يرتدي الهدوء الذي ساد الجبهات في غزة، كما في جنوب لبنان، طابع الوقت المستقطع للتركيز على الملفات السياسية على الساحة اللبنانية، ولإعادة إطلاق دينامية ديبلوماسية باتجاه الروزنامة التي كانت متداولة قبل السابع من تشرين الأول الماضي، ومن دون أن تبرز في الأفق أية تسويات أو محاولات لإرساء ما يشبه “التهدئة السياسية”.
وتقول مصادر ديبلوماسية عليمة، بأن الأمور لم تعد إلى سابق عهدها، والدليل على هذا الواقع سيكون واضحاً من خلال ما سيسمعه الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، من المسؤولين والكتل النيابة الذين سيلتقيهم.
فالموفد الرئاسي، يأتي بمهمة جديدة وإن كان الإنطباع السائد أنه سيعيد طرح ملف رئاسة الجمهورية “المجمّد” أصلاً بحكم الأمر الواقع، كما تؤكد المصادر الديبلوماسية ل”ليبانون ديبايت”، ذلك أن هذه المهمة ستقوم على إعداد تقرير خاص بمواقف كل الشخصيات التي سيجول عليها، ويتضمّن مواقفها من فرنسا أولاً بما خصّ عملية “طوفان الأقصى”، وذلك على الرغم من أن الرئيس إيمانويل ماكرون قد عاد وبدّل في موقفه من حركة “حماس” ومن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وبالتالي، تكشف المصادر، أن لودريان سيسمع اعتراضاً من بعض هذه الشخصيات على هذا الموقف، لكنه في المقابل، سينقل وجهة النظر الفرنسية من التطورات على الجبهة الجنوبية، والتي تشدّد على أولوية تفادي أي خطوات قد تؤدي إلى حرب كبيرة في المنطقة.
وتوضح المصادر نفسها، أن الموفد الفرنسي، يريد إخراج الملف الرئاسي من دائرة المراوحة، وسيعيد طرح مرشح رئاسي من خارج لائحة الأسماء المتداولة، ويحمل صفة “التوافقي” علماً أنه كان قد توقف في مهمته الأخيرة عند نقطة الحوار غير المشروط بين الأطراف السياسية، وطرح مرشح من خارج نادي المرشّحين المعروفين.
لكن هذا العنوان لن يسلك طريقه نحو الترجمة، تتابع المصادر ذاتها، والتي تشدِّد على أن قوى المعارضة، والتي تحفّظت في السابق على المبادرة الرئاسية الفرنسية، وعلى حراك لودريان وطرحه “الوفاقي”، قد تلتقي هذه المرة، وبشكل غير مباشر، مع اعتراض الفريق الممانع الذي كان يؤيّد الحراك الفرنسي الداعم لخياره الرئاسي، ولكن لأسباب وخلفيات مغايرة لخلفيات فريق المعارضة.
وعليه، فان الزائر الفرنسي في بيروت اليوم، لا يشبه نفسه في زياراته الثلاث السابقة، فهو لن يقدم أكثر من نصيحة بتفادي الحرب وبالذهاب نحو التركيز على الملف الرئاسي