أجمع محللون أنه من المرجح أن تستخدم الصين الحرب بين إسرائيل وحماس لمحاولة تقليص النفوذ العالمي للولايات المتحدة، في سبيل تعزيز نفوذها.
وتهاجم بكين بشدة واشنطن عبر وسائل إعلامها الرسمية بشأن الصراع الدائر في الشرق الأوسط، قائلة إن “دعم الإدارة الأميركية أحادي الجانب لإسرائيل يؤجج التوترات ويزيد من الأزمة الإنسانية في المنطقة.”
ونقلت صحيفة غلوبال تايمز، إحدى وسائل الإعلام الرسمية في بكين، عن خبير صيني قوله، الخميس “إذا كانت واشنطن تريد حقا التوسط في الأزمة، فيتعين عليها أن تُجلس الجانبين للمفاوضات، بدلا من إرسال سفن حربية إلى الشرق الأوسط لرفع معنويات إسرائيل”.
تعليقا على ذلك، قال دينيس وايلدر، الذي شغل منصب مدير مجلس الأمن القومي الأميركي في الفترة من 2004 إلى 2005 خلال ولاية الرئيس جورج بوش، في حديث لموقع إذاعة “فويس أوف أميركا” إن “الصين تستخدم الأزمة لتعزيز دعايتها المحلية التي تصور الولايات المتحدة على أنها تدعم إسرائيل وتتنكر لحق الفلسطينيين في دولتهم”.
من جانبه، قال ديفيد ساترفيلد، مدير معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، في هيوستن، إن “الصين انتهازية إلى ما لا نهاية، دائما تبحث عن المناسبات والأماكن والفرص لتعزيز انتشارها العالمي، وعلى وجه الخصوص، رغبتها في أن ينظر إليها، كحليف وشريك وصديق لما يمكن أن تسميته الجنوب العالمي”.
ولفت ساترفيلد، الذي شغل منصب القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى من 2017 إلى 2019 خلال إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن “تأثير الصين ضئيل للغاية في الشرق الأوسط”.
وبرر ذلك بالقول إن تركيز بكين على سياسة عدم التدخل “وضعها في صندوق مغلق” حيث أنها تتحاشى دائما اتخاذ موقف واضح.
والسبت، طالب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، نظيره الصيني، الشريك القوي لإيران، باستخدام نفوذ بكين من أجل استعادة الهدوء في الشرق الأوسط.
وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إنّ بلينكن، الذي زار السعودية، السبت، أجرى اتصالا هاتفيا “مثمرا” مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي استغرق ساعة.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الخارجية الصينية، الخميس، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ وين بين، “طرفي الأزمة” إلى “وضع حد للعنف وإدانة الأعمال ضد المدنيين” و”تجنب المزيد من التصعيد”.
ولم يدن المسؤول الصيني حماس بالاسم، وقال بدلا من ذلك، إن بكين مستعدة للتحدث والتنسيق مع الجامعة العربية للدفع بعملية سلام في الشرق الأوسط.
وبينما التزم الرئيس الصيني شي جين بينغ الصمت بشأن هذه القضية، تباحث دبلوماسيون من بكين مع نظرائهم من الدول أخرى حول الحرب بين حماس وإسرائيل.
وتحدث تشاي جون، المبعوث الصيني الخاص للشرق الأوسط منذ عام 2019، مع أسامة خضر، مساعد وزير الخارجية المصري المسؤول عن الشؤون الفلسطينية، عبر الهاتف، الثلاثاء، وعرض دعم مساعي وقف إطلاق النار وإنهاء العنف.
وفي المؤتمر الصحفي، الجمعة، قال المتحدث باسم وزير الخارجية الصيني وانغ وينبين إن الوزير ناقش ملف الحرب الجارية مع كبير مستشاري الرئيس البرازيلي، عبر الهاتف، في اليوم السابق.
واتصلت الخدمة الكورية لإذاعة صوت أميركا “فويس أوف أميركا” بوزارة الخارجية الصينية، الجمعة، لتسأل عن سبب عدم إدانة بكين لما ارتكبه عناصر حماس في إسرائيل، لكنها لم ترد.
وقال ستيف تسانغ، مدير معهد الصين في جامعة لندن “برفض إدانة حماس، تشير الصين إلى أنها تقف إلى جانب الجنوب العالمي”.
وقالت توفيا غيرينج، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن “الصين ستبذل كل ما في وسعها لتجنب الانجرار إلى هذا الأمر، مع الحفاظ على حيادها الزائف”.
ومع القتال في الشرق الأوسط وأوكرانيا، هناك مخاوف بين حلفاء الولايات المتحدة في آسيا من أن اهتمام واشنطن قد يبتعد عن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مما يترك ثغرة يمكن أن تحاول الصين استغلالها.
والخميس، سلط إصدار التقرير النهائي للجنة الكونغرس حول الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة الضوء على حاجة واشنطن للاستعداد لردع وهزيمة العديد من الخصوم مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا في وقت واحد في الفترة من2027 إلى 2035.
ويقول التقرير: “إن التوقعات الاستراتيجية اليوم تتطلب تركيزاً وطنياً عاجلاً وسلسلة من الإجراءات المنسقة غير المخطط لها حاليا”.
وفي اجتماع لحلف شمال الأطلسي في بروكسل، الأربعاء، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن الولايات المتحدة “قادرة على إظهار القوة وتوجيه الموارد لمعالجة الأزمات في مسارات متعددة” في وقت واحد ودعم كل من إسرائيل وأوكرانيا.
وقال غرانت روملي، زميل في برنامج مؤسسة ديان وغيلفورد غليزر التابع لمعهد واشنطن إن “من المهم بالنسبة للولايات المتحدة أن تظهر لبكين أنها قادرة على دعم إسرائيل وكذلك أوكرانيا وتايوان في وقت واحد”
ويقول بعض المحللين إن أزمة غزة يمكن أن تعمل لصالح أميركا في تنافسها مع الصين.
قال روبرت فورد، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن وعمل سفيرا لدى الجزائر في الفترة من 2006 إلى 2008 “من المرجح أن يؤدي المزيد من الاهتمام الدبلوماسي الأميركي بالشرق الأوسط والصراعات الأساسية هناك إلى تقليص المساحة التي يمكن للصين أن تدخل نفسها فيها دبلوماسيا”.