لا تزال السلطة السياسية تبحث عن مخرج لإيجاد حل لأزمة تأمين رواتب القطاع العام والإيرادات اللازمة لتمويل إنفاقها قبل نهاية شهر آب الجاري، في ظل رفض مصرف لبنان إقراض الحكومة أي دولار من التوظيفات الإلزامية وهي المبالغ المودعة لديه من قبل المصارف بصورة إلزامية، ويجب أنن تشكل اليوم 14% من حجم الودائع بالدولار المحلي.
يعتبر خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد فحيلي، أنّه “بإمكان الحكومة أن تغطي مصاريفها التشغيلية من الإيرادات المتوفرة لديها، وهي ليست بحاجة إلى الإستدانة من مصرف لبنان. على المدى القريب وفي حالة الضرورة، تستطيع الحكومة إستخدام ما تبقى من حقوق السحب الخاص، والحل يجب أن لا يكون بذهاب الحكومة بإتجاه الإستدانة من مصرف لبنان لأن قوننت إستعمال الاحتياطي الإلزامي او عدمه لايخفف من الآثار السلبية التي قد تنتج من إستنزاف هذه السيولة الجاهزة بالعملة الأجنبية. لذلك على الحكومة اليوم الإهتمام بإقرار وتنفيذ الإصلاحات الضرورية”.
ويوضح فحيلي في حديثٍ “ليبانون ديبايت”، أنّ “المشكلة تبقى في مدى جدية السلطة السياسية بمقاربة موضوع الموازنة والتعاطي معه، فاليوم لا يوجد أي إنفاق إستثماري في الموازنة وكل ما نجده في مشروع موازنة 2023 هو إنفاق تشغيلي، رواتب وأجور وغيرها، كي تتمكن الدولة من تقديم الخدمات الأساسية التي يحتاجها الشعب اللبناني”.
ويُشيرإلى أنّه “الجميع يعلم أن هناك إيردات كافية لكي تستطيع الدولة تغطية هذه المصاريف التشغيلية،وعندما تلجأ الحكومة الى تُحضّير الموزانة، الخطوة الأولى تكون دائماُ تحديد حجم وطبيعة النفقات لأنه هناك خدمات أساسية يجب أن تقدمها الدولة للمواطن بغض النظر عن حجم الأيرادات، ومن بعدها تنظر في موضوع الإيرادات وكيفية تأمينها”.
ويُضيف: “إذا أردنا التحدث عن دفع الرواتب والأجور بالليرة اللبنانية، فإن هذا الأمر سيسبّب إضطرابات نقدية لأسباب عدة. أولاً، بعد التعديلات التي أدخلت على الرواتب والأجور، هل تتوفر السيولة لدى المصارف ليتمكن المستفيد صاحب الدخل الحصول على راتبه وفق ما يريد وليس وفق ما توفر من سيولة لدى المصرف؟ قد نشهد توترات في فروع المصارف إذا تعذر توفر الرواتب غب الطلب. ثانياً، صرف الرواتب نقداً سوف يؤدي إلى إرتفاع الطلب على الدولار وخصوصاً أن هناك جزء كبير من موظفي القطاع العام لا يداومون في مراكز عملهم والسبب واضح كما نعلم هو أنهم وجدوا مصدر رزق آخر وقد يكون لديهم رفاهية تخزين جزء من دخلهم بالعملة الني تحظى بالقسط الأكبر من الثقة، الدولار الأميركي. إضافة إلى ذلك، ضخ الأوراق النقدية من خلال دفع الرواتب والأجور يوفر مساحة إضافية للمضاربين وقد ينتج عن ذلك إرتفاع بسعر صرف الدولار في السوق الموازي”.
وينبّه الخبير فحيلي، من أنّ “طريقة دفع الرواتب والأجور قد يكون لها تداعيات سلبية على سعر صرف الدولار، وضغوطات تضخمية إذا كانت بالأوراق النقدية وبالعملة الوطنية عكس ما شهدناه في الأشهر الماضية. لتفادي هذه التداعيات السلبية يجب العمل على تمكين المصارف من العودة إلى تفعيل العمل بوسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي، من بطاقات دفع وشيكات وتحويل، للتخفيف من ضرورة التداول بالكاش”.