منذ بدء التصعيد في غزة عقب هجوم حماس المباغت في السابع من الشهر الجاري، لم تهدأ التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة وإيران، فتارة تصعدان وتارة أخرى تخففان الحدة.
فيما تشير المحصلة إلى مخاوف البلدين من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط الذي يغلي على صفيح من النار.
المواقف الإيرانية تلخصت اليوم على لسان وزير خارجيتها أمير عبداللهيان، الذي لوح بكل الاحتمالات رداً على ما يتعرض له قطاع غزة من قصف إسرائيلي عنيف منذ أسبوعين، رغم تأكيد مسؤولين إيرانيين في وقت سابق عدم سعي طهران إلى التصعيد وتوسيع الحرب.
إلا أن الوزير الإيراني أكد أن كل الاحتمالات يمكن أن تقع إذا لم توقف أميركا وإسرائيل الإبادة الجماعية في غزة.
كذلك وصف المنطقة ببرميل البارود، مشيراً إلى أن أية حسابات خاطئة ستكون لها تبعات خطيرة، وفق ما نقلت وسائل إعلام رسمية محلية.
في المقابل، حذرت الولايات المتحدة على لسان وزير دفاعها لويد أوستن من أنها لن تتردد في التحرك عسكرياً ضد أي منظمة أو بلد يسعى إلى توسيع النزاع في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحركة حماس، في إشارة ضمنية إلى إيران.
نصيحة أميركية
وتوجه بالنصح لأي بلد أو مجموعة مسلحة تسعى إلى توسيع الصراع أو الاستفادة منه بألا تفعل ذلك، في إشارة إلى ميليشيات مدعومة إيرانياً سواء في العراق أو لبنان أو سوريا.
ومنذ عملية “طوفان الأقصى” تفاوتت تصريحات إيران من التصعيد إلى التهدئة والتأكيد على عدم تورطها في الهجوم، بل ونفيها وجود أي علاقة لها، بل حتى إن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين سارعوا إلى نفي أي صلة لإيران بالهجوم.
فقد سارع مسؤولو الدفاع الإسرائيليون إلى رفض الادعاءات التي قالت إن إيران ساعدت في التخطيط للعملية، وسلطوا الضوء على عدم وجود أدلة تؤكد أي دور لها فيما حصل، رغم تسليمهم بحقائق تقديمها مساعدات مالية وعسكرية ولوجستية وتدريبية لفصائل فلسطينية.
كما تبنى المسؤولون الأميركيون الموقف ذاته وحتى الرئيس الأميركي جو بايدن شخصياً صرح بأنه ليس لدى الحكومة الأميركية ما يشير إلى أن طهران متورطة أو كان لديها علم مسبق بخطط عملية “طوفان الأقصى”.
وعلى مستوى إيران، هناك أسباب عدة للاعتقاد بأنها ستلتزم بعض الحذر وتتجنب صراعاً مباشراً مع إسرائيل أو أميركا لأنها تريد التركيز على اقتصادها المتعثر وأزماتها الداخلية، بحسب تحليل نشرته “فورين بوليسي”.
مناوشات محدودة
في موازاة ذلك، اقتصرت المواجهة بين حلفاء إيران وإسرائيل وأميركا على مناوشات محدودة، كتلك التي حدثت في العراق ونفذتها ميليشيات محسوبة على إيران واستهدفت قواعد تضم جنوداً أميركيين، كان آخرها استهداف قاعدة عين الأسد.
أو تلك التي تدور على حدود جنوب لبنان، بين حزب الله وإسرائيل ضمن قواعد الاشتباك وفي إطار الهجمات المحدودة والفعل ورد الفعل، وذلك في سياق القرار الدولي 1701 الصادر عام 2006 عن مجلس الأمن، رغم توسّع رقعة الاشتباكات والتصعيد الأمني المتبادل، وسقوط قتلى وجرحى من الطرفين.
إلا أن حزب الله يتصرف بحذر شديد، ويتجنب حتى الآن توسيع عملياته العسكرية، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن حرباً واسعة النطاق مع إسرائيل يمكن أن تجذب أميركا التي تتواجد بوارجها في البحر المتوسط.
“تضامن لا أكثر”
كما أن الشعب اللبناني المحبط يئن تحت أزمات داخلية خطيرة سياسية واقتصادية وأمنية، وبالتالي ربما تكون الهجمات التي ينفذها حزب الله حالياً مجرد إشارة تضامن مع الفصائل الفلسطينية ومساهمة منه لتخفيف الضغط عن غزة، وليس فتح جبهة شمالية، بحسب “فورين بوليسي” أيضاً.
إلا أن ذلك لا يمنع المخاوف التي تتحدث عن إمكانية توسع الصراع بحسب محللين، إلا أن كل الأطراف لا ترغب في ذلك وتبقي على تلك الشعرة التي تبقي الأمور تحت السيطرة دون الانفجار وإدخال المنطقة في فوضى عارمة.
ويبدو أن الإدارة الأميركية تدرك كل هذه المخاطر، لذلك أعطت الأولوية لاحتواء الحرب بين إسرائيل وغزة من خلال زيارات بايدن ووزير خارجته أنتوني بلينكن للمنطقة الأسبوع الماضي.
كذلك ربما تتواصل الإدارة الأميركية مع إيران عبر قنوات خلفية، وهذا أمرٌ بالغ الأهمية لتجنب سوء التقدير ومنع أي تصعيد غير مرغوب فيه، وفق تحليل “فورين بوليسي”.