الولايات المتحدة التي تدعي بأنها منبع الديمقراطية وبانها مع حرية الشعوب، هذه الـ “أمريكا” استخدمت حق النقض (الفيتو) مرتان خلال ثمانية أيام ضد مشروع قرار وقف الحرب على غزة. المرة الأولى كانت في الثامن من الشهر الجاري عندما صوت 13من الدول الـ15 الأعضاء في المجلس لصالح مشروع القرار والمرة الثانية في الثاني عشر من هذا الشهر في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد نفس القرار.
153 دولة عضو في هذه المنظومة الدولية التي يبلغ عدد الاغضاء قيها 193 دولة أي أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء الجمعية العامة، أيدت قراراً يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة لدواع إنسانية إلا ان الولايات المتحدة سارعت لاستخدام (الفيتو) ضد القرار. والسبب الكيان الصهيوني في مواصلته شن الحرب على غزة. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن لدولة عظمى مثل أمريكا ترفع نصب تمثال لحرية الشعوب ان تكون مع الحرب لقتل الشعوب. فهل الحرية بالمفهوم الأمريكي هي القتل؟
تعالوا نسمع تبرير الولايات المتحدة لعدم موافقتها على وقف الحرب:
الدبلوماسي الأمريكي روبرت وود نائب المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة يعتبر أن مشروع قرار وقف الحرب في غزة “منفصل عن الواقع ولن يؤدي إلى دفع الأمور قدما على الأرض”. هذا ما نجمت عنه عبقرية هذا الأمريكي الذي يرى ان وقف الحرب لا يمت للواقع بصلة وان الحرب هي المرتبطة بالواقع. ويتحفنا وود في تبريره بالقول ايضاً: ” الولايات المتحدة لا ندعم وقف فوري لإطلاق النار لأن ذلك “سيؤدي فقط إلى زرع بذور الحرب المقبلة”.
هل من عاقل على وجه البسيطة يصدق ان وقف حرب سيؤدي الى حرب أخرى؟ لكن كل شيء جائز في السياسة الأمريكية التي تتعامل مع ما يجري في العالم بمكيالين وذلك حسب مصالحها، وأكبر مثال على ذلك أوكرانيا. فالولايات المتحدة تؤيد وقف الحرب فيها بينما تدعم مواصلة الحرب في غزة.
صحيح ان قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزمة قانونيا للدول الأعضاء وتعتبر توصيات، لكن حصول قرار وقف الحرب على غزة على تأييد 153 دولة يجعل تبنيه رسالة قوية لكيان الاحتلال والولايات المتحدة المعارضين لوقف إطلاق النار.
قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة المشابهة نادرا ما تحصل على تأييد هذا العدد من الدول الأعضاء، الا ان قبول العالم لقرارها المتعلق بوقف الحرب في غزة يدل على القلق البالغ إزاء الحالة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة ومعاناة المدنيين الفلسطينيين ومدى تفهم العالم لضرورة وقف هذه الحرب.
بقي علينا القول والاعتراف بان تأييد العالم لقرار وقف الحرب يأتي بفضل رسالة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى رئيس مجلس الأمن الدولي في السادس من الشهر الجاري، والتي قام من خلالها بتفعيل المادة 99 لميثاق الأمم المتحدة وطالب مجلس الأمن بالتحرك من أجل التوصل لوقف إطلاق النار.