عودة: حبّذا لو يسير المسؤولون على خطى الكنيسة

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها المطران الياس عودة خدمة القدّاس الإلهيّ في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس.

وبعد قراءة الإنجيل المقدّس، ألقى العظة، وقال: حبّذا لو يحذو مسؤولونا حذو آباء المجمع الرّابع الّذين عالجوا مسائل كانت تواجه الكنيسة وأصدروا قوانين أحّدها قانوناً يمنع الرّشوة والحصول على المناصب والوظائف الكنسيّة بواسطة المال”.

وتابع عودة، “فقالوا: إن أجرى أسقفٌ سيامةً لأجل المال، وباع النّعمة الّتي لا تباع، أو عيّن لأجل المال أيّاً من الموظّفين، يتعرّض من يقوم بذلك، إذا ثبتت الواقعة بالبرهان، إلى خسارة رتبته الخاصّة. ومن سيم لا يحصل على أيّ فائدةٍ من سيامته أو ترفيعه الّذي حازه تجاريّاً، وليخسر الكرامة أو الوظيفة المكتسبة بالمال. وإذا بدا أنّ أحداً كان وسيطاً لأجل هذه المكاسب المخزية والمحرّمة، فليقطع هذا إذا كان إكليريكيّاً من رتبته الخاصّة، وإذا كان علمانيّاً أو راهباً فليحرم”.

 

وأضاف، “كم يبلغ عدد الموظّفين المحسوبين على الزعماء في بلدنا، ومنهم كثيرون لا يعرفون الطريق إلى مركز عملهم، ولا يقومون بأيّ عملٍ مقابل ما يتقاضون؟ الفساد المستشري في المؤسّسات العامّة بحاجةٍ إلى اقتلاعٍ من الجذور، لأنّه من غير المقبول أن يتحكّم أزلام الزّعماء بحياة النّاس، فيمتنعون عن تسهيل معاملاتهم من أجل تحصيل رشوةٍ، عوض السّهر على المصلحة العامّة”.

وذكر عودة، “الكنيسة لا تقتل ولا تعنّف لكنّها تدلّ على الخطأ وتؤدّب، فحبّذا لو يسير المسؤولون على خطاها، ويؤدّبوا كلّ من يتجرّأ على تجاوز القوانين وأذيّة الشّعب. التّهاون في المحاسبة أوصلَ كثيرين إلى الاستشراس، وقد عاينّا الأسبوع الماضي ما حصل مع الأطفال في إحدى الحضانات من تعنيفٍ وإيذاءٍ جسديٍّ ونفسيّ. كذلك، مَن سبّبوا كارثة المرفأ ما زالوا أحراراً وما زلنا ننتظر العدالة. أليس هذا ثمرة عدم المحاسبة الحقّة والعادلة؟”.

وسأل، “هل فقد إنسان لبنان إنسانيّته وترك لغريزته الحيوانيّة العنان؟ وإلاّ كيف يستطيع إنسانٌ سويٌّ تعنيف طفلٍ، أو السخرية من إنسانٍ ذي ضعفٍ، أو إطلاق الاتّهامات والإشاعات عن اخوةٍ له بسبب الحسد أو الحقد أو الانتقام؟ وكيف يستطيع قتل إنسانٍ بدمٍ باردٍ أو برصاصةٍ طائشةٍ أو بقصد إشعال فتنة؟”.

واستكمل “وكيف يستطيع كمّ صوت إنسانٍ يعبّر عن رأيه، والحدّ من حرّية صحافيّين يبدون رأيهم وقد خلقهم الله أحراراً؟”.

وأشار عودة الى، أن “كيف يتاجر إنسانٌ بصحّة أخيه الإنسان فيهرّب الدواء خارج الحدود بغية جني الأرباح، ثمّ يبيع المريض دواءً غير مرخّصٍ، وقد يكون غير نافعٍ، فيقضي على المريض عوض شفائه؟ وكيف لا تُعاقب السلطات المختصّة كلّ من يهرّب الدواء المدعوم من مال اللبنانيين من أجل كسبٍ ماديٍّ، وكلّ من يتاجر بالأدوية المزوّرة التي تؤذي، وقد تسبّب الموت؟ أليس هذا الفلتان وليد عدم المحاسبة؟”.

وأردف، “كيف تستهين دولةٌ بصحة مواطنيها عوض تأمين العلاج لهم؟ وهذا حقٌّ لهم وواجبٌ عليها. هل أصبح الفقير والمريض والمحتاج سلعةً رخيصةً أو حقل اختبار؟”.

وختم، “دعوتنا اليوم ألاّ ننسى أنّ الله يرى ويعرف مكنونات القلوب، وأن نكون أنواراً تضيء للجميع كما أوصانا الربّ في إنجيل اليوم، وأن نكرّم آباء كنيستنا، ونكون أبناء صالحين لهم، نسير على خطاهم نحو القداسة، ونهدي الآخرين نحو المحبّة الإلهيّة، ليس قولاً، بل فعلاً، لكي يرى الجميع أعمالنا الصالحة ويمجّدوا أبانا الذي في السماوات، آمين”.