“القوى الأمنية تُداري الوضع بما تيسّر”

من الثابت أن ما بعد حادثة الكحالة لن يكون كما قبلها، بعدما كشفت هذه الحادثة حجم الإحتقان في النفوس والتباعد في المقاربات، والتوتر في الخطاب الذي برز بشكلٍ خطير ويثير القلق عبر مواقع التواصل الإجتماعي، كما أن هذه الحادثة أظهرت التأثير الفعلي لانعدام الثقة والقواسم المشتركة بالتوازي مع خطورة استمرار الفراغ السياسي والمؤسساتي.

ويفرض هذا المشهد تحديات عدة أمام المعنيين من مرجعيات سياسية وأمنية وروحية، ولكن التحدي الأول الذي ظهر على سطح الأحداث، هو الذي واجهته القوى الأمنية التي تلقّت أكثر من رسالة في الكحالة، وليس فقط من قبل الأهالي الغاضبين، أبرزها أن الإنزلاق إلى الفتنة والتصعيد قد يكون وارداً عند أي حادثة سواء كانت مدبّرة أو مصادفةً.

 

فهل معادلة الإستقرار في خطر؟ يجيب وزير سابق، أن الوضع الأمني ممسوك من خلال الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، واحتواء تداعيات عدة إشكالات أمنية، قد سمح بتفادي “الأعظم”، من خلال الأمن الإستباقي من جهة، والقدرة التي تؤمّن سرعة الوصول إلى مكان الأحداث، علماً أنه وإذا عدنا إلى التقارير ما بين العام الماضي والعام الحالي، هناك سرعة في اكتشاف الجرائم، والنسبة أقلّ حتى اليوم في الجرائم مقارنة بالعام الماضي.

ولكن، رأى الوزير نفسه، أن الجيش يعتمد في هذه المرحلة البالغة الدقة، سياسة فن الممكن، أي أن تصرّفه في الكحالة كان جديراً بالإحترام، لا سيّما لجهة سوقه المضبوطات إلى النيابة العامة العسكرية، وفتح تحقيق في هذه الحادثة، ومن ثم إرساله إلى القضاء، هو الموضوع الأساس، إذ يجب أن لا ننسى أن الجيش وقوى الأمن هم ليسوا سلطة بحدّ ذاتهم، إنما هم أجهزة إنفاذ قانون، وهم تابعون للسلطة، التي هي اليوم في متاهة، بحيث أننا أمام حكومة مستقيلة، مكلّفة بتصريف الأعمال غير مكتملة الإنعقاد.

وبالتالي، أضاف الوزير ذاته، أن القوى الأمنية، “تداري الوضع بما تيسّر، والحِمل الكبير والمسؤولية على الجيش، وتجبره أن يتصرّف ضمن الإمكانات المتوفّرة، ليحافظ على الأمن بالتنسيق مع باقي الأجهزة، ولفت إلى أن الأميركيين كما عواصم القرار في المنطقة، الذين يستثمرون في تقوية وإبقاء السلطة والقوى العسكرية على جهوزيتها، يركّزون على عدم السماح بأن يكون هناك تفجير في أي ساحة، فالأميركيون يقدّمون الأمان عبر الجيش والقوى المسلّحة، والتنمية عبر المساعدات التي تصل إلى البلديات وإلى القوى الأمنية.

وفي المقابل، يستبعد الوزير السابق، أن يورّط “حزب الله” نفسه بصراعات داخلية في أي منطقة أو أي مكان، ويؤكد “لست خائفاً على الأمن الذي سيبقى مستقراً، وكل ما يحصل هو فقط تداعيات لحوادث ممكن أن يتم ضبطها بنوع من تبويس اللحى الذي اعتدنا عليه”.