شوارع مهجورة من سكانها، ومحلات مغلقة، وأصوات انفجارات تسمع من التلال القريبة يعقبها تصاعد الدخان.
هذا هو الحال الآن في بلدة كريات شمونة في شمال إسرائيل، الواقعة على بعد 3 كيلومترات فقط من الحدود اللبنانية. باتت المدينة الهادئة في حالة تأهب مع استعداد إسرائيل لحرب محتملة مع حزب الله بعد زيادة الاشتباكات بين الطرفين، خلال الأيام الماضية.
وأعلنت إسرائيل بالفعل بعض المناطق على طول الحدود مناطق عسكرية مغلقة، ما أجبر السكان على الرحيل منها، لكن هذه هي أكبر عملية إجلاء من التلال الخضراء في منطقة الجليل في الشرق، وفق رويترز. وبدأت إسرائيل، في إجلاء آلاف السكان من 28 بلدة شمال البلاد، الأسبوع الماضي، بعد اشتباكات على الحدود، وتعتزم إخلاء 14 بلدة أخرى قريبة من الحدود اللبنانية، وسط هجمات صاروخية متكررة لمنظمة حزب الله والفصائل الفلسطينية المتحالفة معها، في الأسبوعين الأخيرين. ونقلت صحيفة واشنطن بوست صورة للوضع في شمال إسرائيل، خاصة في كريات شمونة، مع تصاعد المواجهات، وتشير إلى أن عناصر من الجيش يمنعون المدنيين من مغادرة البلدة باتجاه الحدود اللبنانية، في إشارة إلى التوتر الحاصل الآن في هذه المنطقة “بعد سلام نسبي تمتعت به المدن في شمال إسرائيل وجنوب لبنان منذ حرب 2006”. وخاض الطرفان حربا مدمرة، صيف 2006، خلفت أكثر من 1200 قتيل في الجانب اللبناني معظمهم من المدنيين، و160 قتيلا في الجانب الإسرائيلي، معظمهم من العسكريين، وتسببت بنزوح نحو مليون لبناني من بلداتهم. وبعد هجوم حماس، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بـ”إعادة لبنان إلى العصر الحجري”، إذا صعد حزب الله الصراع، وحذر متحدث باسم الجيش من أنه “سيجر لبنان إلى حرب”. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، سقط صاروخ أطلقه مسلحون على رصيف بين مدرسة وملعب، وعلى بعد 100 متر فقط من مكتب رئيس بلدية كريات شمونة، وردت إسرائيل بشن غارات جوية داخل لبنان، أسفرت عن مقتل 15 مسلحا وأربعة مدنيين، من بينهم صحفي رويترز عصام عبد الله، وفقا لحزب الله والجيش اللبناني. وفي تصريح لرويترز، قال المواطن الإسرائيلي، إيدو غولدستين، لدى وصوله إلى كريات شمونة لاصطحاب والده المسن، أحد سكانها: “إنه وضع معقد وخطير (لكننا) أقوياء ونأمل أن ينتهي بسرعة”. وأضاف, “نحاول البقاء على قيد الحياة”. نسيم تساباريا، وهو إسرائيلي مسن، قال وهو يلوح لتوديع جيرانه أثناء صعوده إلى سيارته: “لقد ولدنا هنا، وخضنا حربين أو ثلاثة حروب في الشمال، ونأمل أن تكون هناك نهاية لها. بالتأكيد ستكون هناك نهاية”. ويستعد العديد من المدنيين في كريات شمونة للانتقال إلى دور الضيافة التي وفرتها الحكومة، لكن البعض قرروا البقاء لإطعام الجنود وتنسيق عملية الإخلاء. وقال أفيهاي شترن، عمدة البلدة لواشنطن بوست: “لدينا شعب صهيوني قوي اختار العيش على الحدود ويدرك جيدا أننا الدرع البشري لهذا البلد”. ويتلقى المسؤولون المحليون مكالمات هاتفية من السكان بشأن ما يجب أن يفعلونه. أفيفا فايتسمان، عضو المجلس، قالت لمتصل يسأل عن كيفية الإخلاء: “ليس لدي إجابات في الوقت الحالي” وفي مكالمة أخرى قالت لمتصل: “سأفعل كل ما في وسعي لمعالجة الأمر”. وحولت فايتسمان منزلها إلى ما أسمته “مركز العمليات”، حيث يطهو الجيران والأقارب الطعام للجنود. وفي حي هغوشريم المجاور، أمضت 12 امرأة الصباح في طهي الطعام لتوزيعه على 500 جندي على خط المواجهة. وقال يوسي باروخ، أحد سكان الحي البالغ من العمر 71 عاما: “نعلم أن الوضع سيكون أسوأ مما حدث في الجنوب إذا قرر حزب الله الدخول في الحرب”. وقال ماتي أشكنازي (54 عاما): “الكثير من الإسرائيليين لا يعتقدون أننا بحاجة لقتل الجميع وتدمير كل شيء. ولكن الآن، العديد منهم مغمورون بمشاعر الانتقام”. وتتهم إسرائيل حزب الله بإقامة مواقع بالقرب من الحدود. ويقول سكان كريات شمونة إنهم يراقبون بخوف تشييد البنايات الجديدة على الجانب اللبناني، وعندما تصلهم أنباء بسماع أصوات الحفر، يشعرون بالقلق بشأن محاولات التسلل. وقالت فايتسمان، عضو المجلس: “لا يمكننا أن نقول على وجه اليقين ما الذي يبنونه هناك، ولكن يمكنني أن أقول بشكل مؤكد أننا لا نشعر بالأمان”. |