تحركات عربية وإسلامية مُكثفة لتنفيذ قرارات «قمة الرياض» بشأن غزة

كثفت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي تحركاتهما لتنفيذ قرارات القمة العربية – الإسلامية المشتركة غير العادية، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض، السبت الماضي، بشأن الحرب في غزة. وفي هذا الصدد «تعد لجنة وزارية عربية – إسلامية لعقد لقاءات مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن للمطالبة بوقف إطلاق النار»، وفق الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي.

وقال زكي لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، إن «ترتيب لقاءات اللجنة الوزارية مع الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يستغرق وقتاً لارتباطات ومواعيد المسؤولين الأجانب التي تعوق التنفيذ بعض الشيء، لكن اللجنة الوزارية تسعى بكل قوة تحت قيادة الرئاسة السعودية لتأمين المواعيد اللازمة»، متوقعاً «عقد تلك اللقاءات قريباً».

وقف العدوان

في حين أكد مندوب فلسطين لدى الجامعة العربية، السفير مهند العكلوك، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يجري التحضير حالياً لتحرك اللجنة الوزارية العربية – الإسلامية في العواصم المؤثرة بالعالم بهدف وقف العدوان الإسرائيلي على غزة».

وقال مصدر دبلوماسي عربي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك خطوات تنفيذية لقرارات قمة الرياض سيجري الإعلان عنها قريباً، فور الانتهاء من الترتيبات الخاصة بها»، رافضاً الإفصاح عن «طبيعة هذه الخطوات»، مكتفياً بالقول «سيجري الإعلان عنها تباعاً».

ونص القرار الصادر عن القمة العربية – الإسلامية على «تكليف وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، بصفتها رئيسة القمة العربية والإسلامية، وكل من الأردن، ومصر، وقطر، وتركيا، وإندونيسيا، ونيجيريا، وفلسطين، والأمينين العامين للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة».

وفي إطار تنفيذ مقررات «قمة الرياض». أشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية إلى «بدء عمل وحدتي الرصد الإعلامي والقانوني»، وقال: «بتكليف من الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بدأت وحدة الرصد الإعلامي عملها في متابعة وتوثيق (الجرائم الإسرائيلية)، كما تعمل بالتوازي وحدة أخرى للتوثيق قانوني، تمهيداً لمتابعة الموضوع أمام المحكمة الجنائية الدولية».

 

متظاهرون أردنيون يحملون الأعلام خلال احتجاج لدعم الشعب الفلسطيني في عمان (إ.ب.أ)

 

توثيق الجرائم

ونص قرار «قمة الرياض» على «تكليف الأمانتين (الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي) بإنشاء وحدتي رصد إعلامي لتوثيق كل جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني»، إضافة إلى «إنشاء وحدتي رصد قانونيتين متخصصتين لتوثيق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وإعداد مرافعات قانونية حول جميع انتهاكات القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني تمهيداً لتقديمها للمحكمة الجنائية الدولية».

ولا يقتصر الأمر على تنفيذ القرارات السابقة فحسب، وفقاً لحسام زكي فإن «العمل جارٍ ولم ينقطع في أي لحظة في سبيل إعادة تشكيل رأي عام متفهم للوضع الفلسطيني، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والذي يرفض المنطق الذي تتحدث به إسرائيل، كونه منطقاً انتقامياً لا يتأسس على قانون، أو شرع ولا يحترم القيم الإنسانية»، مضيفاً أن «هناك مساعي متواصلة للتأثير بإيجابية على مواقف الرأي العام العالمي، والمسؤولين والسياسيين في مختلف أنحاء العالم بهدف إقناعهم بضرورة التوصل إلى وقف ممتد لإطلاق النار في غزة».

هدن إنسانية

وأشار الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية إلى أن «الهدن الإنسانية التي أقرها مجلس الأمن مفيدة للمدنيين، ولها مزاياها، لكنها لا تضمن عدم عودة القصف الإسرائيلي، وهو ما تسعى الجامعة العربية لتحجيمه ووقفه».

في السياق نفسه، أكد أستاذ الإعلام السياسي في السعودية، الدكتور عبد الله العساف، «أهمية مخاطبة الرأي العام الغربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «تشكيل فرق عمل حقيقية ترصد وتسجل وتخاطب الرأي العام الغربي، أداة فاعلة جداً في التأثير على صناع القرار في أوروبا وأميركا». ودلل على ذلك بما عده «تغيراً في لغة ولهجة الخطاب الغربي الرسمي بعد المظاهرات المطالبة بوقف إطلاق النار في عواصم عدة حول العالم».

ودعا العساف إلى «استغلال أحداث عالمية مثل يوم الطفل، ويوم مناهضة العنف ضد المرأة، في نشر ما يحدث في غزة من انتهاكات للمرأة والطفل، بهدف التأثير في الرأي العام العالمي».

خطوات تنفيذية

ولمتابعة تنفيذ مقررات «قمة الرياض»، أرسلت مندوبية فلسطين لدى جامعة الدول العربية مذكرات للدول الأعضاء لحثهم على تنفيذها. وقال العكلوك: «حتى الآن لم ينفَّذ البند الخاص بكسر الحصار، حتى أن عدد الشاحنات الذي دخل قطاع غزة منذ بدء الحصار لم يتجاوز 1000 شاحنة، وهو عدد يوازي ما كان يدخل للقطاع في يومين قبل 7 أكتوبر، كما لم يوقف إطلاق النار».

بينما شدد أستاذ الإعلام السياسي في السعودية على «ضرورة أن تضع الدول العربية والإسلامية مقررات القمة موضع التنفيذ، في ظل حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني»، مشيداً بلغة القرار الصادر عن «قمة الرياض»، وقال: «كانت لغة واضحة وصريحة وليست دبلوماسية، وصفت ما يحدث بالأوصاف المناسبة تماماً».

وأكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية أن «هناك خطوات عدة جرت لتنفيذ قرارات قمة الرياض، وجارٍ العمل على تنفيذ خطوات أخرى»، مؤكداً أن الدول العربية والإسلامية استناداً إلى قرارات «قمة الرياض»، «تواصل تحركاتها السياسية لتأكيد رفض التهجير القسري للشعب الفلسطيني، والحث على إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بالتنسيق مع مصر».

وتضمنت قرارات القمة رفض توصيف الحرب الانتقامية بأنها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة، كما دعت لـ«كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية»، وأكدت «الرفض الكامل والمطلق والتصدي الجماعي لأية محاولات للنقل الجبري الفردي أو الجماعي أو التهجير القسري أو النفي أو الترحيل للشعب الفلسطيني، سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية، أو خارج أراضيه لأي وجهة أخرى أياً كانت، بِعَدِّ ذلك خطاً أحمر وجريمة حرب».

وعدَّ مندوب فلسطين لدى جامعة الدول العربية، عقد القمة العربية – الإسلامية بمشاركة 57 دولة «حدثاً مهماً»، لافتاً إلى أن «قادة الدول المشاركة بالقمة أكدوا رفضهم تصفية القضية، والتهجير القسري للشعب الفلسطيني»، بينما أكد العكلوك أن «ما صدر من قرارات في القمة جاء متسقاً مع طبيعة عمل المنظمات الدولية التي تصدر قراراتها بالتوافق وبلغة مشتركة».