نجح المقاول العسكري الأميركي المثير للجدل إريك برنس، الذي كان يرأس شركة “بلاك ووتر” الأمنية الأميركية، بإقناع الجيش الإسرائيلي بفكرته وشراء معدات تعدين متطورة تعود إليه، من أجل إغراق أنفاق حركة “حماس” داخل قطاع غزة، الذي يشهد حرباً يشنّها الجيش الإسرائيلي منذ شهرين.
وذكرت صحيفة “The Times” البريطانية، أمس الثلاثاء، أن برنس الذي خدم سابقاً في سلاح البحرية الأميركية، سافر إلى إسرائيل بعد أيام فقط من الهجوم الذي شنته فصائل المقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة يوم 7 تشرين الأول 2023.
وتُشير الصحيفة إلى أن أنفاق غزة يُقدر طولها بـ 482 كيلومتراً، وقالت الصحيفة إن مصدراً مطلعاً -لم تذكر اسمه- أكّد لها تفاصيل العملية.
كذلك نقلت الصحيفة عن مصدر قوله: “عندما أصبح من الواضح وجود الكثير من الأنفاق في غزة، ابتكر إيريك فكرة غمر الأنفاق بالماء لإجبار الناس على الخروج. ذهب إلى إسرائيل والتقى بقوات الدفاع الإسرائيلية لطرح الفكرة، وقبلوها”.
كان برنس، بعد أن ترك شركة “بلاك ووتر”، قد انتقل إلى مشروعه الجديد لتقديم الخدمات اللوجستية لشركات النفط والتعدين.
بحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي أعد منظومة مضخّات في شمال قطاع غزة، برؤية تهدف إلى استخدام مياه البحر لإغراق شبكة الأنفاق التي تستخدمها الحركة، وأضافت أن إسرائيل جلبت لإسرائيل مهندسين من الخارج للإشراف على تشغيل المضخات وتقنيات التعدين المتقدمة، وذلك من أجل حل معضلة شبكة الأنفاق.
من جانبه، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، إن “إغراق الأنفاق سيكون فكرةً جيدة”.
وأوضح أنه “نرى بنيةً تحتية كبيرة تحت الأرض في غزة، وكنا نعلم أننا سنجد الكثير منها. لكن جزءاً من الهدف يتمثّل في تدمير هذه البنية التحتية”.
لقيت فكرة إغراق أنفاق غزة، ردود أفعال متضاربة بين داعمي إسرائيل في واشنطن، وبحسب صحيفة Wall Street Journal الأميركية، فإن واشنطن أُبلغت بالخطة في مطلع الشهر الماضي.
أيضاً حذّرت إدارة بايدن من أن مشاركة برنس تُعد “مؤشراً مقلقاً”، وطالبت بدراسةٍ أكبر لآثار هذه الخطة على المياه الجوفية ومرافق الصرف الصحي.
الصحيفة البريطانية نقلت عن مصدر قوله: “يُعتبر برنس جمهورياً، ولهذا تلعب الخلافات السياسية الواضحة دورها هنا. بينما تعلم الولايات المتحدة أنه لا بديل أمامها؛ لأن هناك أكثر من 800 نفق مرصود بالفعل”.
بدورهم، يخشى المنتقدون أن يؤدي حقن ملايين الأمتار المكعبة من مياه البحر في الشبكة، إلى إلحاق ضرر دائم ببيئة غزة، وخاصةً إمدادات مياهها الجوفية.
بحسب الصحيفة أيضاً، فإنه لم يتضح بعد الجدول الزمني للخطة، التي لم تؤكدها السلطات الإسرائيلية حتى الآن، وتضيف أنه من المستبعد أن يحاول الجيش الإسرائيلي “إغراق حماس” بينما لا يزال هناك أكثر من 130 رهينة في أيدي الحركة وحلفائها، خاصةً أن العديد من الرهائن -إن لم يكن أغلبهم- لا يزالون محتجزين في شبكة الأنفاق.
كذلك تنوّه الصحيفة، إلى أن الجيش الاسرائيلي يخشى أن قادة “حماس الذين وعد بقتلهم أو القبض عليهم قد ينجُون في مجمع الأنفاق تحت الأرض، حتى لو سيطر الجيش على كامل قطاع غزة من فوقها”.
فضلاً عن ذلك، فإن اجتياح شبكة الأنفاق سيمثل عمليةً معقدة وخطيرة، كما سيُعرّض القوات الاسرائيلية لخطر الوقوع في الكمائن والمزيد من عمليات الاختطاف.
وسبق للجيش الإسرائيلي أن استخدم الخرسانة لتعطيل الأنفاق، كما حدث مع أنفاق “حزب الله” على حدود إسرائيل مع لبنان، وضخّت مصر كذلك مياه البحر في أنفاق التهريب الموجودة على جانبها من الحدود مع غزة.
لكن ساريت زيهافي، مُؤسِّسة منظمة Alma المعنية بدراسة تحديات إسرائيل على حدودها الشمالية، قالت إن تجربة الجيش الإسرائيلي مع أنفاق “حزب الله” تختلف بشدة عن بيئة غزة الساحلية.
وأضافت زيهافي، “لا يُمكنك إغراق الأنفاق في الشمال لأنها مبنية داخل بيئةٍ صخرية. وهذا يختلف عن بيئة غزة الرملية، حيث يُمكنك استخدام ضغط الماء لجعل الأنفاق تنهار”.
كان الجيش الاسرائيلي قد أوضح منذ وقتٍ طويل أنه يخطط لتفكيك متاهة شبكة الأنفاق في غزة، وجرى بناء العديد من تلك الأنفاق باستخدام الخرسانة المسلحة، وتحتوي على خطوط للطاقة والاتصالات، كما أن بعض الأنفاق كبير بما يكفي ليسمح بمرور سيارات الجيب.