إطلالة لبنان على المصارف العربية من خلال اجتماع إتحاد هذه المصارف يشي بأن الأمور قابلة لسلوك إيجابي لا سيّما ما نقل عن الإتحاد بموضوع عقد مؤتمر له في بيروت لدعم المصرف المركزي والمصارف اللبنانية، في ظل الإجراءات التي بدأ حاكم المصرف بالإنابة وسيم منصوري بتطبيقها أهمها رفض إقراض الدولة والمحافظة على استقرار سعر الصرف بدون المساس بالاحتياط. فهل يمكن البناء على ما خرج من اجتماع اتحاد المصارف؟
يؤكد الباحث الإقتصادي الدكتور محمود جباعي أن المؤتمر كان ناجحاً من المنظور العام والخاص بلبنان، حيث استعرض حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري الإجراءات التي يقوم بها في الموضوع النقدي وكيف قام بفصل السياسة النقدية عن السياسية المالية وكيف أمّن وحافظ على رواتب القطاع العام دون المساس بالإحتياطي وبدون ترك آثار سلبية على سعر صرف الدولار في لبنان.
واطلع المؤتمرين، كما يقول جباعي، على كيفية المحافظة على 8,6 مليار دولار وهي أموال المودعين، وهو ما اعتبره إتحاد المصارف العربية شيئاً إيجابياً في الإصلاحات النقدية وهو عمل جدي، وأثنى على هذه السياسة.
ويلفت إلى أن الإتحاد اعتبر كل هذه التدابير أمر إيجابي من إصلاحات متكاملة من قبل مصرف من جهة والمصارف من جهة أخرى والدولة من جهة أخرى أيضاً.
ويوضح أن ما عرضه أمام الإتحاد من الخطوة التي بدأها باعتماد منصة بلومبرغ فإن الأمر لاقى ترحيباً لا سيّما أن هذا الأمر من شأنه أن يحد من عمليات تبييض الأموال في لبنان، لا سيّما أنه مطلب دولي لصندوق النقد وصندوق النقد العربي أيضاً.
ووفق هذه الإجراءات تحمّس أعضاء الإتحاد لعقد مؤتمر في لبنان لدعم القطاع المصرفي اللبناني والمصرف المركزي تحديداً، في وقت قريب، وهو ما يشجّع على العودة للعمل بين المصارف اللبنانية والعربية وبين المصارف المركزية العربية والمصرف المركزي اللبناني.
وإذ اعتبر جباعي أن هذا الأمر خطوة متقدّمة نحو الأمام, لأن لبنان اليوم لا مناص له سوى التعامل مع أشقائه العرب وعودته إلى الحضن العربي وتعاونه سياسيا واقتصاديا مع الدول العربية.
ويوضح أن المدخل إلى حل الأزمة الاقتصادية هو بعودة العرب للاستثمار في لبنان في القطاع المصرفي وقطاعات أخرى.
أمام هذه الإيجابية العربية هناك سلبية تمثّلت بتعثّر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فماذا تحمل الأيام المقبلة؟ ينبّه جباعي إلى أن مطالب صندوق النقد في بعض جوانبها غير قابلة للتنفيذ لا سيّما ما يخص أموال المودعين، فهو راعي خطة شطب 70 مليار دولار من أموال المودعين فالحكومة أو الخبراء أو المسؤولين وحتى الناس لا يمكن أن تقبل به.
لكنه يشدّد على أن الإصلاحات الأخرى التي يطالب بها الصندوق بما يخص الاقتصاد من كهرباء وبنى تحتية وهيكلة القطاع المصرفي والعلاقة بين المصارف والمصرف المركزي مع الدولة إضافة إلى الكابيتال كونترول والسرية المصرفية نوعاً ما هو أمر ضروري, ولكن لا يمكن القبول بكافة الشروط من أجل 3 مليار دولار على أربع سنوات فيما الموسم السياحي لوحده يدخل الى لبنان ما قيمته 3 أو4 مليار دولار.
الا أن جباعي يعتبر أن التعاون مع صندوق النقد مدخل للحلول لأنه يشكّل إعادة ثقة بالبلد, لا سيّما لناحية الرقابة التي سيضطلع بها على المشاريع، إلا أن المشكلة الأساسية مع صندوق النقد تبقى اليوم في موضوع شطب أموال المودعين.