في مثل هذا اليوم منذ 53 سنة بدأ حكم حافظ الاسد واضع اسس انهيار الكيان السوري!!/ كتب: حسن صبرا

انه السادس عشر من شهر تشرين الثاني عام 1970 , حين انقلب الفريق حافظ الاسد الذي كان وزيراً للدفاع على رفاقه ، العسكريين ، وعلى قيادته في حزب البعث العربي الاشتراكي ، فسجن معلمه في الحزب صلاح جديد ( كان الاثنان انقلبا على معلمهما اللواء محمد عمران ، وكانت هذه المجموعة تعرف باسم مجموعة عمران الذي ارسل حافظ الاسد من يقتله في طرابلس لبنان عام 1972 ).

انقلب حافظ الاسد على مؤسسي حزب البعث ميشال عفلق وصلاح الدين البيطار ، ثم حكم على القائد المؤسس عفلق بالاعدام ليذهب الى بغداد ليعيش في كنف البعث الثاني في العراق حتى وفاته ، وليلحق  حافظ الاسد بالمؤسس الثاني صلاح البيطار الى باريس ليقتله ، بعد ان اسس البيطار مركزاًاسماه الإحياء العربي ( المرادف اللغوي للبعث العربي )
كان صلاح جديد نموذجاً للحاكم الشفاف النزيه ، لم يغير اثاث مكتبه او منزله مذ عاد من القاهرة بعد الانفصال عام 1961 الى ان ادخله الاسد السجن لنحو عشرين سنة في مثل هذا اليوم عام 1970  من دون اية تهمة ، ولم يخرجه منه الا بعد اصابته بالسرطان لبموت خارج السجن بعد اشهر قليلة .
كان عيب صلاح جديد ورفاقه المدنيين الثلاثة :  الأطباء نور الدين الاتاسي ويوسف زعين وابراهيم ماخوس ، انهم كانوا مراهقين يساريين ضيقوا الحياة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية على السوريين ، وامموا كل المصالح في سورية حتى صاجات الفلافل ، واحدهم اعلن انهاء الدولة ليدير الناس امورهم بانفسهم ، بينما دعا يوسف زعين الى زرع سورية بالغابات ليتسنى للشعب السوري ان يخوض  حرب عصابات ضد الصهاينة ، كما فعل الفيتكونغ في فيتنام ، ضد الاميركان
كانوا مراهقين في السياسة لكنهم كانوا مخلصين نظيفي الاكف ، لم تدخل الرشاوى مكاتبهم وكانوا يراقبون ويحاسبون لذا كانت الدولة السورية قوية في عهدهم الذي لم يدم اكثر من اربع سنوات ( 1966-1970) .
كان الصراع في سورية معروفاً لدى القيادة في الجمهورية العربية المتحدة ، وارسل جمال عبد الناصر من يحذر الاخوة السوريين من الاقتتال ، وهو يبلغهم ان الحرب مع العدو الصهيوني على الابواب ، وان الجيش المصري بات جاهزاً للعبور ، وان عليهم ان يكونوا مستعدين للحرب بدلاً من التلهي بلعبة القفز على السلطة .. لكن وفاة جمال عبد الناصر في 28/9/1970 سهلت للاسد القفز على السلطة بعد رحيل عبد الناصر  بنحو خمسين يوم
جاء حافظ الاسد بإنقلاب عسكري في 16/11/1970 . وواقع الحال ان السوريين الذين خنقتهم اجراءات المراهقين الحاكمين ، رحبوا بابو سليمان ( وهو اللقب الذي حمله الاسد من نشاطه الحزبي قبل ان يتأله ويحمل اسم السيد الرئيس القائد ، ويزرع سورية بتماثيله ويحول الجمهورية العربية السورية الى جملكية يتوارثها الابناء والاحفاد!!! ويصبح النشيد الوطني السوري حافظ الاسد زعيمنا الى الابد وفي عهد ابنه بشار يواجه الثوار السوريين بشعار الاسد او نحرق البلد وكان هذا هو الشعار الوحيد الذي نفذه ابن حافظ الاسد .
كان اول” انجاز” لحافظ الاسد بعد سيطرته على السلطة فيها ، هو في لبنان ، حيث كانت المنظمات الفلسطينية تخوض معاركها الاخيرة في الاردن ، بعد ان قادها اليسار الفلسطيني المراهق الى محاولة السيطرة على السلطة ، في المملكة الهاشمية .. خسرت المنظمات محاولاتها في الاردن فهربت الى سورية ليرسل حافظ الاسد رفيقه الموثوق حكمت الشهابي الى الحدود السورية مع الاردن مكلفاً بمهمة حاسمة : ممنوع دخول اي فدائي فلسطيني هارب من الاردن الى سورية ، وزود الاسد الشهابي بما يحتاجه من عربات عسكرية وناقلات جند حملت  الفدائيين الفلسطينيين الهاربين من الاردن ، من حدوده مع سورية الى حدود سورية مع لبنان … الذي كان كما وصفه صديقنا الراحل شفيق الحوت ( حديقة من دون سياج ) .
وهل يتسع المجال للحديث عن تدبير الاسد الحرب الاهلية في لبنان، بتكليف من هنري كيسنغر ، الذي وعد الاسد بالحصول على امبراطورية تمتد من خليج العقبة الى الاسكندرون ، في مقابل القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية ، التي كان زعيمها ياسر عرفات يخوض معركة القرار الوطني الفلسطيني المستقل ؟
زرع حافظ الاسد سورية بتماثيله ، لترضي غروره وتألهه ، ومعها زرع الرعب في نفوس السوريين ، ، لأنه ممنوع الاقتراب من الذات الإلهية التي ظنها حافظ الاسد في نفسه !!
انشأ حافظ الاسد جمهورية الخوف ليسلم منها الى الجملكية لتوريث ابنه باسل فلما قتل هذا في كانون الثاني عام 1994 سعى لتسليم ابنه الثاني بشار السلطة … ويحار المرء في اصل الانهيار الحالي في سورية ، هل بدأ في عهد حافظ الاسد الذي اقام نظاماً عصباً على الفهم وضعه حافظ في صندوق ورمى مفتاح الصندوق في البحر ( والوصف لنائبه الراحل ورفيقه الاثير منذ ايام الدراسة في اللاذقية عبد الحليم خدام ) . ام بدأ في عهد بشار الاسد الذي حاول ادارة نظام جعله والده جزءاً من منظومة امنية دولية كان يقدم لها  كل ما تحتاجه من خدمات امنية لتبقيه على قيد الحياة ، لكن الابن ما كان ابداً سر ابيه في الحنكة والدهاء ( والوصف لصديقه ورفيقه الاقرب طيلة اكثر من ربع قرن العماد مصطفى طلاس ).

نعم
اسس حافظ الاسد سلطة لاسرته الصغيرة ، في سورية حكمتها حتى الآن 53 سنة ، لكنه زرع مع تماثيله  بذور  فناء سورية التي لن ينقذها الا  طليعة وطنية سورية تبدأ عملها من ساحة الامويين في دمشق قلب العروبة النابض .

حسن صبرا
الشراع

الوسوم