على الرغم من ان مقتدى الصدر، لن يشارك بالانتخابات المحلية القريبة، لكنه وضع العصا في الدولاب. طلبه امس من جمهوره «مقاطعة الانتخابات» وضع اشد منافسيه الاطار التنسيقي الشيعي في مطب كبير يفكر الان في كيفية الخروج منه.
ومبدئيا يفكر «الاطار» باللجوء الى جاره «العطار» الايراني لتغيير موقف الصدر، على الرغم من ان طهران غارقة الان في احداث غزة.
وجاء موقف الصدر الاخير في وقت تتصاعد فيه مخاوف الغاء الانتخابات ،بسبب تورط مايعرف بـ»المقاومة العراقية» في قصف القوات الامريكية واحتمالية رد واشنطن.
وامس كانت غارة امريكية جديدة قد شنت على مواقع فصائل في سورية قرب الشريط الحدودي مع الانبار، يتوقع انها تضم جماعات عراقية.
وكانت الزعامات الشيعية قد شعرت بخطورة الاوضاع الداخلية في البلاد حين بدأت تصدر تصريحات عن عدم المساس بالانتخابات وموعد الاقتراع.
وقال زعيم دولة القانون نوري المالكي اول امس ،ان اجراء الانتخابات «لن يتم التراجع عنه وستجرى في موعدها».
ويفكر الاطار الشيعي قبل التطورات الاخيرة، بانه قد يكسب جولة سريعة في الانتخابات المقبلة بغياب الصدر، ويحصل على اصوات محافظات الوسط والجنوب بسهولة.
لكن قيادي في الاطار التنسيقي وصف في مقابلة مع (المدى) خطاب زعيم التيار الصدري الاخير بانه «خطير وقد يؤثر على حصص الشيعة بالانتخابات».
ودعا الصدر في تغريدة صباح امس، انصاره الى مقاطعة انتخابات مجالس المحافظات، وعدّ ذلك بأنه سيقلل من شرعية الانتخابات خارجياً وداخلياً.
ويشير القيادي الشيعي الذي طلب عدم نشر اسمه لحساسية المعلومات ،الى ان «زعيم التيار الصدري سوف يكون مسؤولا عن تغييب ممثلي الشيعة في بغداد اذا منع التصويت بالمناطق الشيعية».
ويعتقد القيادي ان «جمهور الصدر سوف يأخذون الموقف بشكل جدي ويتصاعد الامر الى ان يمنعوا المصوتين من الادلاء باصواتهم ويغلقوا مراكز الانتخابات».
وعند ذلك يقول القيادي «سوف تذهب الاصوات الى ممثلي السُنة في بغداد لان لا احد سوف يستطيع الوقوف بوجه جمهور التيار».
وعن الحلول، يجد القيادي في «الاطار» الامر محيرا خصوصا مع اغلاق زعيم التيار الصدري كل قنوات الاتصال معه او فريقه منذ نحو عام.
ويشير القيادي الى احتمالية «التفكير باللجوء الى ايران للضغط على الصدر في الحصول على موقف محايد».
ويوضح «نريد من السيد الصدر ان يعدل خطابه، فهي ليست المرة الاولى التي يفعل فيها هذا، وان يقول بانه سيعطي الحرية لمن يريد ان يشارك او يقاطع الانتخابات».
وكانت ايران قد فشلت في عدة محاولات العام الماضي، اثناء ازمة تشكيل الحكومة، في ثني الصدر عن موقفه بتشكيل ما كان يعرف حينها بـ»حكومة اغلبية».
وقرر الصدر حينذاك اعتزال السياسية (في حزيران 2022)، فيما وصف تدخل ايران في اكثر من مناسبة بانها «خلطة العطار» التي رفض ان يكون جزءا منها.
ويقترح القيادي الشيعي في حل اخر لكلمة الصدر الاخيرة التي اوقعت «الاطار» في مطب، ان «يتم الامر بسؤال ثاني من انصار التيار، ويجيب الصدر بحيادية عن الانتخابات بدون طلب مباشر للمقاطعة».
وكانت دعوة الصدر الاخيرة لمقاطعة الانتخابات جاءت عبر رده على سؤال من انصاره، حول المشاركة في الانتخابات.
بدوره، يقول جاسم محمد جعفر القيادي في دولة القانون والوزير الأسبق في مقابلة مع (المدى) ان «خطاب زعيم التيار الصدري سيؤثر بالطبع على نسبة المشاركة».
واضاف جعفر «نتمنى ان تتدخل المرجعية او اطراف اخرى في تغيير خطاب الصدر لان عكس ذلك سوف يؤدي لارتفاع نسبة المقاطعين».
وقال الصدر في رده على السؤال إن «من أهم ما يميز القاعدة الصدرية هو وحدة صفها وطاعتها وإخلاصها ،وهذا ما أباهي به الأمم ولله الحمد.. وعليكم الالتزام بالإصلاح وإن مات مقتدى الصدر».
وأضاف ان «مشاركتكم للفاسدين تحزنني كثيراً.. ومقاطعتكم للانتخابات أمر يفرحني ويغيض العدا… ويقلل من شرعية الانتخابات دولياً وداخلياً ويقلص من هيمنة الفاسدين والتبعيين على عراقنا الحبيب حماه الله تعالى من كل سوء ومن كل فاسد وظالم».
وتابع الصدر متحدثا عن الاوضاع التي تصاعدت بسبب ازمة غزة، «ثم إن الوضع العالمي والإقليمي يفيء على الاوضاع في العراق.. ومعه يجب أن نكون على حذر واستعداد دائم فالعدو يتربص بعراقنا ومقدساتنا فانتبهوا رجاء أكيد».
وعن خلفيات خطاب الصدر الاخير، يشير محمد نعناع الباحث في الشأن السياسي بانه جاء «تأكيدا لمواقف سابقة لزعيم التيار الصدري في رفض المشاركة مع الفاسدين، لكنه هذه المرة جاء خطابا سياسيا صرفا ومباشرا».
ويوضح نعناع في مقابلة مع (المدى) ان كلام زعيم التيار الصدري فيه رسالتين «داخلية واخرى خارجية»، الداخلية موجهة الى بعض اطر التيار التي «عقدت صفقات مع احزاب شيعية مثل تحالف خدمات التابع لوزير العمل احمد الاسدي، ورشح اخرون مع جهات مستقلة».
واضاف «كما ان هناك قيادات في التيار تدعم بعض التحالفات بالخفاء، كما تحاول بالمقابل احزاب استمالة الصدريين للتصويت».
اما الرسالة الخارجية فيقول المراقب للشأن السياسي ان «زعيم التيار بعث رسالة تهديد الى الاحزاب السياسية وخاصة الشيعية بانه سيستمر في فضح الفساد ونسف شرعية الانتخابات».
ويتوقع نعناع ان رد الاطار التنسيقي بانه سيكون من خلال محاولة «افراغ الخطاب من محتواه وتصوير ان زعيم التيار الصدري يقف ضد ممارسة دستورية وديمقراطية».
كما نفى الباحث ان يتطور الامر الى اجراءات ميدانية يقوم بها انصار الصدر لان «زعيم التيار لا يريد ان تصدر ضده اتهامات بعرقلة العمل العام والديمقراطي».
الشراع