جِئْنا، وَلَيسَ كَما نَشاءْ، فَنَسِيجُنا طِيْنُ انتِهاءْ
نَطوِي الدُّرُوبَ بِشَوكِها المُدْمِي، وَأَرجُلُنا حَفاءْ
وَتَدُورُ دَوْرَتُنا، وَكُلُّ مَسِيرَةٍ لَئِلا انقِضاءْ
هذا هو الزَّمَنُ الَّذي وَشَمَ المَعابِرَ بِالتِواءْ!
***
لكِنَّنا في غَمْرِهِ لَم نَستَكِنْ، وَبِنا رَجاءْ
فَلَقَد نَذَرنا أَن نَجِدَّ، وَنَترُكَ الأَثَرَ المُضاءْ
تَحدُو أَمانِينا الكِبارَ عَزِيمَةٌ فِيها مَضاءْ
جِئْنا قَضاءً، بَيْدَ أَنَّا لَنْ نَمُرَّ كَما الهَواءْ
لا… ثُمَّ لَن نَرضَى بِأَن نَحيا وُجُودًا مِن جُفاءْ
نَأتِي المُقامَ نُحِيلُهُ رَوْضًا يُجَلِّلُهُ البَهاءْ
نَغدُو… فَنَبنِي عِندَ جَفْنِ الشَّمسِ أَروِقَةَ الضِّياءْ
فَلَكَم نَهِلْنا مِن عَطاياها فَوَفَّينا الجَزاءْ
إِنَّا زَرَعنا في الرِّقاعِ رُؤًى وأَحلامًا وِضاءْ
نَبَتَت حُرُوفًا مِن رَفِيفِ اللهِ أَمرَعَ في العَراءْ
وَكَما نَهَشُّ لِبَذلِنا، فَالغَيْرُ يَملَؤُنا اشتِهاءْ
إِمَّا تَسامَى في العَطاءِ، نَرُوحُ نُشبِعُهُ ثَناءْ
نَحنُ الَّذِينَ تَهُزُّنا في القَدِّ زَوْبَعَةُ الرُّواءْ
وَيُثِيرُنا فَيْضُ البَهارِ على مُدَلَّلَةِ البِناءْ
وَكذا نَهُلُّ مَعَ الرَّبِيعِ وزَهْرِهِ بَعدَ الشِّتاءْ
وَالمَرْجُ بُرْدُ مَفاتِنٍ، والطَّيْرُ تَصدَحُ بِالغِناءْ
وَشْيُ الطَّبِيعَةِ فَيْضُ رَبٍّ حِبْرُ رِيشَتِهِ سَخاءْ
آياتُهُ في النَّمنَماتِ، وفي الحَفِيفِ لَهُ حُداءْ!
***
إِنَّا إِذا سَكِرَ اليَراعُ فَإِنَّ سَكْرَتَهُ ارتِواءْ
فَالطِّرْسُ حَقْلُ سَنابِلٍ، نَوْرٌ، وَأَظلالٌ وَماءْ
وَخَمائِلٌ ماتَ الهَجِيرُ على مَناكِبِها الرِّواءْ
تَسرِي القَوافِي طَوْعَنا، وَتَرُوحُ تَهزَجُ مِ انتِشاءْ
ما اعتادَ مِنَّا الحَرْفُ غَيرَ مُفَلَّذاتٍ مِنْ عَلاءْ!
***
هِيَ مَرَّةٌ، نَأتِي فَنَعبُرُ كَالشِّهابِ مِنَ الجِواءْ
ماذا يُفِيدُ عُبُورُنا، إِن لَم يُبَدِّدْ في الخَواءْ
بَعضَ الظَّلامِ عَرا مَغانِينا، وأَمعَنَ في الثَّواءْ؟!
لَيسَ الوُجُودُ بِحَجمِهِ، بَل بِالإِجادَةِ في الأَداءْ
بِالبَدْعِ يَزرَعُ في الرَّتابَةِ أَنْجُمًا بَرَقَتْ سَناءْ
بِيَراعَةٍ تَجلُو الجَمالَ، وتَملَأُ الدُّنيا عَطاءْ
لا… لَن نَمُوتَ كَأَنَّنا كُنَّا هَباءً في هَباءْ
سَنُغادِرُ الدُّنيا وفي خُطُواتِنا المَثَلُ السَّواءْ
أَرَجٌ يَضُوعُ على المَدَى، شُهْبٌ تَنَزَّلُ مِن سَماءْ!