خاص- “الشراع”: هذا ما ينتظر لبنان في الداخل وعلى الحدود

من الان وحتى اشعار اخر يبدو ان لبنان سيكون محكوماً ومن جديد بالانتظار.

الانتظار الذي سبق له ان كان طويلاً في الفترات السابقة ،يبدو انه سيكون اطول في الفترات المقبلة ،أقله في القريب منها .

وقد يقول قائل ان من لا يريد انجاز الاستحقاق الرئاسي لم يكن بحاجة الى اندلاع حرب غزة حتى يحقق هدفه. الا ان ما يدور على ارض قطاع من حرب ابادة ضد ابناء الشعب الفلسطيني قد تغير وجه المنطقة كلها، يضع لبنان امام منعطفات غير مسبوقة تبعاً لنتائجها في الميدان وما يمكن ان ترتبه من صياغة للمعادلات التي سترسو عليها موازينالقوى.

واذا كان من المبكر الحديث عما يمكن ان تنتهي اليه حرب غزة خصوصاً وان كل التوقعات تشير الى انها ستكون طويلة. فان اوضاع لبنان ورغم كل ما يعيشه من ازمات وانهيارات باتت مكبلة اكثر باوضاع الخارج ليس فقط بما يتعلق حرب غزة بل وايضاً بكل يتصل بازمات المنطقة التي يبدو ترابطها واضحاً على الارض وفي كل ما تخطط له الغرف المحركة للخطط ،وايضاً في كواليس الدبلوماسية ومنصاتها التي شهدت في مجلس الامن الدولي قبل ايام مواجهة لافتة في دلالاتها وعبرها بين الولايات المتحدة وحلفائها من جهة  وبين الصين وروسيا من جهة ثانية.

وكل ذلك يشير الى ان مسار التطورات المقبلة سيبقى محكوماً بصراع الارادات الدولية المحتدم حالياً سواء في غزة وايضاً في اوكرانيا فضلاً عن اماكن اخرى ولو باشكال مختلفة. كما يشير ايضاً الى ان العالم كله ومن ضمنه المنطقة سيبقى عرضة لما يجسده هذا الصراع من تصعيد بانتظار التوصل الى صفقات معينة سواء كانت جزئية اومحددة مؤقتة.

واذا كان العالم على امتداد الكرة الارضية بات محكوماًبحكم مصالحه ، بما يمكن ان يحصل من صفقات على مستوى العالم او على مستوى المنطقة ،فان الانقسامات اللبنانية والعجز عن القيام ولو بخطوة جامعة ، تشير بوضوح الى ان الوضع في لبنان بات مرتبطا وبشكل مباشر بالمسار العام للاحداث في المنطقة وايضاً العالم.

وهذا ما يفترض ان لبنان هو اليوم بأمس الحاجة الى صفقة ولو مؤقتة او عابرة او محددة بين اطراف نافذة او فاعلة فيه. وهو امر ظروفه غير متوافرة حتى الان لا سيما مع التصعيد في المواقف على الاقل بين الولايات المتحدة من جهة وايران من جهة ثانية ، والاتهامات الموجهة من قبل كل منهما الى الآخر. حيث تعتبر طهران ان واشنطن تتحمل مسؤولية ما تقوم به اسرائيل من حرب ابادة للشعب الفلسطيني في غزة في حين تعتبر الولايات المتحدة ان ايران تقوم بتحريك ميليشياتها او أذرعها لاستهداف قواعدها في العراق وسورية ، وتحضر لتحريك أدواتها بشكل اوسع في المنطقة محذرة من مغبة ما يمكن ان ينجم عن ذلك لا سيما في لبنان وسورية اذا تم استخدام حزب الله لمؤازرة حركة حماس.

واذا كان من الواضح حتى الان في هذا السياق ان الولايات المتحدة تريد حصر ما يجري في غزة في القطاع من دون ان يؤدي الى ما يمكن تسميته بالحرب الكبرى ،رغم ارسالها حاملات طائرات الى المنطقة ومجموعات نخبة من جيشها الى اسرائيل . واذا كان من الواضح ايضاً ان ايران ايضا تدعو الى عدم الانزلاق الى الحرب الواسعة ،وفقا لما ورد في كلمة وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان في نيويورك. فان التصعيد السائد لا يلغي احتمال الوصول الى نوع من انواع التهدئة سواء بصفقة او بشيء منها من خلال المفاوضات التي يقول مصدر واسع الاطلاع الى انها لم تتوقف بين واشنطن وطهران في اي وقت سواء عبر وسطاء عرب او دوليين. رغم التباين في ما يريده كل من منهما في هذا السياق .

فايران تريد كل ما يمكن ان يضمن لحركة حماس تثمير الانجاز الذي حققته في عملية طوفان الاقصى في السابع من الشهر الحالي ، والولايات المتحدة ترفض بالطبع هذا الامر وتركز في دعمها لاسرائيل على مساعدتها لاستعادة زمام المبادرة سواء من خلال حرب التدمير التي تشنها ضد غزة ان من خلال تحقيق انجاز عسكري عبر التوغل براً ، يؤمن للكيان الصهيوني ترميم صورته ولجيشه استعادة هيبته.

وفي ظل هذه الشروط المتبادلة ، لا يمكن الوصول الى صفقة او صيغة تهدئة، لا سيما وان واشنطن ترفض ان يكون لايران او لغيرها كلمة فصل او مشاركة من قبل اي كان في العالم بما تقرره في المنطقة ككل.

وهذا بالطبع ليس سوى جزء من الصورة ، خصوصاً وان هناك مواقف لقوى دولية واقليمية اخرى على رأسها الصين وروسيا وتركيا ودول عربية عديدة، لكل منها مصالحها ورؤاها لطبيعة الصراع الدائر وآليات الخروج منه.

واذا كنا ما زلنا في خضم المواجهة لا بل في عز الحرب الدائرة، فان احدا لا يمكنه الحكم على النتائج من الان.

وما يهم بالنسبة للبنان هو ان حالة الجمود التي تشهدها الاتصالات والمبادرات من اجل احداث اختراق يمكنه من الخروج من دوامة الوضع الراهن ، مرشحة للدخول في مرحلة طويلة. ولا سيما على مستوى انجاز الانتخابات الرئاسية كمقدمة للخروج من حالة الانهيار التي يعيشها في كل المجالات. فلا حركة موفدين او وسطاء من الخارج المنشغل بحرب غزة، ولا حركة اتصالات داخلية يمكن البناء عليها.وباستثناء المواقف المعلنة من هذا الفريق او ذاك فان ما يحصل هو نوع من الفولكلور المعهود من قبل الطبقة السياسية اللبنانية بكل اطيافها.

ولعل ذلك ما يؤكد كما يقول مسؤول كبير ل”الشراع” ان البلاد باتت اليوم في قلب السباق الدائر بين احتمال اندلاع حرب واسعة وشاملة سيكون لبنان جزءاً منها ، وبين احتمال لجم ذلك من خلال اتفاق او حتى صفقة ولو مؤقتة تضمن على الاقل الوصول الى اتفاق على وقف النار في غزة ووقف المجازر الاسرائيلية المتتالية على ابنائه الصامدين والبواسل.

المسؤول نفسه لم يفصح عن طبيعة الصفقة التي يجري البحث فيها كما قال، الا انه اشار الى ان وتيرة الاتصالات تسارعت بشكل كثيف خلال الايام القليلة الماضية.

ولذلك كله فان لبنان محكوم بالانتظار ولا شيء غير الانتظار مع كل ما يترتب على مرور الوقت من ازمات ومحن وانهيارات