الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل للشروع في “إنهاء الحرب”

تضغط واشنطن على إسرائيل من أجل إنهاء حملتها البرية والجوية واسعة النطاق بقطاع غزة في غضون أسابيع والانتقال إلى مرحلة “أكثر استهدافا” في حربها ضد حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة وعدة دول أخرى، بحسب ما ذكرته صحف أميركية.

ضغوط أميركية

وقال مسؤولون أميركيون إن مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، حث الزعماء الإسرائيليين على التحول من الاعتماد على الغارات الجوية والهجمات البرية في غزة إلى العمليات العسكرية المستهدفة، وحذر من أن الصراع الذي طال أمده سيجعل من الصعب حكم الأراضي الفلسطينية بعد الحرب، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال“.

ويبدو أن اجتماعات سوليفان مع القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، الخميس، لم تحقق تقدما كبيرا في معالجة الخلاف المتزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن الضحايا المدنيين، ومدة الصراع، والدعم الدولي الضعيف للحملة الإسرائيلية، والحكم المستقبلي لقطاع غزة، بحسب الصحيفة.

وتقوم الولايات المتحدة بممارسة ضغط كامل في المنطقة حتى يبدأ الإسرائيليون في إنهاء الصراع، وقال المسؤولون الأميركيون الذين لم تذكر “وول ستريت جورنال” اسمهم، إن الولايات المتحدة تريد أن ترى انتهاء القتال في غضون أسابيع، وليس أشهر، على الرغم من أن إدارة بايدن تواصل دعم الحملة الإسرائيلية لتدمير قدرة حماس على شن عمليات عسكرية أو حكم غزة.

تكتيكات “أكثر دقة”

وفي سياق متصل نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن أربعة مسؤولين أميركيين لم تكشف عن هويتهم، قولهم إن “بايدن يريد أن تتحول إسرائيل إلى تكتيكات أكثر دقة في غضون ثلاثة أسابيع تقريبا”.

وقد أوضح المسؤولون الأميركيون هذا الجدول الزمني لنظرائهم الإسرائيليين في الأيام الأخيرة، وهي الخطوة الأخيرة ضمن “خطوات تدريجية” من جانب الإدارة للإعلان عن أن الصبر الأميركي تجاه الوفيات بين المدنيين على نطاق واسع “بدأ ينفد”، حسبما ذكرت “نيويورك تايمز”.

والخميس، قال بايدن للصحفيين بعد مناسبة في مركز للأبحاث الطبية قرب واشنطن، “أريدهم (الإسرائيليين) أن يركزوا على كيفية إنقاذ حياة المدنيين، وليس التوقف عن ملاحقة حماس، بل أن يكونوا أكثر حرصا”.

والخميس، حرص المسؤولون الأميركيون، على اعتبار الزيارة فرصة لمناقشة المرحلة التالية من قتال إسرائيل مع حماس، على أمل أن تنتقل بسرعة إلى صراع أقل حدة.

وتأتي زيارة سوليفان بعد أيام فقط من توجيه الرئيس الأميركي انتقاداته الأكثر وضوحا للحكومة الإسرائيلية منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر.

ويدعم الرئيس بايدن إسرائيل بقوة، لكنه وجه، الثلاثاء، أقوى انتقاداته إليها، محذرا من أنها تخاطر بخسارة الدعم الدولي بسبب “القصف العشوائي”.

ويتواجد مسؤولون أميركيون، ومن بينهم سوليفان، في إسرائيل لتشجيع الجيش الإسرائيلي على “تحسين نهجه داخل غزة والبدء في الانتقال إلى العمليات التي تعتمد أكثر على الاستخبارات وقوات العمليات الخاصة والقنابل الأصغر”.

ومن المتوقع أن يصل وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الجوية الجنرال، سي كيو براون، إلى إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع، حسبما أشارت “وول ستريت جورنال”.

ومن جانبه قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، “أعتقد أننا جميعا نريد أن تنتهي (الحرب) في أسرع وقت ممكن”، مضيفا أنها “قد تنتهي اليوم” إذا استسلمت حماس، لكن “هذا لا يبدو مرجحا في الوقت الحالي”.

وأكد المتحدث باسم الرئاسة الأميركية أن واشنطن “لا تملي الشروط” على إسرائيل، معتبرا أن الجدول الزمني الذي قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، “منسجم” مع ما قاله المسؤولون الإسرائيليون في السابق.

وأضاف كيربي أن ساليفان طرح على المسؤولين الإسرائيليين “أسئلة صعبة” بشأن مسار هجومهم على قطاع غزة.

وتابع “لقد تحدث عن إمكان الانتقال مما نسميه العمليات العالية الكثافة، التي نراهم يقومون بها الآن، إلى عمليات أقل شدة في وقت ما في المستقبل القريب”، متداركا “لكنني لا أريد أن أحدد جدولا زمنياً لذلك”.

نصائح أميركية

ولم يوضح كيربي ما هي النصائح الأخرى التي قدمتها الولايات المتحدة للإسرائيليين، لكن مسؤولين آخرين وصفوا نوع العمليات التي كانت الولايات المتحدة تقنع القوات الإسرائيلية بإتباعها، بحسب ما ذكرته “وول ستريت جورنال”.

ويتعلق ذلك بـ”المزيد من العمليات التي تعتمد على الاستخبارات، والوحدات الصغيرة لملاحقة قادة ومقاتلي، وعدد أقل من الغارات الجوية المكثفة التي كانت السمة المميزة للحملة الإسرائيلية منذ أن شنت عملياتها في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر.

وقال المسؤولون إن المرحلة الجديدة التي يتصورها الأميركيون ستشمل “استخدام إسرائيل مجموعات أصغر من قوات النخبة التي ستتحرك داخل وخارج المراكز السكانية في غزة، وتنفذ مهام أكثر دقة للعثور على قادة حماس وقتلهم، وإنقاذ الرهائن وتدمير الأنفاق”، وفق “نيويورك تايمز”.

وخلال اجتماعاتهم في إسرائيل الخميس، قدم القادة الإسرائيليون لسوليفان جدولا زمنيا خاصا بهم لشن هجوم أكثر استهدافا، وكان جدولهم الزمني أبطأ من الجدول الذي يفضله بايدن وبعض مستشاريه.

وشدد المسؤولون الأميركيون على أن “سوليفان لم يوجه أو يأمر القادة الإسرائيليين بتغيير التكتيكات”.

جنود إسرائيليون في ناقلة جند مدرعة بالقرب من الحدود مع غزة في 1 ديسمبر 2023
إسرائيل وحماس بعد الهدنة.. أهداف بتكتيكات جديدة
بعد استئناف الحرب في قطاع غزة وانتهاء الهدنة المؤقتة، تطرح التساؤلات حول أهداف إسرائيل وحركة حماس الجديدة وطبيعة المرحلة المقبلة من المعارك بين الجانبين، لاسيما في جنوب القطاع.

وتعليقا على ما أوردته وسائل إعلام أميركية عدة من أن سوليفان نقل لإسرائيل طلبا من إدارة بايدن بوجوب إنهاء المرحلة الأولى من هذه الحرب قبل نهاية العام، رفض مسؤول أميركي رفيع المستوى الخوض في تفاصيل أي جدول زمني، بحسب وكالة “فرانس برس”.

وقال المسؤول الأميركي الكبير طالبا عدم الكشف عن هويته إن سوليفان سيزور رام الله بالضفة الغربية، الجمعة، لإجراء محادثات مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية، وفق “فرانس برس”.

تحديات

ويعترف المسؤولون الأميركيون بأن “الحكومة الإسرائيلية غالبا ما تكون مترددة في قبول نصيحة واشنطن بشأن عملياتها”.

لكنهم قالوا إن إسرائيل توصلت إلى حل لعدد من القضايا، بما في ذلك “الحاجة إلى إعادة تشكيل عملياتها العسكرية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية، للسماح بتدفق أكبر للمساعدات الإنسانية إلى البلاد، ووقف القتال من أجل إطلاق سراح المختطفين لدى حماس”، حسبما ذكرت “وول ستريت جورنال”.

ومع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين، “وجدت إدارة بايدن نفسها تحت ضغط في الداخل والخارج لكبح جماح الهجوم”، وفق “نيويورك تايمز”.

ويتمثل التحدي في الحفاظ على تصميم بايدن على السماح لإسرائيل بالقضاء على حماس، وفي الوقت نفسه تهدئة جوقة المنتقدين الغاضبين من الأزمة الإنسانية.

ما فرص قيام دولة فلسطينية بعد التطورات الأخيرة؟
دولة فلسطينية مستقلة.. هل تتحقق على أرض الواقع؟
وسط مطالب عربية ودولية بإقامة دولة فلسطينية مستقبلية مستقلة بجوار إسرائيل، تظهر تساؤلات حول كيف يمكن أن تكون شكل هذه الدولة؟ ومن يحكمها ويسيطر عليها؟ وهل تقلب الحكومة الإسرائيلية الحالية بوجودها؟، وهو ما يجب عليه مسؤولون ومختصون إسرائيليون وفلسطينيون تحدث معهم موقع “الحرة”.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد هجوم مباغت شنته الحركة على مواقع عسكرية ومناطق سكنية محاذية لقطاع غزة، أدى إلى مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، وتم اختطاف 239 شخصا، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل بقصف جوي وبحري وبري مكثف على القطاع المحاصر، أتبعته بعملية برية، وقتل في غزة منذ بدء الحرب 18787 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وأصيب 50897، بحسب ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الخميس.