جرس الإنذار الذي أطلقه حادث الكحالة، والذي أتى في لحظة غير محسوبة، قد وضع كلاً من “حزب الله” والمعارضة، أمام مسؤولية التعاطي مع حجم الأزمة السياسية والإجتماعية من خلال انتخاب رئيس الجمهورية ووقف الإنهيار المتسارع بعد عشرة أشهر على الشغور الرئاسي.
فالأزمة الرئاسية طالت والإهتراء بلغ مستوى متقدماً بينما الإستقرار المالي، وبالحد الأدنى الحالي، لن يصمد طويلاً، وانتظام عمل المؤسسات لن يتحقق إلاّ بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وفق ما يؤكد الكاتب والمحلل السياسي نبيل بومنصف، الذي يحذر من أن تحصل الإنتخابات الرئاسية، على “الحامي”، وفي ظروفٍ أمنية إستثنائية أو حدثٍ أمني خطير.
ويحذر المحلل بو منصف في حديثٍ لـ”ليبانون ديبايت”، من الوضع العام المهترىء في كل المجالات ومن انهيار الأمن الإجتماعي معتبراً أن لبنان بات بلداً بلا دولة، والسلطة فيه ممسوكة من قبل فريق يرفض الإعتراف بالواقع.
ويحذر بو منصف من الإهتراء في لبنان والذي قد يأخذ البلاد اعتباراً من أيلول، إلى مكان بالغ الخطورة، خصوصاً وأن الفراغ الرئاسي مرشح لأن يستمر وما من توجه أو قرار بأي إصلاح أو معالجة سياسية أو مالية أو إقتصادية.
وفي هذا السياق، يعتبر بو منصف أن حادثة الكحالة قد كشفت وضع لبنان وحجم الأزمة السياسية بعد أشهر من الفراغ الرئاسي وبعد عقودٍ من الإنهيارات. ويشير بو منصف إلى أن نقل السلاح يتمّ بشكل يومي وفي كل المناطق لان “حزب الله” يمتلك مشروعيةً وشرعيةً من الحكومات المتعاقبة التي أعطته الحق بالتصرف كمقاومة في لبنان، وقد اعترف بأن شاحنة ذخيرة تابعة له تعرضت للإعتداء في الكحالة.
إلاّ أنه وجد أن هذه الحادثة قد أتت في موقع شديد التوهج، وشكّلت اختباراً غير محسوبٍ وكانت نتائجه مفاجئة وغير متوقعة، وكشفت مناخاً معارضاَ وعدوانياً ضد الحزب في بيئة معينة، وقد عبّرت عنها، علماً أن هذا المناخ قد يكون موجوداً في بيئات أخرى ولكن لا يتم التعبير عنه.
ومن ضمن هذا السياق، يعتبر بو منصف، أن “الإحتقان قد سبّبه الحزب في بيئة لبنانية، وعبّرت عنه هذه البيئة في هذا الحادث، لكن ردة فعل الحزب وبياناته وطريقة تعاطيه مع الحادث، كانت أخطر من الحادث نفسه، لأنه رفض أن يشاهد الواقع الشعبي الفعلي على الأرض”. ولذا يقول بو منصف إنه بعد حادثة الكحالة، “لن يكون منطقياً أي حوار، لا يطرح أولوية الإستراتيجية الدفاعية، لأن نزع السلاح وهم ولا أحد يستطيع نزعه ولو تجمّع كل اللبنانيين على ذلك”.
وعليه، يرى بو منصف إنه كان من الواجب تنظيم عملية نقل السلاح، ولو بالحد الأدنى على الطرقات الدولية، والتنسيق مع الجيش اللبناني، علماً أن مثل هذا القرار هو من مسؤولية السلطة السياسية.
وعن ردة فعل الحزب، فينتقدها بو منصف لأنها “تعطي المصداقية لكل المتطرفين في لبنان ويعزز حجة الذين يطالبون بالفدرالية علماً أنني غير مقتنع بالفدرالية وما زلت”.
ويشدد بو منصف على أن “ما من طرف داخلي يريد الفتنة او يسعى إلى الحرب وما من غطاء خارجي للحرب، ولكن الخطر يأتي من الحرب الباردة في الخارج، لأن لبنان ساحة تُنفذ فيه الصراعات المكتومة في المنطقة، وبالأمس شهدنا صفقة إيرانية وأميركية بدأت بالرهائن، وتنتهي بالنووي بعدما بدأت إيران بتخفيض مخزونها من اليورانيوم”.