والصراع لا يقتصر على مواجهة زعيم الاغلبية الوطنية الشيعية بزعامة السيد مقتدى الصدر، مع حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي، وحلفاؤه في الاطار التنسيقي، وجماعة الحشد الشيعي والفصائل المسلحة، بل هي بين كل هؤلاء مع بعضهم البعض، ما عدا التيار الصدري
صحيفة المدى العراقية كتبت التقرير التالي عن اوضاع العراق .. تستنتج فيه امكانية حصول هذا الصراع ، على خلفية الموقف من الوجود العسكري الاميركي في بلاد الرافدين ، وقد اعتبره زعيم منظمة بدر هادي العامري شراً مطلق
كتبت المدى ما يلي:
تقترب الحكومة والاطار التنسيقي ،من عزل مجموعة الفصائل الاربعة التي تدعي “مقاومة” القوات الامريكية، وكشفت مؤخرا عن هويتها ،وابرزها كتائب حزب الله. وباتت بالمقابل تلك الفصائل، شبه متأكدة، بان الهجمات الامريكية التي استهدفت مقاتليها والبنية التسليحية، جرت باتفاق سابق مع بغداد.
ولذلك تتوقع بعض المعلومات المتوفرة، عن احتمال تصاعد الازمة في الداخل، بان تدير تلك المجاميع اسلحتها ضد الحكومة والقوى الشيعية.
واعترفت الولايات المتحدة، اول امس، بالقصف الذي طال حركة النجباء في كركوك مساء الاحد، وقالت بانه “دفاعا عن النفس”، فيما لم تعلق الحكومة العراقية حتى الان.
وبدأت الفصائل التي تنضوي تحت مايسمى بـ”المقاومة الاسلامية” برفع درجة التأهب خوفا من استهداف الزعامات والقيادات.
وكانت “النجباء” قد شيعت يوم الاثنين، قتلاها الخمسة في شارع فلسطين، شرقي بغداد بعد ساعات من الهجوم، في وقت هدد فيه زعيم المجموعة اكرم الكعبي بـ”الثأر”.
وتحدث مسؤولان اثنان الى (المدى) احدهما قيادي في احد احزاب الاطار الشيعي، واخر قريب من الفصائل، عن الايام التي سبقت هجوم كركوك الاخير.
وقال القيادي الشيعي الذي طلب عدم نشر اسمه، ان “اطرافا في الاطار التنسيقي غير راضية على استئناف القصف بعد الهدنة في العراق التي استمرت 10 ايام”.
واضاف: “هذه الاطراف كانت تتوقع ان تستمع المقاومة الى الرسائل التي اوصلتها (مكونات من الاطار) بان تتجنب التصعيد بسبب حراجة الوضع في العراق ،وقرب الانتخابات”.
ويشير القيادي الى ان “الاطار واضح بانه يؤيد جهود الحكومة في حماية التحالف الدولي، وبان هذه المجاميع لا تمثل جهة رسمية، وهي وخارجة عن السلطة”.
وتبدو خطابات الاطار الشيعي في قصف كركوك الاخير، منضبطة اكثر من الهجوم الذي حدث في جرف الصخر نهاية تشرين الثاني الماضي.
ولم تصدر حتى الان تعليقات على القصف الاخير من اغلب زعماء “الاطار” باستثناء قيس الخزعلي.
بالمقابل لم يصدر عن الحكومة او الحشد الشعبي اي موقف بشأن قصف كركوك، خلافا لحادثة جرف الصخر الشهر الماضي.
ويقول مقرب من احد الفصائل الذي طلب ايضا عدم الاشارة الى هويته ان “الاطار والحكومة في حرج، هل يعترفون ان المجموعة في كركوك ضمن الحشد، او هي خارجة عن القانون؟”.
ويوضح: “اذا قالوا بانها من الحشد فعليهم ادانة القصف ،وهذا لايخدم المواقف المتسامحة الاخيرة مع واشنطن، واذا قالوا بانها خارجة عن القانون ،فيعني ان الحكومة غير مسيطرة على الوضع الامني”.
ويشير المقرب من الفصائل الى ان بعض “تشكيلات المقاومة بدأت تشك في نوايا الحكومة ،وقد تصنفها على انها متعاونة مع امريكا ،وبان الهجمات كانت منسقة”.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية اكدت أن القوات المخصصة لفرقة العمل المشتركة – عملية العزم الصلب (CJTF-OIR)- اشتبكت مع خمسة مسلحين يستعدون لإطلاق طائرة بدون طيار هجومية في اتجاه واحد.
وجاء الهجوم بعد اتصال بين رئيس الحكومة محمد السوداني ووزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن، يوم السبت الماضي.
واضافت القيادة المركزية في بيان: “ردت قوات CJTF-OIR دفاعا عن النفس بنظام جوي أمريكي مسلح بدون طيار، مما أسفر عن مقتل جميع المسلحين الخمسة وتدمير الطائرة بدون طيار”.
واشار إلى أنه “تم إخطار قوات الأمن العراقية بالضربة واتجهت على الموقع، حيث أكدت وفاة المسلحين وتدمير الطائرة بدون طيار”.
وشدد البيان على ان واشنطن ستواصل “الدفاع عن افراد الولايات المتحدة والتحالف الدولي من الهجمات”.
وكان الحادث الذي جرى في قضاء الدبس، غربي كركوك، قد سبقته 3 هجمات للفصائل على قواعد عراقية وفي سورية .
بدوره يقول رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل ، ان المجموعة التي تدعي المقاومة “لا تبدو منسجمة مع بعضها، وغير متفقة على صعيد الإستراتيجيات العسكرية والسياسية”.
ويضيف فيصل في مقابلة مع (المدى) ان هذه التنظيمات “مختلفة في توصيف والتعامل مع وجود القوات الامريكية في العراق، والتي هي في الاساس موجودة وفق اتفاقية الشراكة التي وقعها العراق في 2008”.
ويشير رئيس المركز العراقي الى انه وفق اتفاقية الشراكة “يسمح للولايات المتحدة ان تدافع عن قواعدها العسكرية ، التي تضم مستشارين بدعوة رسمية من الحكومة اثناء ظهور داعش في 2014”.
وتابع قائلا: “تشكل التحالف الدولي على ضوء محاربة داعش، وبحسب قواعد الاشتباك ، فان تلك القوات سوف ترد للدفاع الذاتي ضد الهجمات التي تنفذها مجاميع مرتبطة مع ايران ، وتتبنى الحرب ضد الوجود الامريكي في العراق والشام واليمن”.
وفي الداخل يرى الباحث في الشأن السياسي: ان “الرأي العام العراقي يدرك وجود انقسام بين الفصائل، حيث هناك 32 مجموعة مرتبطة مع ايران من اصل 74، وهي تقوم بتطوير قدراتها الصاروخية والمسيرات كما شاهدنا في القصف على جرف الصخر وفي كركوك، وكذلك تطور نوع الهجمات على الولايات المتحدة”.
واول امس اكدت القيادة المركزية الأمريكية، إطلاق 15 صاروخا من العراق على منطقة هبوط قاعدة “رومالين” الأمريكية في سورية .
وأضافت في بيان أن “فرقة العمل المشتركة – عملية العزم- حددت نقطة القصف، ونقلت الموقع إلى قوات الأمن العراقية التي انتقلت إلى الموقع”، وعثرت على شاحنة وقود تم تعديلها لإطلاق ما يصل إلى 20 صاروخا.
وهذا الانباء تزيد شكوك تعاون بغداد مع واشنطن بشأن السيطرة على الفصائل، حيث كان السوداني قد وجه قبل اكثر من شهر بملاحقة مطلقي الصواريخ.
ويرى فيصل وهو دبلوماسي سابق، ان الانقسام بين الفصائل واضح خصوصاً بين عصائب اهل الحق (بزعامة قيس الخزعلي) وكتائب حزب الله، مبينا ان “عددا من التنظيمات الراديكالية في الاطار لا تتفق مع استراتيجة شن الحرب على التحالف الدولي ، ماعرض العصائب الى انتقادات من كتائب حزب الله”.
وكانت مراكز دراسات غربية، اعتبرت ان كتائب حزب الله “تسخر علناً من “جبن” عصائب أهل الحق” بعد أن سعت “عصائب أهل الحق” إلى وقف الهجمات الخطابية.
وقالت تلك المراكز ان كتائب حزب الله “وجهت اهانة علنية لاذعة الى عصائب اهل الحق” بعد الهدنة الاخيرة مع الولايات المتحدة والتي استؤنفت الاحد الماضي.
واعتبر ان تسمية كتائب حزب الله نفسها، و3 فصائل اخرى (انصار الله، سيد الشهداء، والنجباء) تحت لافتة “المقاومة”، وتجاهل العصائب بانه توبيخ للاخيرة لعدم الاشتراك في الهجمات على القواعد الامريكية.
وكان المتحدث العسكري باسم العصائب جواد الطليباوي اعترض في وقت سابق، لعدم ذكر اسم فصيله ضمن “المقاومة”.
ويرجح رئيس المركز العراقي للدراسات : ان هذه التناقضات بين الفصائل “قد تتحول الى تناقضات عميقة تؤثر على الخيارات العسكرية لمواجهة الولايات المتحدة”.
الشراع