الخوف من تدحرج الأمور باتجاه الحرب المفتوحة لا زال قائماً، وطالما أن الجيش الإسرائيلي لم يحسم المعركة في غزة وصمود المقاومة فيها فإن الأمور حتى الساعة لا زالت تحت السيطرة، لكن ما يزيد من منسوب القلق هو الإستهداف للأماكن الآهلة ولاسيّما ما حصل اليوم من استهداف لمستشفى ميس الجبل ومنازل مواطنين في القرى الحدودية.
فهل يحمل خطاب الأمين العام غداً تصعيداً ؟ أم أن عدم سقوط غزة سيطيل من أمد الحرب؟ وماذا سيصدر عن القمتين العربية والإسلامية من موقف قد يصحح الخلل في الدعم الدولي لإسرائيل في حربها على غزة؟
في هذا السياق, يرى الكاتب والمحلل السياسي سركيس بو زيد، في حديث إلى “ليبانون ديبايت”, أن “المعارك لا زالت دائرة في غزة، كما أن حركة حماس أكّدت بأكثر من بيان وتصريح لها، بأنه ليس هناك من مواقع ثابتة وآمنة للعدو الإسرائيلي بأي مكان في غزة فهناك إختراقات بمكان معين، أي أن المبادرة لا زالت بيد المقاومة”.
وعليه، يعتبر أبو زيد أن “المعركة لا زالت طويلة، لكن لن تدوم إلى الأبد، لا سيّما أنه هناك ضغوطات تمارس من أجل وقف إطلاق النار ولفتح الحل من الباب السياسي”.
وعلى المستوى العسكري، يوضح أبو زيد أنه “لا يمكننا القول بأن إسرائيل حققت إنجازاً أو إنتصاراً يسمح لنتنياهو القول بأنه حقق إنجازاً وهذا ما يشكل نوعاً من رفع معنويات الجيش ومدخل الى الحل السياسي”، ويؤكد أن “الخروقات التي حصلت لا زالت محدودة، وهي خاضعة إلى “الكر والفر”.
أما على صعيد الجبهة اللبنانية، فيلفت بو زيد إلى أن “وتيرة الإشتباكات تزداد يوما بعد يوم، كما أن نوعية السلاح الذي يتم إستعماله اليوم متطور أكثر من الذي كان يستعمل في السابق، إضافة إلى أن الإشتباكات تتوسع وهذا مؤشر خطير يوحي بتوسع الإشتباكات أكثر فأكثر”.
لذا، يعتبر أن “جبهتي غزة والجنوب لا زالت محصورتين”، لكنه “يرجح أن تتوسع الجبهتين”، إلا أنه يلفت إلى أن “كافة الأطراف تترقب ماذا سيحصل باليومين المقبلين، فغداً خطاب أمين عام حزب الله وأعمال القمة العربية، والقمة الإسلامية وما سيصدر عنهما”.
ويرى أنه “على ضوء المؤشرات الثلاثة هذه نستشرف المرحلة المقبلة وأي منحى ستتخذه الأمور”.
ويوضح بأن “الإسرائيليين ونتنياهو مصرين على الإستمرار بمنحى العنف المفرط والقصف والدما، لكي يتمكنوا من تحقيق إنجاز ما للتعويض عن خسائرهم الذي تكبدوها، ولكن في الوقت ذاته بدأنا نرى مساعي أميركية مختلفة عن بداية المعركة، حيث هناك تبايناً بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هذا الموضوع، فالأميركي لا يريد للمعركة أن تتوسع لعدم إحراج حلفائه بالمنطقة وبالدول العربية، كما أن توسيعها من الممكن أن يهدد المصالح الغربية، وتستفيد منه الصين والإتحاد السوفياتي”.
لذلك، يلفت إلى أن “هذا الموضوع لم يتم بثّه بعد حيث لا رؤية سياسية ولا مشروع سياسي يوضح الصورة السياسية بعد وقف إطلاق النار”.
وعليه، يرى أن “الأمور متجهة الى مزيد من الإستنزاف والمعركة طويلة، حيث أن الافق السياسي حتى الساعة غير واضح”.
وعن خطاب السيد، يتوقع أن “يكون مشابهاً للخطاب الأول، لكن بلهجة تصعيدية أكثر، مع المحافظة على أولوية المقاومة الفلسطينية، مع تسيلط الضوء على الولايات المتحدة الأميركية والتصرفات التي تقوم بها ويترك الباب مفتوحا للتصعيد في حال توسعت الاحداث أكثر في الجنوب وفي غزة مما يشكل الأمر خطورة أكثر”.
ويضع الخطاب غداً في سياق الغموض البناء الذي يعتمده، فالحدث لا زال في مساره مع مساعٍ للإحتواء والإنتقال إلى مرحلة إنتقالية إما عبر وقف إطلاق النار أو المعارك، أو لفتح الباب أمام الحل السياسي ولكن المعارك العسكرية لا أحد يمكنه ضبطها، كما أن عنصر المفاجأة حاضر دائماً، بخاصة أن نتنياهو والإسرائيليين غير قادرين على تحمل أي هدنة أو تسوية أو أي حل لا يظهر بأنهم أنجزوا إنتصارا، وإلا سيتعرضون لنقد ذاتي ومحاسبة لتصرفاتهم”.