كشف الخبير العسكري والإستراتيجي إلياس حنا أنه “لمعرفة ما المتوقع من المعركة المرتقبة عند دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة، يجب البحث في البعد السياسي للعملية، وما يريده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منها، وهو الذي يسعى للحصول على الحد الأقصى، أي إلى تدمير حركة حماس بالكامل وخلق واقع جديد داخل القطاع لا تكون الحركة فيه مسؤولة، يريد إستسلاماً كاملأً دون شروط”.
وفي مقابلة عبر “سبوت شوت” ضمن برنامج “وجهة نظر” قال العميد حنا: “خلال الحروب هناك فكرة تقول، إذا رأيت عدوك محشوراً إفتح له منفذاً، غير أن نتنياهو يقول لحماس، لن يكون لكم خيار، وهذا أمر غير واقعي، إذ أنه صعّب العملية حتى حدها الأقصى، وبالتالي عليه تأمين الوسائل اللازمة، علماً أن وسائله ليست كافية، من هنا يأتي الدعم الأميركي”.
وتابع “أهداف نتنياهو صعبة ولكن غير مستحيلة، تتعلق بالمدى المسموح به لإسرائيل دولياً، وحتى أميركياً، ومدى تأييد المجتمع الدولي له، والمدة التي يحتاجها لإنهاء العملية العسكرية وكلفتها، ولكن ماذا لو تبدل الوضع؟ هناك تعقيدات كثيرة والمجهول حاضر فيها دائماً، لذلك وجب على نتنياهو التواضع، ولكن ما جرى في 7 أكتوبر من مفاجآت وإذلال وقتلى وأسرى لإسرائيل، لن يمكنه إلاّ طلب أقصى الأهداف في المقابل حماس تربح إن لم تخسر وتخسر إسرائيل إذا لم تربح خاصة مع لاعب من خارج إطار الدولة لذلك طلب نتنياهو إنهاء حماس وهذه هي المعضلة الكبرى”.
وأردف “التحول الأساسي في المنطقة هو إنتقال الصراع من البديل إلى الأصيل، فالذي يتحرك داخل محور المقاومة هي إيران ووزير خارجيتها حسين أمير عبد اللهيان الذي يضع إطار المعركة، بالمقابل بعد عملية غزة جاء الرئيس الأميركي جو بايدن حاملاً معه التعزيزات كأنه يقول الأمر لي، وهو يعطي إسرائيل نافذة من الوقت كي تستعيد القدرة على الردع، لكنه لن يسمح لها بالذهاب إلى أبعد من ذلك”.
وأكد أن “الإستنفار الاميركي مهمته حماية عملية محدودة يقوم بها الإسرائيلي، وضباط المارينز يساعدون في التخطيط للعملية بناءً لما حصل معهم في الرقة والموصل، فالولايات المتحدة تسمح لإسرائيل باللعب ضمن دائرة لا تتعرض فيها مصالحها في الشرق الأوسط للخطر، التدخل الأميركي ليس لمساعدة إسرائيل فقط، بل لإنقاذها ولترتيب الوضع من دون السماح لنتنياهو بالذهاب في مغامرة غير محسوبة”.
وأوضح أن “جميع الأطراف المتورطة في هذه الحرب “محشورة”، فإيران تخشى أن تدخل في حرب قد تصل إلى الأراضي الإيرانية، كذلك ماذا لو خسرت أهم ورقة في يدها وهي حزب الله، وماذا لو إستعملت إسرائيل سلاحها النووي؟ الولايات المتحدة تعتبر أن هذه الحرب عطلت إستراتيجيتها الكبرى في المنطقة، وحزب الله محرج أيضاً فإن لم يدخل الحرب، متى يستعمل السلاح والمقاومة؟ أما إسرائيل فلا تعرف إن كانت ستستطيع إسترداد الردع أم لا وهل حققت ما يجب فعله ام لا، وفي الحرب هناك دائماً المجهول، فهل خططت حماس لما سيحدث بعد عملية الطوفان؟ العملية التي حصلت هي من أكثر العمليات تعقيداً إنها حرب التكنولوجيا المنخفضة في وجه تكنولوجيا إسرائيل المرتفعة والتي تصدرها للعالم”.
وشدد أنه “على حماس أن لا تخسر، وان تستمر لتحارب في يوم آخر، واهم شيء في حروب المدن هو وعي المكان، فلدى دخول الإسرائيلي إلى المدينة سيجد امامه القناص ومضاض الدروع والاستشهاديين والألغام إضافة إلى وجود المدنيين والرهائن والأنفاق التي بسببها قصف مستشفى الشفاء حيث يُقال أن تحته انفاق ومقر للقيادة العسكرية لحماس، وما هو حجم العملية التي تريدها إسرائيل كي تعلن إنتصارها فأن تخسر إسرائيل لمرات متتالية هذه كارثة بالنسبة لهم”.
وتساءل “هل قدمت حماس أكثر مما يمكن لها أن تبلع؟ عندما قالوا لم نكن نتوقع هذه النتيجة وهذا النجاح، وهل ما فعلته هو عائق أم مسهل لمحور المقاومة؟ ذلك لأنه عندما تتحرك الولايات المتحدة الأميركية يتغير العالم “.
أما لبنانياً فقد رأى العميد حنا أن “حزب الله يتدخل فعلاً في الحرب، فهو سخن الجبهة الشمالية لإسرائيل مما دفعها إلى إخلاء مستوطناتها وإستدعاء جنودها إلى الجبهة لتشكيل سد، وغياب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله له تفسيرات عدة، منها أن عدم ظهوره هو من ضمن الحرب النفسية، أما في حال تكلم، ذلك يعني أننا ذاهبون إلى الحرب”.
وأضاف “هناك تثبيت لجبهة لبنان التي قد يحصل فيها قصف وقصف مضاد ولن تحصل إختراقات، فلو دخل حزب الله إلى إسرائيل سيتحول إلى جيش نظامي وبالتالي سيكون هدفاً سهلاً للطيران الإسرائيلي، ما نشهده في لبنان حالياً هو تصعيد تحت عتبة الحرب، فحزب الله لن يتحمل إعادة تهجير اللبنانيين الشيعة خاصة أن أحداً لن يساعدنا في إعادة الإعمار، وقد يكون السكوت ضمن الإستراتيجية الكبرى وليس قراراً لبنانياً”.
وختم العميد حنا بالإشارة إلى أن “حالة الحرب يجب أن تسبقها اقصى درجات التحضير وهذا الأمر غير ممكن في وضعنا الحالي، وعبر التاريخ إيران لا تقاتل بجيشها وحزب الله هو المنظومة الأكثر نجاحاً لديها، ولكن إن دخلت الحرب من يضمن مرحلة ما بعدها، وانا برأيي ليس من مصلحة إيران توسيعها”.