وحده الله معنا يا عَمرو

اهدأ يا عَمرو درب التحرير طويل، كلما خطونا خطوة الى الأمام اعادونا بالقوة عشرة أمتار الى الخلف،كلما أثبتنا للاصدقاء وللحلفاء قبل الأعداء انّنا صادقون بموتنا وبمصرعنا  وبتدمير أحيائنا ازدادت اسئلة الجميع من حولنا عمن نكون؟
من نحن يا عَمرو ؟
نحن الفدائي الفلسطيني الذي لا يتعب ولا يسأم ،يحاول مجداً او يموت.
محاصرون.
محاصرون منذ اكثر من خمسة عشر عاماً،  بين بحر وصحراء واسوار إسمنتية عاليه في بقعة من الارض مساحتها لا تتعدى 365 كم مربع،بنهرين يجف ماؤهما في الصيف ،بلا جبال وبلا غابات وبلا احراش وبلا صخور صلبة.
محاصرون بلا عمل،بلا أمل،بلا طريق سفر ويسألوننا من نحن؟
نحن من اواخر  الموا قع للشرف وللكرامة في هذه الأمة.
ذنبنا أننا مخلصون واوفياء لارضنا ولغيمنا ، و لعصافيرنا ولازهارنا ولحكايا أجدادنا…
اتسألني ما العمل؟
نحن نحيي معنى وتفسير الاسطورة ،نحن ننفّذها بالصوت وبالصورة.
نوثّقها للحاضر وللمستقبل لا للماضي ولا لتاريخه.
نحن يا عَمرو نرسم خطوط الطول والعرض لتاريخ المستقبل.
ظنّوا ان الاسطورة محض خيال لشاعر او لفيلسوف.
اثبتنا لهم ان الاسطورة صناعة فلسطينية في غزة.
إعلم انّهم كلما تحدثوا وعظّموا في الاعلام صمودنا  كان القصد منه تبرير التبروء منّا، وكأننا سنشن هجوما معاكسا من حصارنا الى بلدة الشيخ مؤنس لنحاصرها…
نعرف تماماً انّ لا احد سيأتي الينا،الى صحرائنا الى شمس غزة.
الطقس حارٌ هنا.
ربما يراهن الجميع على موتنا ،وعلى نهايتنا فإن متنا جميعا لن يعتب احد على احد لان المواثيق تذهب معنا…
عَمرو ابلغ من يهمّه الامر ألا يتحدث احد عن اي انتصار ، ما عدنا في اية مرحلة منه ،لقد خطونا اول خطوة في اتجاه الفاجعة الحقيقية.
صار الكلام عن الانتصار حجة لتقاعس كثيرين، وحجة اننا بخير ليبرروا عدم حضورهم.
نحن في الخطوة الثانية باتجاه الفاجعة الحقيقية ،ويتحدثون وكأننا سنفك حصارنا بقتلانا  لننطلق لمحاصرة بلدة ام الرشراش.
لا يا عَمرو،
الفدائي بخير ويقاتل ،  انما الى متى يستطيع الانسان ان يعيش من دون ماء و خبز و دواء و قلم.
من دون ارض ومن دون سماء.
من دون مسجد يؤذن .
رمى جنديّهم قنبلة داخل مسجدنا  ،و رمانا الجبناء منّا بمليون قنبلة في القلب.
كم يعيش الفدائي من دون اب ومن دون ام.
من دون امّة.؟
من دون رصاص ومن دون سلاح ؟
يا عَمرو إن تأخرت اكثر ربما لن تجدنا.
والسلام.
#ابو_ليلى_المهلهل.
الشراع