سعت الولايات المتحدة منذ هجوم 7 تشرين الأول على جنوب إسرائيل إلى إبعاد حزب الله عن هذه المعركة، واعتبرت أن الصراع هو بين طرفين، حماس وإسرائيل ويجب أن يبقى كذلك.
كان من الملاحظ أن الولايات المتحدة عملت منذ بداية الأزمة الحالية على إرسال قوات ضخمة إلى شرق المتوسط، ووصلت حاملتا طائرات قبالة السواحل اللبنانية والإسرائيلية، ومعها أعداد من السفن الحربية، وعلى متنها أسراب من القوات جوية، وبدت الولايات المتحدة جادة في استعمال هذا الحشد وسيلة لردع حزب الله عن الدخول في المعركة بكل قوته. استعملت الولايات المتحدة من ناحية أخرى وسيلة الاتصال “شبه المباشر” مع حزب الله، وأرسلت عبر الإيجازات الصحافية وعبر الاتصالات الدبلوماسية مع أفراد الحكومة اللبنانية وقالت لـ حزب الله “ابق بعيداً عن معركة مفتوحة” مع إسرائيل.
بحسب مصادر العربية في واشنطن فإن الأميركيين كانوا يريدون السعي بجدّ خلال المرحلة الحالية إلى إقناع الطرفين، إسرائيل وحزب الله بضرورة التوصل إلى حلّ مشكلة ترسيم الحدود بين الدولتين، وهذا ما حمله الموفد الأميركي عاموس هوكستين خلال زيارته الى لبنان. وتعتبر إدارة بايدن ان الترسيم البرّي، لو قبل به الطرفان كما قبلا بالترسيم البحري، سيكون أفضل “مخرج” ومن خلاله سيتمّ تحاشي مواجهة، فيظهر حزب الله أنه توصل الى انجاز وتظهر إسرائيل أنها فتحت الباب أمام بدء التطبيق الفعلي للقرار 1701 لكن أي تقدّم لم يتحقق منذ طرح الفكرة. متحدث باسم مجلس الأمن القومي قال في حديث لـ “العربية” متابعة لهذه المهمة إنهم لا يكشفون عن مضمون المحادثات الدبلوماسية “لكنني أقول ان الولايات المتحدة عملت بشكل دؤوب على منع أي تصعيد إضافي عند الخط الأزرق” وأضاف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي “ان على اللبنانيين والإسرائيلين أن يعيشوا بسلام وأمن، وهذه مسألة على أهمية قصوى للولايات المتحدة ويجب أن تكون اولوية عالية لإسرائيل ولبنان”. كما أشار الى ان الولايات المتحدة “تتابع البحث والعمل على كل الخيارات الدبلوماسية مع شركائنا الإسرائيليين واللبنانيين”. عملت السلطات اللبنانية، وبنجاح على تهدئة الموقف الأميركي، وقامت إلى حدّ ما بدور “وسيط” بين حزب الله والأميركيين، وقد ابألغت الحكومة اللبنانية الاميركيين مراراً انها لا تريد تصعيداً وتسعى الى تطبيق القرار 1701 وانها ملتزمة بالمبادرة العربية واعلان بيروت الذي تبنّته القمة العربية ويتحدّث عن حلّ الدولتين. تبدو الأمور الآن، وكأن كل الأطراف مرتاحة الى موقفها والى موقف الطرف الآخر، فالاميركيون راضون عن ان حزب الله لم يصعّد المعركة، وحزب الله راض عن انه يقوم “بالواجب” تجاه حركة حماس، كما أن الحكومة اللبنانية مرتاحة الى ان الاوضاع لا تتصعّد، وان الحكومة الاميركية ملتزمة بمتابعة المساعدات الى لبنان بما فيها المساعدات العادية للجيش اللبناني ومتابعة التعاون معه ومع باقي الاجهزة الامنية الرسمية اللبنانية. في المقابل، لا يبدو في المقابل أن الأميركيين معنيين ببذل الجهد مئة في المئة لمعالجة مشاكل لبنان. فرئاسة الجمهورية فارغة منذ سنة واكثر، وقيادة الجيش في طريقها الى الفراغ، والحكومة غير قادرة على حلّ مشاكل اللبنانيين الا بالتمنيات، والاميركيون لا يبدون في موقع فرض الحلول، مثل انتخاب رئيس يحبّذونه، ولا هم قادرون على منع الفراغ في قيادة الجيش من جنرال يتعاونون معه ومع مؤسسته العسكرية، التي يعتبرونها “مؤسسة اساسية في استقرار المنطقة بأكملها وليس فقط لبنان”. في تصريحات لـ “العربية”، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة “وفيما تعمل بجهد لمنع أي تصعيد على طول الخط الأزرق تدعو لبنان إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة غير منغمسة في الفساد وتطبق إصلاحات اقتصادية ضرورية، وفي مقدمتها ما هو مطلوب لضمان برنامج صندوق النقد الدولي”. وأضاف المتحدث أن الولايات المتحدة تتابع “الالتزام بدعم الأجهزة الأمنية السيادية اللبنانية والتي قامت بدور حاسم في ضمان استقرار لبنان وأمنه”. |