لـ “ممارسة المونة”… أميركا كلّفت فرنسا

يسابق التصعيد الديبلوماسي التصعيد الميداني وتدهور الوضع الأمني جنوباً، بحيث باتت الساحة الداخلية في قلب الديبلوماسية الناشطة في المنطقة، لمنع الإنزلاق نحو الحرب في غزة. لكن الرهان على الديبلوماسية ونجاح دورها في لجم التوتر في المنطقة وعلى أكثر من جبهة، لا يبدو صلباً، خصوصاً في ضوء الدعم الغربي لإسرائيل.

وفي هذا المجال يُدرج الكاتب والمحلل السياسي طوني عيسى، الزيارة القصيرة التي قامت بها وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا لبيروت، في سياق عملية الإستنفار الغربية، والتي تأتي على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، في موقفها الذي دان عملية “حماس” و قدم دعماً مطلقاً لإسرائيل. ويشير المحلل عيسى في حديثٍ ل”ليبانون ديبايت”، إلى أنها المرة الأولى التي تتمكن فيها إسرائيل من شن حملة دعائية كبيرة في الغرب، جيّشت خلالها القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وفرنسا جزء من هذه المنظومة الغربية أو منظومة الأطلسي التي تعمل بشكل مشترك في أوكرانيا.


وبالتالي، فإن واشنطن كلّفت فرنسا القيام بدور ديبلوماسي في لبنان، بحسب المحلل عيسى، وذلك على أساس أن فرنسا قادرة على “ممارسة المونة”، أي الضغط المعنوي على اللبنانيين، كونها وفي العادة تضطلع إجمالاً بأدوار في صياغة التسويات في لبنان.

وبالتالي، يرى عيسى، أن الأميركيين يسعون للإفادة من هذا الدور لكي يكلّفوا فرنسا بالقيام بهذه المهمة سعياً إلى منع حصول تطورات دراماتيكية على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية.

وعن المجموعات التي قد تستغل الوضع في غزة والتي تحدثت عنها الوزيرة الفرنسية، يقول عيسى إنها “طبعاً حزب الله، فالفرنسيين هذه المرة، عبّروا بشكلٍ واضح عن إدانتهم للعملية التي قامت بها حماس، وهم يعتقدون أن إيران التي تدعم حماس والحزب في آنٍ واحد، وهي تعمل على الجبهة اللبنانية من أجل تنفيس الضغط الذي يُمارس على حليفها الآخر في غزة”.

في المقابل، يعتقد المحلل عيسى، أن المخاوف من انفجار الوضع على الجبهة اللبنانية “مُبالغٌ فيها إلى حدٍ كبير”، كما أنه لا يتوقع أن ” تُفتح حربٌ مع لبنان على المستوى الواسع، كما جرى في تموز 2006″، مرجّحاً أن يقتصر الأمر على دورٍ معين على الحدود بين “حزب الله” وأسرائيل. كما يعتبر أن هذا السقف من التصعيد، قد ظهرت ملامحه حتى اليوم، فيما يعمل لبنان الرسمي للمرة الأولى، على منع التورط في الحرب بشكل واضح، وقد عبّر عن ذلك للمرة الأولى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بمعنى ووفق المؤشرات، لا يبدو أن هناك صدمة منتظرة على مستوى الحرب الشاملة في لبنان”.