رأى الدكتور في التاريخ والعلاقات الدولية جمال واكيم أن “الضربة التي تلقتها إسرائيل كانت قاسمة، رغم أن الدمار والخسائر البشرية داخل غزة كانت كبيرة، وهذا ما إستعمله العدو للضغط على حماس، ولكن الهدنة كانت مطلباً إسرائيلياً وأميركياً”.
وفي مقابلةٍ عبر “سبوت شوت” ضمن برنامج “وجهة نظر” قال واكيم: “لم تدخل إسرائيل معركة، دون ضوء أخضر أميركي، وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يزور فيها رئيس أميركي تل أبيب أثناء المعركة، مما يؤكد على قوة الدعم الأميركي”.
ولفت إلى أنه “بعد 49 يوماً من المعارك، إنقلبت الصورة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وظهرت إسرائيل على حقيقتها كجلاد، فإجتاحت المظاهرات الغرب والولايات المتحدة، وإنعكس ذلك خلافات داخل وزارة الخارجية الأميركية، وداخل الحزب الديمقراطي والكونغرس، كذلك كان الأمر في كندا وفرنسا”.
وأضاف، “أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن لديه أيام وليس أسابيع قبل وقف إطلاق النار، الذي إستُغل لإطلاق الرهائن، علماً أن الصراعات داخل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مستعرة، وهناك تهم متبادلة”.
وتابع، “حالياً توقفت الهدنة على خلفية الخلاف على شروط إطلاق العسكريين، وبرأيي هذه حجة يستعملها نتنياهو لتقصير الهدنة وإستئناف العمليات العسكرية، هناك تعتيم على الخسائر الإسرائيلية، ونتنياهو لا يريد إنهاء المعركة لأسباب سياسية وهو يريد البقاء في السلطة لحماية مستقبله آملاً تحقيق الأهداف التي وضعها، ولكنها أهداف صعبة المنال وسيتعرض جيشه إلى المزيد من الخسائر على يد حماس”.
وأكد أن “جميع المعارك فيها خسائر بالأرواح والممتلكات، ولكن الحرب هي حرب إرادات، وليست حرباً تقاس بالخسائر، وبالتالي في ميزان الربح والخسارة إنتصرت المقاومة الفلسطينية”.
وأوضح أن “هذه الحرب تكمن أسبابها في إفتتاح الشرق الأوسط الجديد عبر طريق الهند، وهو ممرّ جيوسياسي تشارك فيه بعض الدول العربية، وكي يضم هذا المشروع إسرائيل، عليها أن تشارك فيه بأرضية صلبة، وليس وهي تحوي دولتين وشعبين، لذلك وجب ضرب حماس، ولكن الخبر تسرب لهذه الأخيرة فقامت بعملية إستباقية”.
وكشف واكيم أن “حماس تعمدت السرّية لتكفل نجاح العملية فلو بلّغت لتسرب الخبر، وما قامت به الحركة أفشل مشروع التهجير، ومشروع ضرب أهل الضفة، وضرب لبنان، والصمود الذي أبدته حماس أجهض الهجوم الصهيوني، وضرب العدو، ومنع الإستيطان، وقامت هجرة معاكسة إلى خارج إسرائيل وأفشل المشروع الكبير”.
وأكد أن “زوال الكيان هو مسألة وقت لن يتعدى العقدين أو الثلاثة من الزمن، وبدءاً من الآن سيتعرض إلى ضغط سياسي، ولن تكون إسرائيل الوكيل الحصري لأميركا في الشرق الأوسط”.
وتابع، “ما يقوم به الإسرائيليون الآن بعد الهدنة هو خطوات يائسة في وقت محدود، والأرجح أنه بعد إنتهاء هذه المعركة، ستصل حماس إلى حالة ردع تشبه حالة جنوب لبنان، ليليها تعزيز للمقاومة في الضفة الغربية ومن ثم في أراضي العام 1948”.
وتساءل عما سيحصل لو قامت إسرائيل بشن حرب مفتوحة “فالجميع يحاول إستيعاب نتنياهو خاصة الأميركي وحتى الروسي ، فإن نشبت هكذا حرب ستمتد من اليمن إلى العراق، والسؤال بكم سيصبح برميل النفط في هكذا ضروف؟ وهل سيتحمل الرئيس الأميركي ذلك، وهو على أبواب إنتخابات؟ لذلك لا يمكن توسيع دائرة الحرب”.
لبنانياً إعتبر واكيم أنه “منذ عهد المتصرفية كان يُعَين المتصرف العثمانيمن من الطائفة المسيحية غير اللبنانية بموافقة الدول الكبرى، وحتى اليوم لم يتغير شيئ، إذ يعين الرئيس بموافقة تلك الدول، وطالما لم تحل الأزمة على صعيد المنطقة، سيبقى لبنان دون رئيس وسنبقى نصرف الأعمال”.
وختم واكيم بالتأكيد أن سلاح حزب الله لا يؤثر على المسار العام في لبنان، وقد كان الحزب في البدء غير راغب بالتدخل بالسياسة الداخلية، ولكنه وجد نفسه مرغماً على ذلك حتى لا تنقلب الحكومة ضد المقاومة، وحزب الله على قدر ما هو قوي في المعادلة ضد إسرائيل هو ضعيف في المعادلة اللبنانية”