تصاعدت التصريحات الإيرانية خلال اليومين الماضيين بشأن ما يدور في قطاع غزة، وعلت أصوات مهددة لقياداتها على رأسها المرشد علي خامنئي، تارة، والحرس الثوري طورا، ما يسلط الضوء على حليف طهران حزب الله، لاسيما وسط التوتر على الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان.
فقد كشف مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن “وكالات المخابرات الأميركية والإسرائيلية تعمل على تحديد ما إذا كان الهجوم البري الإسرائيلي المتوقع ضد حماس في قطاع غزة قد يدفع حزب الله إلى شن حملة عسكرية واسعة النطاق ضد إسرائيل من الجنوب”.
وأوضح مسؤولون أميركيون أنهم يعتقدون أن “نشر مجموعتين من حاملات الطائرات، قد يردع حزب الله بشكل كبير”، بحسب ما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز”.
في موازاة ذلك يرى المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون حالياً أن “الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، لا يريد حرباً شاملة مع إسرائيل، خوفاً من الضرر الذي قد تلحقه هذه الحرب بجماعته في لبنان”.
وفي هذا السياق، قال مسؤولون أميركيون إن “التقييم قد يتغير مع جمع المزيد من المعلومات الاستخبارية وكشف الأحداث”.
بالإضافة إلى ذلك، استخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حق النقض (الفيتو) ضد مقترحات حكومته بشأن توجيه ضربة وقائية ضد حزب الله، وفقاً لمسؤولين أميركيين وآخرين مطلعين على المناقشات.
وبعد هجوم حماس مباشرة، خلصت وكالات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية إلى أن نصر الله فوجئ بحجم الهجوم وكثافته.
فقد قال مسؤولون أميركيون وحلفاؤهم، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم للكشف عن تفاصيل حساسة حول الأزمة، إن “ذلك كان جزءاً من مجموعة متزايدة من الأدلة على أن حزب الله وإيران لم يساعدا في التخطيط لمثل هذا الهجوم الكبير الذي شنته حماس”.
وقد قدّرت وكالات التجسس منذ فترة طويلة أن “نصر الله الذي خاضت جماعته حرباً استمرت 33 يوماً مع إسرائيل في عام 2006، لا يريد صراعاً شاملاً مع إسرائيل، على الرغم من خطاب حزب الله المستمر المناهض لإسرائيل”.
في المقابل، شكك بعض الإيرانيين في هذه التقييمات، قائلين إن “نصر الله ساعد في التخطيط لهجوم حماس”.
ويشعر المسؤولون الأميركيون بقلق متزايد من أن “نصر الله سيتعرض لضغوط من أعضاء حزبه المتشددين للانخراط في هذا النوع من الحرب واسعة النطاق التي دعا إليها علناً، لكن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قالوا إنه سعى سراً إلى تجنبها”.
إلى ذلك تحاول وكالات الاستخبارات تحديد “ما إذا كان نصر الله قد يتخذ إجراءات كان يتجنبها في السابق، وما هي تلك الإجراءات، وما إذا كان التهديد بالتدخل الأميركي المباشر من الجانب الإسرائيلي سيكون كافياً لإبقائه على الهامش، وإذا كان الأمر كذلك، إلى متى”.
وقبل الهجوم الذي وقع في 7 تشرين الأول، وفقاً لمسؤولين إسرائيليين، كان “نصر الله يعتبر إسرائيل في نقطة ضعف خاصة في تاريخها”.
لكن مسؤول دفاعي إسرائيلي كبير قال إن “رد فعل إسرائيل على الهجوم، بما في ذلك القصف المكثف للغارات الجوية على غزة والذي أسفر عن مقتل 2808 أشخاص، والاستعدادات لهجوم بري، كان من الممكن أن يغير استراتيجية حزب الله”.
وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن “هذا هو أحد الأسباب التي تجعل وكالات الاستخبارات الأميركية الحالية تعتقد أن نصر الله يريد إبقاء حزبه بعيداً عن حرب كبرى. ومع ذلك، لا تزال الحدود الشمالية لإسرائيل متوترة”.
في الأثناء يبدو أن حزب الله قد حسب أن أنواع الهجمات التي نفذها حتى الآن كافية لإظهار التضامن مع حماس، ولكنها ليست كافية لإثارة رد فعل واسع النطاق من قبل إسرائيل، وفقاً لمسؤول دفاعي إسرائيلي.
لكن المسؤولين الإسرائيليين حذروا من أن “الجبهة الشمالية لا تزال تشكل مصدر قلق حيوي. ويمكن الضغط على نصر الله لتكثيف الهجمات، وإذا أدت ضربة خاطئة إلى مقتل عدد كبير من الأشخاص، فيمكن لإسرائيل الرد بقوة أكبر بكثير”.
ولفت مسؤولون أميركيون إلى أن “تحركات نصر الله التالية ستعتمد على الأرجح على كيفية تطور الحرب البرية الإسرائيلية في غزة”.
وقال ميك مولروي، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية: “إذا بدا أن حماس ستدمر، فسيكون لدى حزب الله ضغوط لا تصدق للمشاركة بشكل مباشر وفتح جبهة شمالية”.
وأضاف، أنه “كلما زاد عدد المدنيين الذين قتلوا، كلما زاد الغضب من الناس في المنطقة. وهذا سيضع المزيد من الضغوط على حزب الله للانضمام إلى القتال أو فقدان مصداقيته”.
يذكر أن الحدود اللبنانية الجنوبية شهدت اليوم تجدداً للاشتباكات حيث أدى إطلاق قذائف هاون من الجنوب اللبناني باتجاه مستوطنة المطلة في إسرائيل، إلى إصابة 3 جنود إسرائيليين.
وقصفت الدبابات والمدفعية مواقع لحزب الله في جنوب لبنان، بحسب القناة 12 الإسرائيلية.
ومنذ تفجر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إثر الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس يوم السابع من تشرين الأول، وتسللها برا وبحرا وجوا إلى مستوطنات إسرائيلية في غلاف غزة، لم تهدأ الجبهة اللبنانية الجنوبية، حيث شهدت عدة مناوشات بشكل شبه يومي.
فيما يخشى المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن نصر الله ربما لم يعد قادراً على مقاومة الضغوط لفتح جبهة شمالية مع ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين خلال الغزو البري.