“رئيس الحكومة يتحمّل المسؤولية

ليست المرة الأولى التي يلوح بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالإعتكاف، وبأن تصبح الحكومة في عداد المؤسسات الدستورية “المعطلة”، وكأنه لا ينقص الساحة الداخلية، إلاّ أزمةً جديدة تُضاف إلى الأزمات الحاضرة من الثابت، وعنواناً سجالياً ودستورياً يُضاف إلى مجموعة العناوين الجدلية في زمن الفراغ الرئاسي.

فهل يستطيع الرئيس ميقاتي الإعتكاف أم أنه يهدد النواب الذين قاطعزوا جلسة تشريع الضرورة والوزراء الذين قاطعوا جلسة إقرار موازنة العام الحالي؟ وهل يعتكف رئيس الحكومة وتواصل الحكومة تصريف الأعمال؟


الأكيد، وفق الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك، أن الحكومة الحالية تصرِّف الأعمال بالمعنى الضيّق عملاً بأحكام الفقرة 2 من المادة 64 من الدستور وموضوع الإعتكاف أو عبارة الإعتكاف غير واردة في الدستور ولا تعتبر من المفردات المعتمدة في الدستور، إنما هي عبارة عن موقف سياسي يترجم بانقطاع عن العمل من قبل رئيس الحكومة.

ويؤكد المحامي مالك في حديثٍ لـ “ليبانون ديبايت”، أنه، ولجهة المسؤولية، فمن الثابت والأكيد أن رئيس الحكومة ولو كانت حكومة مستقيلة، يبقى يتحمّل المسؤولية ويتوجّب عليه الإستمرار في تحمّل هذه المسؤولية حتى تشكيل حكومة جديدة، وبالتالي، فإن أي انقطاع عن العمل أو أي اعتكاف، وبحال نتجت عنه أية أضرار، فإن من يتحمّلها هو رئيس الحكومة، كون موضوع الإعتكاف أمراً غير وارد، وهو أمرٌ يناقض المصلحة العامة ووجوب استمرارية المرافق العامة.

أما لجهة مصير الحكومة إذا نفّذ ميقاتي تهديده بالإعتكاف، يشير مالك، إلى أن الحكومة تبقى تصرِّف الأعمال بالمعنى الضيّق، ويحق لكل وزير أن يستمر في تصريف الأعمال في شؤون وزارته كل في ما خصّ الإدارة التابعة له.

وبالنسبة لانعقاد جلسات لمجلس الوزراء، يوضح مالك، أن مجلس الوزراء لا ينعقد إلاّ بدعوة من رئيسه، وفي حال كان منقطعاً عن العمل، فذلك سيسبِّب ضرراً أكيداً بالمصلحة العامة وسيرتِّب المسؤولية على رئيس الحكومة المعتكف، أو المنقطع عن العمل.

وعن التلويح بورقة الإعتكاف، يرى مالك، أنه “ثابت على أنه مبدئياً يستعمل هذه العبارة أو هذا الموقف، للضغط على الوزراء الذين ينقطعون عن حضور مجلس الوزراء من جهة، وأيضاً على المجلس النيابي الذي يرفض الإجتماع كون مجلس النواب حالياً هو هيئة ناخبة وليس هيئة تشريعية، ولكن اليوم مهما كانت الأسباب، إن كان الضغط على الوزراء أو المجلس النيابي أو أخذ موقف سياسي، فهذا لن يغيِّر في الأمور بشيء، سيرتِّب مسؤوليات بحقّ رئيس الحكومة وهذا يدخل ضمن إطار الإخلال بالواجبات الوظيفية، الأفعال الممكن ملاحقته بشأنها أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ما يمكن أن ينتج عن هذا الموقف من مسؤوليات ممكن أن تكون موضوع ملاحقة جزائية أمام المرجع القضائي الصالح.