أقامت رعية حدشيت، برعاية البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، حفل افتتاح الاديرة التي تم ترميمها: دير الصليب، القديسة شمونة، مار بهنام، مار انطونيوس البادواني ومار آسيا، بعد إنجاز تأهيلها من منظمة اليونسكو ومن ضمن مشروع إعادة تأهيل وتثمين وادي قاديشا المدرج على لائحة التراث العالمي، بمشاركة وزيري السياحة والثقافة في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار ومحمد وسام المرتضى، السفيرة الايطالية في لبنان نيكوليتا بومباردييري ومديرة مكتب اليونيسكو الاقليمي في بيروت كوستانزا فارينا، وفي حضور النائب السابق جوزيف إسحق ممثلا النائبة ستريدا جعحع، النائب جورج عطالله، النائب ويليام طوق، والمطارنة: جوزيف نفاع بولس الصياح وحنا علوان، رئيس اتحاد بلديات قضاء بشري ايلي مخلوف ورؤساء بلديات ومخاتير والأهالي.
وكانت كلمة لوزير الثقافة قال فيها: “نحن هنا على شفى الوادي المقدس في حضرة التاريخ المتأصل في وجداننا حضوراً متمادياً. لذلك اسمح لنفسي ان اقول يا صاحب الغبطة، شيئاً من التاريخ اخلص منه الى ما نعيشه في واقعنا اليوم دون ان اسيء الى احد. يحكي التاريخ يا صاحب الغبطة، أن أوروبا القرون الوسطى كانت تغلي شعوباً واوطاناً في طلب الحرية حتى بلغتها بعد الثورة الفرنسية ذات الشعار حرية مساواة اخوة”. وأضاف المرتضىى، “في الوقت الذي كانت فيه الامم الاوروبية تتصرف فيه، يا صاحب الغبطة، الى منح مواطنيها حق التمتع بمختلف انواع الحريات، كانت اساطيلها تغزو البحار والمحيطات وكان جنودها يحتلون البحور والقارات في اميركا وافريقيا وسفوح آسيا ويستعبدون شعوبها ويستغلون خيراتهم في سبيل رفاهية الاوروبيين. في ذلك الزمن، يا صاحب الغبطة، كتب شعب من المؤمنين سفراً من الحرية في هذا الوادي مضمونه لا غزو اراضي الآخرين واستلاب خيراتهم بل الالتصاق بالارض حتى آخر رمق يراق على صخورها”.
وتابع، “ومن معانيه ايضاً، الغوص في الإيمان ومنعرجات الروح تسامياً الى ملء الفضائل بالحياة النسكية والرهبانية والاجتماعية المستقيمة. هذا كان غوص ذلك الشعب المؤمن. لم يغص في لجج البحار ومناجم الخيرات الارضية لاحتكارها وتكديس الثروات. وكان لهذه الجماعة ان تكبر وتكبر لتنضم إليها جماعات سواها قادمةً الى هذه الارض من حيث اضطهدت طالبةً الحرية حتى كان ان ائتلف الساحل مع الجبل ونشأ هذا البلد العظيم الكبير رغم ضيق مساحته فضاءً باللقاء على قيم الحرية والخير والحق والجمال الحرية”. وأردف، “إذاً، ليست بضاعةً نستوردها من الخارج او تدخل نظامنا المعرفي والثقافي بالتهريب. فالحرية هي حقيقة عيشنا كلبنانيين ولكن علينا التنبه كما يقول احد علماء الاجتماع الى انها تختلف صورتها بين قوم وآخر رغم تشابه مناظرها احياناً وذلك تبعاً لحاجة الناس اليها ولما درجوا عليه من تقاليد وعادات”. وإستكمل، “ليس رغبتي ان اقدم محاضرة عن الحرية، ولكن اود ان اقول هنا بحضوركم يا صا حب الغبطة في حدشيت بجوار الوادي المقدس، لأقول لهم وهم الذين يطرقون قيمنا بمطرقة الحرية ان الشعب البناني بأغلبيته الساحقة وبإجماع قياداته الروحية، يرفض ان تتسرب الى مجتمعنا افكار هدامة لا تأتلف مع تاريخه وثوابت معتقداته والحالات المرضية التي خلفها يتلطون بإلغاء ما يجرّم الشذوذ ولكن كأي جرم آخر او خطيئة أخرى والقضاء اللبناني يتعامل مع هذه الحالات بما يتلاءم مع الظروف الخاصة بها من ضمن القوانين النافذة والمعاهدات المرعية الاجراء”. وأضاف “أما ما يسعى إليه أولئك الساعون فلن يوصل قطعاً الى المعالجة بل كفرض هذه الحالات كأمر واقعي على أبناء المجتمع كافة. وهذا حتماً لن يصير لأننا حريصون على سلامة مجتمعنا وعلى رسوخ مفهوم العائلة كثروة اجتماعية مقدسة لا بديل عنها”. وتابع، “أما عن مناسبة ترميم الاديرة في هذا الوادي المقدس، فالحقيقة التي ينبغي أن أشهد لها بلا تردد في حضرتكم يا صاحب الغبطة، أن السفارة الايطالية في بيروت كانت ولا تزال تعمل بدأب على نشر قيم التلاقي واهتمامها بالموروث الثقافي اللبناني من غير تسويق بين المنتمي الى الحقبة الرومانية التي تركت لدينا آثاراً عديدة وبين ذاك الذي يشكل ثروة معرفية للإنسانية جمعاء كهذا الوادي المقدس او المتحف الوطني وغيرهما من المواقع الأثرية في مدن وبلدات لبنانية عديدة وهذا العمل الجاري تحت إشراف سعادة السفيرة الصديقة ومتابعتها الحثيثة. وأردف، “يؤكد يا صاحب الغبطة متانة علاقات الصداقة بين ايطاليا ولبنان ورسوخ التعاون والتنمية مع الدولة الايطالية والشعب الايطالي وهو نموذج يجب ان يسود بين الدول بدلاً من سياسة الفرض والاحتلال والحصار والعقوبات”. بدوره، قال وزير السياحة: “منذ اكثر من سنة اطلقنا السياحة الدينية والحج الديني في حديقة البطاركة وعلى درب من دروب لبنان درب مار بشارة بطرس الراعي”. واعتبر نصار أن “منطقة بشري واهدن وقاديشا والوادي المقدس هي من اجمل المناطق واروعها بشعبها وثقافتها وتراثها العريق”. واستشهد نصار بكلام السفيرة الايطالية بأن في كل 2500 متر مربع من لبنان موقعا اثريا وتراثيا”. وقال نصار: “أعتقد ان في لبنان مواقع كثيرة. وان السياحة الدينية مستدامة لأن المعالم الدينية لا تتغير. فإذا حصل زلزال يعاد إعمارها ونظل نتذكر انه كان يوجد كنيسة او جامع. فوزارة السياحة ستدرج هذه المواقع. واليوم سوف ندرج خمسة مواقع وسنعلن عنها لاحقا”. وأضاف: “إنه في 27 و 28 من الشهر الجاري يصادف الشهر العالمي للسياحة وهذه السنة تستضيفه المملكة العربية السعودية في الرياض وسنكون مشاركين بصورة فعالة وسيعقد اجتماع في السفارة اللبنانية في حضور وزير السياحة السعودي والامين العام لمنظمة السياحة العالمية في 26 من هذا الشهر وسنستعرض رؤية لبنان 20- 30 اسوة ب 20-30 المملكة وسنعرض المقومات اللبنانية بعيداً عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي نعيشها والرؤية هي لعشر سنوات للأمام. ونتمنى ان لا نبقى في هذه الازمات”. وتابع، “وكما قال ولي العهد بأن هناك اتحاد اوروبي نأمل ان يكون اتحاد عربي وان يكون هناك خارطة سياحية عربية ويكون هناك تواصل وتبادل. وكما تسمعون ان في السعودية العلى والدرعية واليلاين والربسي، نحن نملك مقومات أكبر من المملكة العربية السعودية ورغم كل قدراتها المالية والمخزون لديها فعندنا الانسان والثقافة واللغة والخدمات”. ةأردف، “ففي هذه السنة استقبل لبنان حوالي المليوني سائح ودخلت كتلة نقدية تجاوزت العشرة مليارات دولار. وما معنى ان يدخل سواح اوروبيون الى لبنان أكثر من السواح الخليجيين؟ هذا شيء لا نتمناه. وبموقع لبنان الجغرافي يجب ان نكون في صلب الحلول وليس على الهامش. وهذه دعوة الى النواب والسياسيين الموجودين معنا بأن لبنان يجب ان يكون جزءا من الحل. وبالتفاهم نستطيع ان نضع لبنان على الخارطة العربية والاقتصادية. فالأخوة العرب بحاجة لنا أكثر مما نحن بحاجة لهم”. وفي الختام، كانت كلمة للبطريرك الراعي الذي اعتبر أن “الله اهدانا هذه الارض الجميلة”. وتابع الراعي ، “أتكلم اليوم حاملاً معي ثلاث كلمات هي: الجذور والجمال والثقافة. هذه هي الزوادة التي نأخذها معنا الى بيوتنا. وقبل ان اشرح، لا بد من اشكر معكم السفيرة الايطالية ومن خلالها الحكومة الايطالية وتحديداً وزارة الخارجية التي لديها برنامج التعاون من أجل النمو والذي تولى كل هذا العمل في الوادي المقدس”. وشكر الراعي “ما قاموا به من ترميم في الوادي المقدس. ونشكر ايضاً اليونيسكو على تسهيلها للأعمال التي حضرّت للسفارة الايطالية والتي امنّت هذه التغطية المالية الكبيرة. كما أوجه معكم التحية الى مؤسسة الآثار في لبنان التي لها الدور الخاص في هذا الموضوع”. وأردف، “وأود أن أصارحكم أنه لا يزال في القلب جرحان: الجرح الأول الوادي الذي يوصلنا الى وادي قنوبين والذي يتعذر عليه وصول الكبار في السن والمعوقين علماً انه يقال قياس ثقافة شعب اهتمامه بالمعوقين فهم لا يستطيعون الوصول الى وادي قنوبين ورؤية جماله. فمنذ وصولي الى سدة البطريركية وانا انادي بهذا الامر ولم يتحقق الجرح الثاني ان قنوبين ليست مكاناً أثرياً فقط بل هي قرية يسكنها أناس وليس لها طريق”. وأضاف، “كيف نستطيع الوصول الى هؤلاء الناس اذا أصابهم أي مكروه؟ يموتون في أرضهم. فهذه بلدة لبنانية فيها شعب ومختار ويحق لهم ما يلزمهم مثل باقي المواطنين. لقد حملنا العودة الى الجذور من خلال الكنائس التي ترممت. جذور تاريخية وثقافية في هذه المنطقة. لذلك، لا نخاف طالما أن الأرزة تعبر عن ثباتنا وعدم اقتلاعنا. ويجب علينا الحفاظ على هذه الأرض وغيرها في كل المناطق طالما ان الله سبحانه وتعالى أرادنا عليها وفيها”. وإستكمل، والكلمة الاخرى هي الثقافة: وهنا أشكر وزير السياحة على إدراج الكنائس الخمسة من ضمن التراث العالمي السياحي. كما اشكر اليونيسكو التي ادخلت الوادي ضمن التراث العالمي. وأعتقد أن فرحة معالي وزير الثقافة كبيرة عندما يرى أن الثقافة محمية على كامل الارض اللبنانية وهكذا نفتح بلدنا لكل الناس في العالم كي يتنعموا بهذه الجمالات التي شاهدناها. جمال جذور وثقافة يعلموننا ان تكون أعمالنا مبنية على هذه الركائز الثلاثة الاساسية”. وتابع الراعي: “أما لأهالي حدشيت فأقول لهم: مبروك. وأهنئهم من كل قلبي على هذا الإبراز لهذه الكنائس الخمسة وهم يعيشون جذورهم الدينية الرفيعة وهي تفتح المجال لىسياحة واسعة على ارض حدشيت. وهذا يقتضي من مجلس بلدية حدشيت استقبال السواح الذين يتوافدون ليشاهدوا جمال الكنائس. لقد شاهدنا كل هذه الترميمات وتحدثنا عن الجمال الذي شكل هندساتها. ونحن في هذه الليلة، نعيش ليلة جميلة، ليلة ثقافية جذورية”. وتوجه البطريرك في النهاية، بالشكر الى السفيرة الايطالية ومديرة مكتب اليونيسكو على “التعاون الوثيق مع الوزارات المعنية وتمويلها من أجل إبراز السياحة الدينية”. |