لم تنته ترددات قضية الطفلة لين طالب إبنة الست سنوات، التي فارقت الحياة نتيجة عمليات اغتصاب متكررة أدت إلى إصابتها بنزيف حاد، خصوصاً وأن القضاء قد أوقف جدها ووالدتها، للإشتباه بضلوع الأول في الجريمة والثانية بالتستر عليها. فالقضية التي سجلت ردود فعلٍ بالغة الشدة والغضب لم ترتق إلى مستوى قساوة الجريمة بحق الطفولة، والتي حرّكت الواقع الإجتماعي كما الأمني والقضائي المعني بالطفولة وحماية الأطفال في لبنان، قد فتحت الباب على خروج العديد من الأطفال الذين يواجهون جريمة الإغتصاب عن صمتهم وتخليهم عن خوفهم، لتتصدر أخبار هذه الإعتداءت صدارة الإهتمام على صعيد المجتمع اللبناني الذي صُدم بهول الجريمة بحق لين كما بما يُسجّل من ارتكابات وانتهاكات بحق الأطفال في لبنان.
العدالة للطفلة لين طالب المظلومة، هي ما أجمع عليه اللبنانيون كما كل المتابعين للتحقيقات والذين رفضوا إقحام السياسة بالتحقيق أو تأمين الحماية للمرتكب عندما تثبت إدانته، كون الإغتصاب قد تحول إلى جريمة قتل يُعاقب عليها القانون، والذي يجب أن يكون حكمه على مستوى الجريمة، خصوصاً وأن العديد من المواطنين طالبوا وعلى مواقع التواصل الإجتماعي بعقوبة الإعدام للجاني.
ما هي العقوبة التي ينص عليها القانون في هذه الحالة؟ “ليبانون ديبايت” سأل عميد كلية العلاقات الدولية في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ ورئيس “جوستيسيا” المحامي الدكتور بول مرقص، فأجاب أن عقوبة الإغتصاب من قبل أصول القاصر، قد نصّت عليها المادة 506 من قانون العقوبات، المعدلة في العام 2017، على أن لا تنقص العقوبة عن 9 سنوات من الأشغال الشاقة إذا كان القاصر دون 12 عاماً، وأما عقوبة القتل قصداً الحاصلة على قاصر دون الخامسة عشرة من العمر، فنصّت عليها المادة 548 وهي الأشغال الشاقة المؤبدة.
لكن في حالة الإغتصاب والقتل الحاصلين معاً على قاصر دون الثانية عشرة من العمر، يستدرك العميد مرقص، فإن ارتكاب فعل جرمي واحد له وصفين جرميين، يُعتبر قانوناً، إجتماعاً معنوياً للجرائم وفق المادة 182 من قانون العقوبات، وعلى القاضي أن يحكم بالعقوبة الأشد، أي الأشغال الشاقة المؤبدة، المنصوص عليها في المادة 548 والتي تُعتبر من أشدّ العقوبات على الإطلاق.
في هذا الإطار يشير العميد مرقص، إلى أن تطبيق القوانين مرعية الإجراء، يساهم ولو على نحو غير مباشر في تفادي وقوع هكذا جرائم، إذ أنه استناداً إلى أحكام قانون حماية الاحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر رقم 422/2002، لاسيّما المادة 26 منه، لقاضي الأحداث دوراً كبيراً ومهماً جداً في تقصّي البيئة التي يعيش فيها الطفل، كما واتخاذ تدابير الحماية اللازمة تلقائياً في الحالات التي تستدعي العجلة، إلاّ أن المشكلة تكمن في الكثير من الحالات التي لا يتمّ الإخبار عنها.
ولذلك، وفق مرقص، يجب تفعيل دور النيابة العامة أكثر في هذا المجال لتقصّي وضع الأطفال الذين هم في خطر أو معرّضين لأذى داخل منازلهم، كما وتكريس عدد أكبر من المساعدين الإجتماعيين المختصين لهذه القضايا “حمايةً لأطفالنا ومنعاً لحدوث جرائم مروّعة كهذه بحقهم”.