارحمني، أنا الخاطئ. أقول لكم: أنَّ هذا (العشّار) نزل إلى بيته مُبرَّرًا دون ذاك (الفريسي)، لأنّ كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع” (لوقا 18: 9-14).*

*فلننتبه أحبائي ولنتعلَّم من كلمة الله. ولنطلب اليوم من الرب أن يحمينا من البرّ الذاتي، والادّعاء بأنَّنا كاملين، أو الادعاء بأننا قادرين أن نقود أنفسنا، ونتكل على ذراعنا البشرية وذكائنا، لأنَّ في ذلك خطورة كبيرة، وهذه الأمور تملأ حياة ناس كثيرين!! وتُثبت الإحصائيات، أنَّهُ أسهل بكثير على الناس الخطاة، أن يتوبوا ويشعروا بحاجتهم لقبول الرب في قلوبهم كمخلّص، أكثر بكثير من الذين يعتبرون أنفسهم أنَّهم أشخاص صالحين، ويقومون بأعمال صالحة، وليسوا بحاجة لشيء آخر، وهذا هو البرّ الذاتي الخطير.*

*أيوب جادل الرب كثيرًا، ومشكلة أيوب الأساسية كانت البرّ الذاتي، فقد كان أيوب يظنُّ أنَّهُ على حق في كل ما يقوم به.. وفي إحدى المرَّات قال لله:*

*”لا تستذنبني. فهّمني لماذا تخاصمني!” (أيوب 2:10).*

*بعد ذلك.. تكلّم الرب من العاصفة مع أيوب، من الإصحاح 38 ولغاية الإصحاح 41*

*وأفهم الرب أيوب مشكلته الحقيقية، شارحًا له الأمور بالتفصيل، وقال لهُ أمرًا هامًّا جدًّا:*

*”لعلَّكَ تُناقض حكمي، تستذنبني لكي تتبرّر أنت؟” (أيوب 8:40).*

*وبعد كلام الرب لأيوب، إنفتحت عيناه وقال للرب:*

*”قد نطقتُ بما لم أفهم. بعجائب فوقي لم أعرفها. أسمع الآن وأنا أتكلّم. أسألك فتعلّمني. بسمع الأذن قد سمعت عنك، والآن رأتك عينيّ. لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد” (أيوب 42: 3-6)*

*لتكن قلوبنا ببساطة، كقلب أيوب عندما تاب، وقال للرب: أسألك فتعلّمني.*

*لقد تخلَّى أيوب عن كل معرفة وتباهي شخصي، ولجأ للرب طالبًا منهُ أن يُعلّمه.*

*وكم نحتاج أن ننتبه عندما نمر بضيقات وتحديات، أن لا نلوم الرب أبدًاً.*

*نحتاج أن نرى الرب ونسمعه بالروح، وهذه ضمانتنا وحمايتنا، لكي نكون دومًا في مشيئة الرب: “الكلمة والروح.” الكلمة الخاصة التي يُرسلها الرب لنا، وإعلانات الروح القدس. وكلام أيوب كذلك كان عن اختبار، بعد حوار الرب معه: الآن رأتك عيناي!!*

*وما أجمل الكلام الذي قاله الرسول يوحنا بالروح* *القدس:

*”الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رأيناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته أيدينا، من جهة كلمة الحياة. فإنَّ الحياة أُظهرت، وقد رأينا ونشهد ونخبركم،* *بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت* *لنا” (يوحنا الأولى 1: 1-2).*

*تكلّم يوحنا أيضًا عن اختبار، سمع يوحنا الرب ورآه بعينيه ولمسته أيديه، فاستطاع أن يشهد ويُخبر عن الحياة الأبدية التي في المسيح يسوع.*

*ونتأمل بآية صغيرة أيضًا:*

*عندما جاء الكتبة* *والفريسيون بامرأة أُمسكت وهي تزني، قالوا ليسوع:*

*”موسى في الناموس أوصانا أنَّ مثلَ هذه تُرجم. فماذا تقول أنتَ؟” (يوحنا 5:8).*

*هم سألوه هذا السؤال لكي يُجرّبوه، أمًّا نحن فنريد من الآن وصاعدًا، أن نسأل الرب هذا السؤال:*

*ماذا تقول أنت؟

*قبل أي خيار أو قرار نريد أن نتَّخذهُ، لكي يقودنا الرب بالروح، فنكون محميين ومحفوظين في مشيئته. ودومًا لكي تكون الكلمة الأخيرة للرب!!*

*لنتأمل بهاتين الآيتين:*

*1- أسألك يا رب فتعلمني.*

*2- ماذا تقول أنتَ يا رب؟إتكل على أمانة الروح القدس في قيادته لك، وحمايتك من الوقوع في الأخطاء والمشاكل، فالرب هو من قال:*

*”وأمَّا المعزّي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يُعلّمكم كل شيء، ويُذكرّكم بكل ما قلته لكم” (يوحنا 26:14).*

*ويخبرنا سفر إشعياء بهذه الحقيقة الهامَّة جدًّا:*

*”لا يختبئ معلّموك بعد، بل تكون عيناك تريان معلّميك، وأذناك تسمعان كلمة خلفك قائلةً: «هذه هي الطريق.* *اسلكوا فيها حينما تميلون *إلى اليمين وحينما تميلون *إلى اليسار”*

*(إشعياء 30: 20-21).

هذا هو الروح القدس الذي قال الرب لنا أنَّه يُعلّمنا كل شيء، هذه هي أمانة الرب،* *أمانة الروح القدس، عندما نخرج عن مشيئة الرب، فهو على الفور يُسمعنا كلمة، لكي نُصحّح طرقنا.*

*إن كنا قد اخترنا خيارات خاطئة، ونعاني من نتائجها، وإن كنا قد خرجنا عن مشيئة الرب، أو كنَّا أمام طرق نحتاج أن نختار إحداها والأخطر إن كان* *لدينا كبرياء وتعالي، ولدينا برّ ذاتي كما كان أيوب والفريسي. ولا نُدرك أنَّ الخلاص من الهلاك الأبدي هو على حساب دم الرب يسوع.*

*تعال إلى الرب وقل له:*

*سامحني على كل ما ليس حسب قلبك في حياتي..* *ومن الآن وصاعدًا، أنا أريد أن أسالك فتعلّمني، وقبلَ قيامي بأي خيار، أريد أن أسألك: أمَّا أنت يا ربُّ فماذا تقول؟*