علم “ليبانون ديبايت” من مصدرٍ أمني، أن المديرية العامة لأمن الدولة، بدأت مطلع الشهر الجاري بإشارةٍ من القضاء المختص، تحقيقاً عدلياً واسعاً في ملف – مشروع، يُعتقد أن العدو الإسرائيلي تسلّل من خلاله، وقام باختراق تقني استهدف تجميع معلومات عن طلاب لبنانيين يتخصّصون في مجال تقنية المعلومات والتكنولوجيا في الجامعات اللبنانية.
ويستهدف التحقيق، الكشف عن الجهات التي وفّرت مساعدةً تقنية مباشرة أو غير مباشرة، من المحتمل أن يستفيد منها العدو، ويستهدف أيضاً، محاولة فهم الدرجات التي بلغها الإختراق (إن وجد) وحدوده ومدى الخطر الذي يشكله، وهل هو الوحيد أم ثمة اختراقات أخرى مشابهة حصلت، وهل ثمة مصادر لبنانية ساهمت في الإختراق أم لا.
في الرابع عشر من أيلول الماضي، تم إطلاق منصّة “فرصتك”، التي ساهمت في تنفيذها “جهة دولية” بهدف تعزيز توظيف الشباب اللبناني في الإقتصاد الرقمي. وبعد شهرٍ ونصف، قدّم مسؤولٌ كبيرٌ في الجامعة اللبنانية، ملفاً إلى دوائر رئاسة الحكومة يشير فيه إلى وجود تطابق شبه كلّي تقريباً بين “فرصتك” المنصّة اللبنانية وأخرى موجودة في “إسرائيل” تحمل إسم “فرصَتك”. وقد دعم المسؤول وجهة نظره من خلال تقديم أدلّة تظهر أن المنصّتين يحملان المضمون نفسه، أي أنهما يستهدفان “طلاب علوم التكنولوجيا”. على إثرها تحرّكت رئاسة الحكومة وأبلغت القضاء المختص، لتقوم النيابة العامة التمييزية بإحالة الملف إلى المديرية العامة لأمن الدولة للتحقيق فيه.
فور توفّر الإشارة القضائية، قامت “المديرية” باستدعاء المسؤولة عن مشروع “فرصتك”، حيث ذكرت في إفادتها أمام المحققين أنها لم تكن تعلم بطبيعة التشابه القائم بين المنصّة في لبنان وتلك الموجودة في “إسرائيل”، وأن لا علاقة لها بإختيار إسم المنصة، وإن حضورها كان إدارياً. ومع التوسّع في التحقيقات، قامت المديرية باستدعاء مجموعة من الأشخاص للإستماع إلى إفاداتهم والتحقيق معهم في نفس الموضوع، ومحاولة فهم طبيعة العلاقة القائمة بينهم. وبعد الإستماع إليهم، تبيّن أن بعضهم نشط في قضايا أخلاقية في أوقات سابقة. وبناءً على إشارة القضاء المختص، تركوا رهن التحقيق ومن ثم بسندات إقامة، وأبقيَ على المسؤولة عن المشروع رهن التحقيق للتأكد من أقوالها. وأوصت “النيابة العامة” بتجميد العمل في المشروع لحين الإنتهاء من التحقيقات الجارية، كما طلبت التوسع في الإستعلام التقني لاستكمال الملف.
ويظن المحقّقون أن ثمة مصدراً مشبوهاً قد ابتكر فكرة إنشاء “المنصّة” بغية استهداف نوع معين من الطلاب، ثم جرت تغطيتها لاحقاً على شكل “منصّة” تقدم فرصاً للمتخرجين وتقوم بمساعدتهم.
في معطيات التحقيق
أظهرت التحقيقات التي قام بها “أمن الدولة”، وجود تطابق بين المنصة اللبنانية وتدعىForaStech والمنصة الإسرائيلية ForSatech (بتبديل طفيف في مكان حرف a و حرف s في كلتا الكلمتين) وإن المنصتين مشابهتان من حيث المضمون والشكل، إذ تتوليان استهداف طلاب علوم التكنولوجيا والبرمجيات وتقديم دورات تخصّصية ذات صلة، وباستقبال طلبات من قبل الطلاب سواء للتوظيف أو البحث عن وظيفة أو المشاركة في دورات تعزيز مهارات. وتبيّن أيضاً أن المنصّة الإسرائيلية تستهدف “المجتمع العربي” داخل كيان الإحتلال المعروف بـ”سكان الـ 48″، وتنشط في مجال مشاريع تهدف إلى دمج الشبان العرب بما يسمى “المجتمع الإسرائيلي”، كما أنها تتولى تقديم خدمات لمصلحة جيش العدو.
وكشفت التحقيقات أيضاً، أن الشركة التي توفر خدمة البرمجة للموقع اللبناني تحمل تقريباً نفس إسم الشركة التي تقدم خدمات برمجة لكثير من المنصات الإلكترونية العبرية ومركزها في تل أبيب، وإن إسمي الشركتين اللبنانية والإسرائيلية مطابق تماماً! (فضّلت المصادر عدم نشر الإسم في الوقت الحالي). وتبيّن لدى المحقّقين من خلال استنطاق الموقوفين، أن الشركة اللبنانية المزوّدة لخدمة البرمجة للمنصة، هي من قام بإطلاق الإسم (أي فرصتك) على المنصة، ما خلق ارتياباً لدى المحقّقين، وكشف عن احتمال أن يكون الفعل مقصوداً.
وتتركّز التحقيقات الحالية حول معرفة مدى المعطيات التي تقدم بها طلاب لبنانيون إلى المنصة. ويعتقد محقّقون أن إنشاء “منصة” تشبه أخرى موجودة في “إسرائيل” يُعدّ عملاً مقصوداً، واستهداف طلاب من المنخرطين في البرمجيات الحاسوبية وما له صلة بتكنولوجيا المعلومات، قد تكون مرتبطة برغبة إسرائيلية، إمّا بتجنيد هؤلاء لمصلحة أعمال أمنية خصوصاً، أو أنه يستهدف تجميع معطيات وبناء “داتا” حول الطلاب اللبنانيين.