(إِلى كُلِّ مُغامِرٍ في حَوْماتِ الخَطَرِ، لِهِوايَةٍ تَمَلَّكَتْهُ)
يا صاحِبِي، وَمَغانِي العُمرِ تَندَثِرُ، وَلَيسَ مِن عَودَةٍ إِذ لَفَّنا السَّفَرُ
يَمضِي الشَّبابُ، وتَمضِي كُلُّ بارِقَةٍ، ولا تَؤُوبُ لَنا أَيَّامُنا الغُرَرُ
والدَّهر لا يُمهِلُ السَّاهِينَ عَن فَرَحٍ، ولا يَعُودُ إِلى إِشراقِهِ الزَّهَرُ
فَاملَأْ كُؤُوسَكَ راحًا، عِندَ نَشوَتِها يَهفُو الفُؤَادُ، ويَشدُو بِالهَوَى الوَتَرُ
وابْسِمْ لِإِطلالَةِ الصُّبحِ البَهِيِّ، وَعِشْ دَلالَ غَيْداءَ إِذ يُومِي لَكَ الحَوَرُ
سَيَضحَكُ الفَجْرُ إِمَّا جِئْتَ مُبتَسِمًا، وَمِلْءُ أَنفاسِهِ نَوْرُ الرُّبَى العَطِرُ
رَأَيتُكَ، اليَومَ، لا يَثنِيكَ عَن هَدَفٍ، رَسَمتَ في نَزَقٍ مِن ضَلِّكَ، الخَطَرُ
ماذا أَرَدتَ مِنَ الدُّنيا، ونِعمَتِها، تُزرِي بِها، وجَفاكَ الخَوفُ والحَذَرُ؟!
تَمشِي على الشَّوكِ مُختارًا فَهَل نُذِرَت رِجلاكَ لِلشَّوكِ، أَم ما بَعدَهُ الوَطَرُ؟!
خَفِّفْ، صَدِيقِي، فَلَن تَرقَى إِلى نُجُمٍ، يَفنَى الفُؤَادُ، إِذا أَصرَرْتَ، والبَصَرُ
واقطِفْ غِياضَكَ آن الجَنْيُ في خَضَلٍ، وانعَمْ بِنَوَّارَ حِينَ الوَرْدُ مُستَعِرُ
دُنيا وَتَرحَلُ، إِن نَلحَقْ بِمَوكِبِها، نَنَلْ نَداها، وَإِلَّا فاتَنا الظَّفَرُ
نَصِيبُنا مِن عَطاياها سَوانِحُ، إِن أَغفَلتَها ذَرَّها، في رِيحِهِ، القَدَرُ
كُلٌّ عَلَيها، إِذا أَمعَنتَ في نَظَرٍ، فانٍ، وَيَبقَى سَناءُ اللهِ يَنتَشِرُ*!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* في هذا البَيتِ نَظَرٌ إِلى الآيَةِ الكَرِيمَة: ﴿كُلُّ مَن عَلَيهَا فَانٍ. وَيَبقَى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرَام﴾ (القُرْآن الكَرِيم، سُورَةُ الرَّحمَن، الآيَة 26)