لأوّل مرة… الكشف عن ملابسات هروب كارلوس غصن من اليابان!

طفت على السطح مجددًا قصة هروب رجل الأعمال اللبناني كارلوس غصن من اليابان، بصدور وثائقي جديد سيعرض في الـ 25 من آب الجاري ويروي تفاصيل مثيرة عن فراره.

ويعاين الوثائقي، الذي سيعرض على “آبل تي في بلس”، مسيرة تحول غصن من قطب أعمال عالمي إلى هارب دولي، حيث ستتابع حلقاته مسار رجل الأعمال اللبناني الفرنسي البرازيلي، الذي تحول من بطل قومي في فرنسا واليابان إلى هارب دولي، من خلال مقابلات مع غصن نفسه والرجال الذين ساعدوه في الهرب، ومجموعة من الشخصيات الرئيسة داخل شركة “نيسان” والنظام القضائي الياباني.

وقال شون ماكلين، المؤلف المشارك لفيلم “Boundless”، الذي يستند إليه فيلم “مطلوب: هرب كارلوس غصن”، وهو سلسلة وثائقية مكونة من 4 حلقات: “لن يتذكر معظم الناس مهارات غصن التجارية. ما سيتذكرونه هو كيف هرب نفسه من اليابان”.


وأضاف ماكلين، “إذا كانت المزاعم ضده صحيحة، فقد حصل على 50 مليون دولار من نيسان. كان كارلوس أحد أبرز المديرين التنفيذيين لشركة السيارات في جيلنا. لقد خاطر بإرثه من أجل المال”.

ويصر غصن على أن “نيسان” حاكت مؤامرة ضده، واعتقلته السلطات اليابانية في 19 تشرين الثاني 2018 في أحد مطارات طوكيو أثناء محاولته دخول البلاد. ودخل السجن في مرتين بعد توجيه تهم له، ثم تم الإفراج عنه ووضعه تحت الإقامة الجبرية. وقد أنفق أكثر من 10 ملايين دولار لتغطية الكفالة.

وكان غصن محتجزا في منزل بطوكيو، تحت حراسة مشددة، وتم منعه من الاتصال بزوجته. وراقب حراس الأمن كل تحركاته، لكن ذات يوم غادروا عندما وصلت الصحافة، حيث كان لديه تصريح صحفي مزيف، فاستغل الفرصة وهرب.

وكان غصن يخشى صدور حكم بالإدانة أو سنوات من الغموض في التقاضي. ومن خلال الاتصالات العائلية، تم تجنيد مايك تيلور، العسكري السابق في القوات الخاصة الأميركية، ونجله بيتر، للتخطيط لهروب غصن.

واستغرقت عملية التهريب 6 أشهر من التخطيط، استعان فيها المهربان بشخص ثالث يدعى جورج أنطوان زايك، والذي بفضله دبرت عملية التهريب من خلال تجاوز أمن المطار، عبر مرفأ للطيران الخاص في مطار كانساي، حيث تخضع الأمتعة التي لا يمكن تمريرها عبر جهاز الفحص الأمني هناك للتفتيش اليدوي، غير أنه يجوز للطيار أن يلغي هذا الفحص.

وقال مخرج الفيلم الوثائقي، جيمس جونز: “مايك تيلور مظلوم حقا، ربما أحب التحدي. إن إخراج أبرز المجرمين من اليابان يشبه تسلق جبل إيفرست”.

وفيما يتعلق بخطة الهروب، قال تيلور في الفيلم الوثائقي: “كنت بحاجة إلى اكتشاف نقاط الضعف. نظرت إلى ما يمكنني استخدامه كميزة وما يمكن أن يحدث خطأ. إذا كنا سنأخذه إلى لبنان، فهناك طريقتان للخروج: عن طريق البر أو البحر. لكن كان شهر كانون الأول وكانت البحار قاسية”.

وأضاف، “كان الجو هو الخيار المتبقي. سلطات الجمارك لا تفحص الحقائب في طريق الخروج من اليابان، لأنهم قاموا بفحصهم في الطريق. كانت هذه نقطة ضعف يمكننا الاستفادة منها. أردت وضعه داخل صندوق”.

طرح إخراج غصن من منزله الخاضع للمراقبة مشكلة أخرى. واكتشف غصن أنه عندما تأتي وسائل الإعلام للتحقق من وضعه يختفي المرافقون، فاستغلوا تلك الثغرة ونظموا لقاءًا صحفيا مزيفا حتى يتمكن غصن من الفرار.

تلقى تيلور المعلومات عبر خط هاتف لا يمكن تعقبه خوفا من أن يكون هاتف منزله مراقبا. وفي 29 كانون الأول 2019، هبط في أوساكا على متن رحلة قادمة من الولايات المتحدة، وكان لديه 3 صناديق آلات موسيقية مصنوعة حسب الطلب.

وكما كان متوقعا، تم فحص الصناديق في الطريق، وسجل تيلور دخوله لأحد فنادق أوساكا قبل الانتقال إلى فندق جراند حياة في طوكيو.

ومع قيام الصحفيين بفتح المجال أمام غصن عن غير قصد، هرب من منزله دون أن يلاحظه أحد. والتقى تيلور في الغرفة 933 من فندق حياة. وبعد فترة وجيزة، مع ارتداء غصن قناعا، كان الأمر شائعا في اليابان حتى قبل كورونا، ونظارات شمسية وقبعة، استقل الرجلان قطارا إلى أوساكا.

وفي غرفة الفندق هناك، تم وضع غصن في صندوق كبير، 48 بوصة × 30 بوصة × 24 بوصة، مع ثقوب هوائية محفورة في الواجهة. وقال تيلور في الوثيقة: “لم يكن هذا مختلفا عن العملية العسكرية. كنا بحاجة للدخول إلى اليابان والخروج منها في يوم واحد”.

وبمساعدة بيتر نجل تيلور، تم نقل غصن إلى مطار أوساكا الخاص. ولجعل الأمور تبدو عادية، وضع مايك تيلور غيتارا فوق غصن.

وبينما كان آل تيلور وغصن يتصببون عرقا بسبب الهروب، أطلق المسؤولون في المطار النكات. وقال أحدهم لمايك: “يجب أن يكون لديك امرأة جميلة جدا في هذا الصندوق”.

وبعد تأخير هدم الأعصاب، تحركت الطائرة وصعدت العجلات. قال مايك تيلور: “لقد أخرجته من اليابان، وابتسم من الأذن إلى الأذن”.

ما وصفه غصن بـ “المهمة المستحيلة” أصبح المهمة قد أنجزت، حيث تم إيصاله إلى موطنه لبنان، الذي ليس لديه سياسة تسليم المجرمين. لكن سرعان ما انتشر الخبر بأن غصن كان هناك. وعقد مؤتمرا صحفي وصرح “لم أفلت من العدالة. لقد نجوت من الظلم”.

ولم يكن غصن ينوي مغادرة لبنان. ومع ذلك، عاد آل تيلور إلى أميركا التي سلمتهم إلى اليابان، وكانت العقوبة هناك للمساعدة في الهروب، سريعة وشديدة.

قدم مايك وبيتر إقرارا بالذنب، وتلقيا حكما بالسجن مدته عامين و20 شهرا، وقال مايك: “لم أسمع شيئا عن كارلوس طوال الوقت الذي كنا فيه في السجن. إذا أنقذ شخص ما حياتي، فسأفعل كل ما بوسعي لمساعدته”.

وأضاف، “قضيت 17 شهرا في الحبس الانفرادي بدون حذاء، أصبت بقضمة صقيع، كما أنه لم يسمح لي بممارسة الرياضة. كان عملي في السجن هو تمزيق قطع صغيرة من الورق. أصابتني بثور دموية، لقد كانت لعبة نفسية”.

وردا على سؤال في الفيلم الوثائقي للتعليق على مأزق تيلور، قال غصن: “لقد عرفنا منذ البداية ما هي المخاطر التي تنطوي عليها عملية مثل هذه”.

وتم جر كارول زوجة غصن إلى هذه القضية، عندما أرسل لها تيلور رسالة نصية لطلب مساعدتها في الحصول على مليون دولار.

وفي الفيلم الوثائقي، يدعي مايك تيلور أنه أنفق “أكثر من مليون دولار من الرسوم القانونية المستحقة، ناهيك عن أنه لم يتم الدفع له بخصوص تدبير العملية”.

وأضاف، “إنه شخص جاحد للجميل، لقد أنقذت حياته، ماذا سأفعل حيال ذلك؟”، حتى أن تيلور تواصل مع زوجة غصن: “لقد أرسلت رسالة نصية تقول: ما خطب زوجك؟ كيف لا يدفع؟، لكنها لم ترد”.

وعندما سئل عما إذا كانت “قصته مع كارلوس قد انتهت”، أجاب تيلور بشكل غامض: “لا. لم تنته بعد”، وأضاف: “أنا صديق رائع. أنا صديق حقيق مخلص. لكنني عدو عظيم أيضا”.