يواصل الجيش الإسرائيلي حربه على غزة منذ 43 يوماً، محاولاً بلا جدوى إلى الآن تحقيق هدفه الأساسي باجتثاث حركة حماس، وإنهاء دوامة العنف.
وتقول مجلة “نيوزويك” في تقرير لها، اليوم السبت، إن إسرائيل تلعب بالنار، فبينما يواصل جيشها محاولته تدمير قوة حماس في غزة، في ظل التزامات غير واضحة من قبل قادتها، مثيرة مخاوف من أن الحرب التي بلغت ذروتها ستؤدي إلى بداية عصر جديد من العنف الإقليمي.
بدأت إسرائيل في 27 تشرين الأول اقتحاماً برياً لشمال قطاع غزة، لتعجيل إنهاء مهمتها الأساسية، لكن تبدو الوقائع على أرض الواقع مغايرة بحسب المجلة، فالمهمة التي حددها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وحلفاؤه في حكومة الطوارئ المتمثلة في “سحق وتدمير” حماس مضى عليها 5 أسابيع، مع ذلك يواصل مقاتلو حماس صد الهجمات الإسرائيلية، كما لا يزال مئات الإسرائيليين المحتجزين في غزة بعداد المفقودين، ولا توجد حتى الآن خطة واضحة لكيفية السيطرة على القطاع، وكيفية إدارته “بعد القضاء على حماس”.
في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل ترتفع حدة الغضب والمواجهات، وإلى الآن قُتل أكثر من 160 فلسطينياً هناك على يد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين المتطرفين منذ هجوم 7 تشرين الأول، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس.
وتؤكد المجلة، أن وجود حماس قوي في الضفة الغربية على الرغم من سيطرة السلطة الفلسطينية، ومن المرجح أن تستمر خلايا الحركة الفلسطينية المسلحة في عملياتها هناك. وعلى الجبهة الشمالية، تتواصل المناوشات بين حزب الله وإسرائيل، في حين تهاجم صواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة إسرائيل من البحر الأحمر.
وتتجه أنظار الجيش الإسرائيلي إلى مناطق أخرى في غزة، فهو الآن يحشد نحو جنوب القطاع، فالهجوم على الجزء الشمالي من غزة هو على الأرجح الجزء الأول فقط من عملية برية طويلة، حسبما قال الرئيس السابق لقسم الشؤون الفلسطينية في المخابرات العسكرية الإسرائيلية مايكل ميلشتين، في تصريحات لمجلة نيوزويك.
يؤكد ميلشتين، الذي يعمل الآن في مركز “موشيه ديان” لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، “بالطبع، سيتعين علينا مواصلة الهجوم”، “أولاً وقبل كل شيء، إلى مخيمات اللاجئين في الجزء الجنوبي من غزة، وبعد ذلك، مدينتي خان يونس ثم رفح، ومن ثم استكمال احتلال غزة وتطهيرها من حماس”.
ويضيف ميلشتين للمجلة، “تتركز حماس فعلياً الآن في الجزء الجنوبي الشرقي من غزة، وخاصة مدينة خان يونس، مسقط رأس كل من زعيم حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، وقائد كتائب القسام محمد ضيف. ويوم الخميس الماضي، أسقط الجيش الإسرائيلي منشورات تأمر الفلسطينيين بإخلاء 4 بلدات في ضواحي خان يونس قبل القصف المتوقع.
ورغم كل العمليات التي جرى تنفيذها في غزة، أو المرتقبة في الأيام المقبلة، يبدو أن تدمير حركة مقاومة فدائية تتمتع بعلاقات عميقة مع السكان الفلسطينيين قد لا يكون ممكناً، بحسب المجلة.
وقال ميلشتين، “من الأرجح أنه لن يتم تطهير حماس أبداً، فهي فكرة وأيديولوجية”.
كذلك، يبدو أن أيدولوجية حماس ستتعزز أكثر، بعد مقتل ما لا يقل عن 12 ألف فلسطيني منذ 7 تشرين الأول الماضي على يد الجيش الإسرائيلي.
وفي حالة هزيمة حماس، يمكن وفق تأكيد ميلشتين للحركة الفلسطينية التمسك بوجودها السياسي، والادعاء بأنها تخلت عن جناحها المسلح، لكن “السيناريو الأكثر سلبية هو أن حماس ستعمل كقوة سرية، وسوف تحاول تقويض أي نوع من الوضع أو الاتفاق الذي سيُتَوصل إليه في غزة”.
وتوضح المجلة، أن الإطاحة بحماس في غزة سوف تؤدي إلى خلق فراغ في السلطة، ويبدو أن نتنياهو بدد أي احتمال لعودة السلطة الفلسطينية، أو إشراف دولي للمساعدة في إعادة بناء القطاع المدمر بعد قوله، إن إسرائيل ستحتفظ “بالمسؤولية الأمنية الشاملة” في قطاع غزة “لفترة غير محددة”، وبسبب تلك التصريحات حذر مسؤولون كبار، من بينهم الرئيس جو بايدن من ارتكاب إسرائيل “خطأ كبيراً” بإعادة احتلال غزة.