جنوب لبنان بديل غزة لحماس؟

معارك ايلول الاسود عام 1970/71 بين الجيش الاردني والمنظمات الفلسطينية , انتهت بإخراج المقاتلين الفلسطينيين من الاردن ، بعد ان تسلم حافظ الاسد السلطة في سورية ، بإنقلابه على القيادة القومية لحزب البعث ، ورفاقه العسكريين برئاسة اللواء صلاح جديد الداعم للقيادة الحزبية.
الاسد ارسل صديقه العميد وقتها حكمت الشهابي الى الحدود السورية مع الاردن ، ليشرف على توجيه المقاتلين الفلسطينيين ، الخارجين من أخر معاقلهم على هذه الحدود ، الى لبنان ومنع تمركزهم في سورية ، وكان الاسد وزير الدفاع ومسؤول القوات الجوية السورية امتنع عن توفير الغطاء الجوي للفدائيين ، متمردا
على قرار القيادتين القومية والقطرية للحزب التي طالبته بذلكً وانقلب عليها في 16/111970.
العدو الصهيوني ، اليوم يبحث السيناريو نفسه عملياً ، وهو اخراج مقاتلي حماس والجهاد الاسلامي طبعاً من قطاع غزة ، ولن يجد مكاناً يمكن ان يستقبلهم ارحب من جنوبي لبنان ، حيث المقاومة الاسلامية في الجنوب سمكة في بحر شعبي يحتضنها ، وبالنسبة لحماس (وطبعا الجهاد) فإنها غير مرغوب بها عسكرياً وسياسياً في مصر والاردن ، وكانت الدولتان وقفتا موقفا حازماً ضد المشروع الصهيوني – الاميركي لتهجير مليوني فلسطيني الى سيناء المصرية ، ومثلهم من الضفة الغربية المحتلة الى الاردن .، وهدف العدو الصهيوني بالمطلق هو تصفية القضية الفلسطينية ، رداً على ادنى المشاريع المقترحة وهو حل الدولتين ، الذي لا تريد إسرائيل السماع بإسمه ، وهي مستعدة لكل انواع الحروب الهمجية لمنع تطبيقه ..
لبنان ساحة لا يمانع مجرم الحرب بنيامين نتنياهو ، في توجه القيادة السياسية لحماس
كلها اليها ،لأن وجودها في لبنان سيصبح مشكلة داخلية لبنانية لا حل لها ، وستكون هذه القيادة تحت اشراف حزب الله ، وستلتزم بفض الاشتباك بين الحزب وإسرائيل ، كما ستلتزم بقواعد الاشتباك ، الذي وصل انضباطه الى ذروته خلال العدوان الصهيوني على ألشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ،
اما الافظع وهو انتقال الجسم العسكري لحماس الى لبنان ، فهو ذروة اماني العدو الصهيوني… ولعدة اسباب:
فهذا يعني خلاصه من كابوس اقض مضجعه منذ عقود في قطاع غزة، وحقق حلم اسحق رابين الذي كان يحلم بيوم يفيق فيه فيجد ان غزة اصبحت جزيرة في البحر الابيض المتوسط.
٢- وهو يعني ثانياً ،  معارك طاحنة بين حماس وحركة فتح للسيطرة على المخيمات في لبنان ، وما سبق  طوفان الاقصى من معارك مخيم  عين الحلوة ،  نموذج مصغر لما ينتظرها
٢- اشتعال الجبهات السياسية اللبنانية ، بين معترضين جذرياً على هذا الامر ومؤيدين للاستقواء من جديد بالقوة المسلحة الفلسطينية ، وهي وصفة  للمشاكل والفتن والحروب. اين منها  ما سمي بحرب السنتين ( 1975_76)؟
٣- الاخطر هو الاحتكاكات الحاصلة حتما بين الحمساويين وجمهور حزب الله ، اذا لم نتوقع احتكاكات بين الحزب والحركة ، وهذه المرة حركة حماس فضلاً عن حركة امل .
٤- بوجود جسم عسكري قوي كجسم حماس  ،وهو قوة فلسطينية ستنتزع التمثيل الشعبي   والسياسي والاعلامي والثقافي الفلسطيني .. في لبنان ، من منظمة التحرير الفلسطينية ، ولن تكون حماس بعد ذلك بحاجة لإستحداء حركة فتح على تساوي تمثيل الحركتين الاكبر في مؤسسات المنظمة ، وهي خطوة اخيرة قبل القفز على السلطة المتهالكة الآن ) وجود حماس ممثلة لشعب فلسطين في لبنان  يعني توفير  ارض جاهزة للاشتعال،  وانت تضع الوقود امام كل ما يمكن ان يشتعل ..وما هو اغلى عند إسرائيل من هذه الهدية .
لماذا ؟
لأن العدو سيربط في اذهان العالم الذي ما يزال ينظر الى المقاومة الاسلامية في لبنان ، اي حزب الله ، كحركة تحرير ، بينه وبين حركة حماس التي اعطت اوروبا واميركا العدو الصهيوني كل الامكانات العسكرية والسياسية والمالية والاعلامية …ليخلص العالم منها .!
٥- بوجود حماس في لبنان ، سيصبح بإمكان إسرائيل ان تخوض الحرب مدعومة من العالم كله ، وستفتح شهيته ليخوض حرب ابادة ضد اللبنانيين ، كما فعل في غزة ، وسيحد للأسف من يتعاون معه في لبنان ، كاشفاً ظهر كل من يقاتل ضد العدو الصهيوني ، مسهلاً طريق التدخل الخارجي … ومن يعلم فلربما يتكرر اجتياح 1982. .. الذي انتهى بإخراج منظمة التحرير الفلسطينية رسمياً من لبنان ؟
لا شيء مستبعد ، ولا امر مستهجن .. وبعد ما فعله العدو الصهيوني في قطاع غزة من ارتكابات همجية وسط صمت العالم .. بات حصول المذابح امراً يمر كفيلم سينمائي ، قد يخيف بعض الناس ، وقد يقزز نفوس البعض لكنهم في واقع الامر ونهايته يعيشونه .
واخيراً وهي اولاً ايضاً ..فإن العدو الصهيوني ، الذي يرمز له الآن بمجرم الحرب بنيامين تتنياهو، سيحصل على جائزته الكبرى وهو استدراج ايران للحرب المنتظرة ، وهو هنا لن يواجهها وحيداً ، بل هي فرصة امامه كي يدفع اميركا للحرب ضد ايران التي لن تستطع التخلي عن تفرد إسرائيل بقتال حزب الله وحركة حماس سرية في لبنان   وقتال جماعات ايران في العراق واليمن وسورية… انها الجائزة الكبرى لايران .. فعلاً ! ومن قال ان اميركا ستلعب بعد ذلك لمصالحة ايران ، وهو الامر الذي كان وما زال يقض مضاجع الكيان ؟
احمد خالد
الشراع