بِقَلَم المحامي: وليد يونس
تفجر حقد الكارهين و مريدي الشرّ و الأذى لوطني الحبيب في هذا الانفجار الزلزال الذي ضرب لبنان و دمرّ بيروت.
هي لحظات رهيبة تلك التي وضعت حدّاً لأعمار أبرياء و تركت آثاراً» على أجساد أصحاء ورمت مئات الآلاف في العراء، وكل هذا كان بفعل فاعلٍ اعتاد ان يترك وراءه خراباً وجوعاً وضحايا دون ان يخضع يوماَ لمحاسبة موضوعية واقعية، مستثمراً في الغرائز ضمن محيطه و بيئته، مروجاً لفائض قوةٍ مدوٍ على شاكلةِ انفجار الرابع من آب.
عايشت هذه اللحظات من خلال واجهة بحرية مطلّةٍ على المرفأ حيث كنا نعاين انفجاراً تحضيرياً وقع قبل حوالي ثلاثين ثانية من الانفجار الزلزال الذي عصف بأجسادنا عصفاً قاتلاً لم ينقذنا منه إلا عناية إلهية لطالما رافقت كلٌ منا و حمت وطننا منذ نشأته و إلا لما استطاع اضاءة شمعة مئويته و لو جريحاً.
في محاولةٍ لتشخيص أسباب ازدهار وألق لبنان كما بالتوازي أسباب الأزمات التي أوصلت الى حروبٍ و ثوارتٍ وانحرافاتٍ كادت تطيح بهذا الكيان، لا بد من التوقف امام حقائق واقعية و تحليلها.
أبدأ بتحليل الحالة الاولى المتمثلة بالازدهار الذي أصاب لبنان لأسجل في هذا الإطار فضلاً ظاهراً لا لبس فيه للنظام الديموقراطي البرلماني سياسياً، الليبرالي اقتصادياً مع إفساح المدى و المجال للمبادرة الفردية الى أقصى الحدود، و الحرية الاجتماعية القائمة على إعلامٍ و صحافةٍ و وسائلَ اعلامٍ رائدة، بالاضافة الى منبر فكري و ثقافي راقٍ لم ينضب الا مع الهيجان الطائفي و المذهبي المؤدي الى حروبٍ بجولات متعددة واوجهٍ مختلفة.
والحبكة الاهم هي التعددية التي أغنت الكيان و نوّعته.
أما المخاطر وجولاتُ الحروب التي هددت هذا الكيان و لا زالت لغاية تاريخه فكان سببها الدائم تدخلاتٍ خارجية مستندة لتحقيق أطماعها الى نقاطِ ضعفٍ لدى فئات لبنانية سقطت تحت وطأة غبنٍ أو وهمِ سلطة وأسقطت البلد و الأسس و المبادئ و الفضائل التي قام عليها.
بعد عزلةٍ قاتلة استمّرت نحو ثلاث سنوات نفّذها المجتمع الدولي بحق لبنان الرسمي الذي انتظم في المحور الايراني المعتدي على الدول العربية والمتخاصم مع العالم الحر، تظهر بوادر أمل تجلّت في الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي و المؤتمر الدولي عبر الانترنت الذي عُقد و شاركت فيه حوالي ستين دولة قدّمت ما يقارب مئتي و خمسة و خمسين مليون دولاراً كمساعدات فورية بالإضافة الى التزاماتٍ بمساعدة لبنان في إعادة بناء ما تهدّم.
يحتاج لبنان لكي يواكب ارادة محبّيه و رغبتهم في المجتمعين العربي و الدولي لمساعدته و انتشاله من الويلات التي وقع أو أوقع نفسه فيها الى ما يلي :
• تشكيل حكومة مستقلين رئيساً و أعضاء تكون حائزة على رضى المجتمعين العربي والدولي اللذين يبقيان حاجةً ضرورية للنهوض من هذه الكارثة، و لا يمكن معالجة آثار هذا الزلزال بدونهما.
تقوم هذه الحكومة باداء مهامٍ ثلاث :
١. معالجة آثار الدمار الشامل الذي تسبب به الانفجار بالتعاون مع المجتمعين العربي و الدولي و الأمم المتحدة و تلقي المساعدات و المعونات و توزيعها بشكل محترف وشفاف ٍ
٢. الاشراف على التحقيقات لكشف المتسببين بهذه الكارثة و الاقتصاص منهم أياً كان مركزهم و مقامهم، فلا مقام يعلو دماء الضحايا و أوجاع الثكالى.
٣. وضع قانون انتخابات جديد يكون مدخلاً للخروج من النظام الطاثفي، بحيث يحقّق صحة التمثيل و يكرّس تساوي الفرص امام كافة اللبنانيين، و اقترح نظام الدائرة الفردية مع ضرورة العودة الى عدد مئة وثمانية نواب -١٠٨- كما أُقر في الطائف.
على أمل ان تتجاوب هذه السلطة الهجينة الغريبة عن تكوين لبنان التعددي، الديموقراطي، الليبرالي، مهد الثقافة و الحرية.
أعتقد انها الفرصة الاخيرة للبنانيين الذين ضلوا مسار الحق و الحقيقة.