مقاربة خطرة… شرّان قد يطيحان بمؤسسة الجيش!

عاد موضوع تعيين رئيس لهيئة الأركان في الجيش اللبناني ليتصدّر المشهد في مقاربة خاطئة إن من السياسيين أوالإعلاميين لهذا الموضوع الحسّاس، ما ينمّ عن جهلٍ لدى هؤلاء بقوانين وزارة الدفاع.

وإذ تعتبر مصادر معنيّة بالموضوع، أن هذا الطرح هو خارج السياق المنطقي والقانوني لسبب رئيسي أن العلّة الأساسية أمامه تكمن في أمر أساسي، هو أن حكومة تصريف الأعمال لا تملك صلاحية التعيين ولم تتمّ تغطيتها من الأفرقاء المشاركين بها لإجراء أي تعديل في إطار التعيينات.

وهنا، يستوجب التذكير بما سبق لصاحب الوعد الصادق الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله، أن أعلنه في 12 أيار في خطاب له أنه ضد تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي وضد تمديد ولايته، ليعود أيضاً في ذكرى التحرير على تأكيد هذا الموقف بحسم الجدل عبر تأكيده أن حكومة تصريف أعمال لا تملك صلاحية التعيين والعزل دستورياً”.

وعلى هذه القاعدة لم يتمّ التمديد أو تعيين البديل لكل من اللواء عباس إبراهيم، أو حتى رياض سلامة، بل جرى تطبيق ما ينصّ عليه القانون، وهو ما سيتمّ تطبيقه في حالة قائد الجيش جوزاف عون، أو في حالة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في أيار 2024 إذا استمر الشغور.

وتكشف معلومات لـ “ليبانون ديبايت”، أن وزير الدفاع موريس سليم، حاول في السابق استباق الفراغ في المناصب الأمنية من خلال اقتراحٍ تقدّم به، يقوم على تعيين من يخلف قائد الجيش أو غيره في المناصب الأمنية، على أن يتولّى هؤلاء المنصب عند إحالة الضباط المعنيين إلى التقاعد ليصبح بإمكان الحكومة السير بهذا التعيين بدون عراقيل.

وتعبّر المعلومات، عن سخطٍ لدى المعنيين من كيفية مقاربة الأمور في حال إحالة العماد جوزاف عون إلى التقاعد، التي تؤكد حجم الخطر الذي يحيط بالمؤسسة العسكرية، لا سيّما أنها تتحدّث عن تمرّد وعدم التزام ضباط من الجيش بأوامر أي شخص يتمّ تعيينه ما لم يكن رئيساً للأركان، معتبرةً أن أصحاب الرأي هذا يقومون بالتحريض والترويج للتمرّد داخل الجيش، والذي يرقى إلى مستوى الجرم الذي يحاسب عليه القانون، لا سيّما أنه ليس هناك من معلومات مؤكدة عن التمرّد في حال لم يتمّ تعيين رئيس أركان، وبالتالي لا أحد يملك الحق بترويج مثل هذه الأفكار لا في السياسة ولا في الجيش، لأنها نظرية مدمّرة يحاسب عليها القانون.

ولا تُخفي المعلومات أن وزير الدفاع موريس سليم مستعد على ما يبدو للذهاب إلى تعيينات كاملة وليست جزئية تتعلّق بكافة المناصب الشاغرة في المؤسسة العسكرية، من قيادة الجيش التي تشغر مطلع العام، إلى رئاسة الأركان بعد إحالة اللواء الركن أمين العرم إلى التقاعد، والمفتشية العامة مع إحالة اللواء الركن ميلاد اسحق إلى التقاعد أيضاً، والمديرية العامة للإدارة في الجيش بعد إحالة اللواء الركن مالك شمص على التقاعد.

لكن ذلك يحتاج وفق المعلومات إلى توافق سياسي، وفي حال أقدمت الحكومة على تعيينات شاملة، فإن ذلك يكون السبيل الوحيد لإعادة عجلة العمل لوزارة الدفاع وكافة المؤسسات التابعة لها، والتي تتكامل مع بعضها البعض.

وهنا تلفت المصادر، إلى أن حكومة تصريف الأعمال إذا كانت تملك كما يُروّج صلاحية تعيين رئيس أركان، فهي حتماً تملك صلاحية تعيين قائد للجيش.

وترد باستغراب على مقولة إن الحكومة لا يمكنها تعيين قائد للجيش بظل الشغور الرئاسي، بالقول: ألا يسري الشغور ذلك على بقية المناصب الشاغرة؟ ولماذا يتمّ ربط الرئاسة بالمناصب المارونية الشاغرة فقط لا سيّما أن رئيس الجمهورية رئيساً لكل الطوائف، والدليل أنه لا يتمّ انتخاب الرئيس من الطوائف المسيحية فقط.

لذلك، فإن الممكن في مكان ما سيكون ممكناً في مكان آخر، أي تعيين رئيس أركان يعني إمكانية تعيين قائد للجيش.

وتلفت المعلومات، إلى أمر بالغ الخطورة وربّما سها عن بال كثيرين، وهو أن تعيين رئيس أركان جديد اليوم ليتولّى منصب قائد الجيش، سيؤدي حتماً إلى شلل المجلس العسكري لوجود لواءين في هذا المجلس أعلى رتبة من رئيس الأركان لجهة الأقدمية، وهو سيعطِّل حتماً عمل المجلس ويدخل مؤسسة الجيش بمشكل كبير، يمكن تفاديه بتولي الضابط الأعلى رتبةً في المجلس، وبذلك ليس من ضابط أعلى منه رتبة، وبالتالي، يبقى المجلس العسكري فاعلاً.

وتذكر المعلومات هنا، أن الحكومة عندما فوّضت قائد الجيش الإستمرار بترؤس المجلس العسكري برغم الشغور، كونها فطِنت لأهمية المجلس الذي يمكن اليوم مع تعيين رئيس لهيئة الأركان أن يشلّه تماماً، وبالتالي يشلّ المؤسسة العسكرية.

أمّا عن سابقة في هذا الإطار، وتعيين اللواء الركن شوقي المصري بالإنابة لقيادة الجيش، فإن المعلومات تشدّد على أن الأخير كان الضابط الأعلى رتبة في المجلس العسكري، ولا يمكن مقارنة الأمر مع أي ضابط يتمّ تعيينه اليوم لرئاسة الأركان.

وهذا الجانب القانوني للموضوع لم يفطن له أحد من السياسيين أو العسكريين الذين يقاربون الموضوع اليوم من مفهوم خاطئ، لأن التعيين اليوم سيضرب المجلس العسكري ويشلّ المؤسسة العسكرية برمتها.