نتنياهو في ثلاثيته: أخبروا بايدن أني لست بن غوريون

كيف نفهم تصريحات اليوم الأخير للرئيس بايدن،  عن ائتلاف نتنياهو وتآكل التأييد لإسرائيل في العالم، مرغوب فيه أن نفهم ما الذي يسمعه المسؤولون الأمريكيون مؤخراً من إسرائيل.

فالولايات المتحدة تطرح موضوعين سياسيين على إسرائيل (فضلاً عن تخفيض المس بالمدنيين في غزة وزيادة المساعدة الإنسانية) :

***  الأول هو الوضع السلطة الفلسطينية المهزوز، والآخر هو الخوف من احتلال إسرائيل لأرض في قطاع غزة ولا تخرج منها.

ويسمعون من حكومة نتنياهو تصريحات وأفعال محبطة جداً حول هذا، وتثير قلق واشنطن.

بالنسبة للبقاء في قطاع غزة. إسرائيل توضح بأن ليس لها نوايا ضم او استيطان.

لكنها تعتزم إبقاء قوات ذات مغزى من الجيش الإسرائيلي في مناطق في شمال قطاع غزة ،حتى بعد انتهاء المرحلة الحالية والقوية من الحرب – هذا ما قاله في الأيام الأخيرة مسؤولون كبار في إسرائيل.

وقالوا إن رسائل بهذه الصيغة نقلت إلى الولايات المتحدة. لن يتاح عودة فورية لكل الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في الشمال، واضطروا لأن يتركوا بيوتهم في أعقاب القتال، بل ستكون “مسيرة تدريجية من العودة، على مدى الزمن ونحن سنقرر من يعود إلى الشمال ومن لا ، كي نتأكد من أنه لا يوجد مخربون”.

في المرحلة التالية،

على حد قولهم، سيبقي الجيش تواجدا في شمال القطاع حقا وكذا في محور وادي غزة، على مسافة غير بعيدة من مدينة غزة.

أمس نشر المراسل الحربي  لـ “يديعوت أحرونوت” يوفال كارني اقتباسا على لسان بنيامين نتنياهو في جلسة الخارجية والأمن في الكنيست: “بن غوريون كان زعيماً عظيماً، لكنه في النهاية استسلم لضغط أمريكي. رئيس الوزراء الذي لن يصمد أمام الضغط الأمريكي، عليه ألا يدخل إلى مكتب رئيس الوزراء”، وقصد انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة بعد حرب السويس في 1956 (في الكابينت كان هناك من ضحك:

“رئيس الوزراء يشبه نفسه بـ “الجرف الصامد” التي كانت لبن غوريون؟ ليس لبيبي قدرة بالحد الأدنى للصمود أمام الضغوط”).

لكن فضلاً عن نتنياهو،

هناك اتفاق واسع نسبياً في المستوى السياسي برفض انسحابًا سريعاً وكاملًا من شمال القطاع. أوضحت إسرائيل بأن “المرحلة القوية – هجوم بري، واستيلاء على أرض جديدة، وهجمات عنيفة من الجو بواسطة مناورة لوائية واسعة – ستنتهي. لا مصلحة لنا بالبقاء في غزة، أو الاستيلاء على حزام أمني. لكن لا يمكننا أن نوفر الأمن إذا لم نكن هناك، في هذا المدى الزمني. وإلا، كيف سيشعر سكان “ناحل عوز” بأنهم آمنون في العودة إلى الديار؟”.

هذه الأمور مقبولة من أكثر من عضو واحد في كابينت الحرب. رجال رئيس الوزراء رفضوا التطرق إلى بقاء الجيش في أجزاء من شمال القطاع لفترة مفتوحة زمنياً.

مستشار الأمن القومي الاميركي جاك سوليفان الذي سيصل إلى إسرائيل قبل نهاية الأسبوع، سيسمع أقوالاً مشابهة من أعضاء الكابينت.

النقطة الثانية هي ضعف السلطة الفلسطينية، عرضت شعبة الاستخبارات “أمان” إخطاراً استراتيجياً عن انهيار السلطة.

وثائق داخلية لجهاز الأمن حذرت أصحاب القرار من اقتراب الوضع الاقتصادي في الضفة من إسقاط السلطة ، ثم انتفاضة جديدة ضد إسرائيل، أو الظاهرتين معاً.

بالتوازي،

قتل الجيش الإسرائيلي في العام 2023 نحو 500 فلسطيني، غالبتهم العظمى مخربون. قتل منذ 7 أكتوبر نحو 300 في عمليات الجيش.
هذه تطورات تؤثر على المنطقة التي تعاني من البطالة، مع مؤسسات مالية منهارة ومحاولات حماس تفجير برميل البارود هذا.

لذا،

أوصى جهاز الأمن السماح بدخول عمال إلى إسرائيل. في “كابينت الحرب” كان إجماعاً في هذا الموضوع. وها هي إحصاءات “الشاباك”: 14 ممن يحملون تصاريح إلى إسرائيل نفذوا عمليات منذ 2015.
هذا من أصل عشرات الآلاف الذين يدخلون كل شهر، مئات الآلاف في السنة، ملايين عديدة في السنوات الثمانية الأخيرة. .
التخوف بسيط: إذا لم يدخل مال ولم يكن هناك عمل في الضفة، فستفتح جبهة ثالثة، وهذا ما يريده السنوار و”حزب الله” وإيران.
ظاهراً، طرح رئيس الوزراء الموضوع على الحسم هذا الأسبوع، ورفض الكابينت موقفه. عملياً، لعب لعبة مزدوجة تماماً : طرح الموضوع على الكابينت الاجتماعي – الاقتصادي برئاسة سموتريتش، ثم على الكابينت الأمني. لم يستخدم كامل ثقل وزنه في الموضوع، على الرغم من أنه يفهم خطر الانفجار في الضفة. وسمح بتوصية صريحة من جهاز الأمن، بإسناد وزير الدفاع، أن تذوي وتسقط.
إذا ما وقع الانفجار، فسيقول إن الكابينت هو الذي منع، وإذا ما تأجل فسينال الحظوة بأنه لم يضغط لإدخال عمال فلسطينيين إلى إسرائيل.

وقال جهاز الأمن: “بعنا الأمن لقاء اعتبار سياسي”.
النقطة الثالثة المرتبطة بالضفة هي جريمة اليهود القومية ضد الفلسطينيين في “المناطق” [الضفة الغربية]. وها هي المعطيات التي عرضت أمام القيادة السياسية: في 2021 حدث 446 فعلاً عنيفاً و154 اعتقالاً شرطياً.

وفي 2022 حدث 947 فعلاً عنيفاً و232 اعتقالاً. وفي العام 2023 الذي لم ينتهِ – 1023 فعلاً عنيفاً ونحو 100 اعتقال. بكلمات أخرى، الشرطة لا تفرض القانون في الضفة، وهو ما يشعل المنطقة أكثر.
إن رفض رئيس الوزراء القبول بالسلطة الفلسطينية كسيد ما في قطاع غزة،  بخلاف موقف بايدن، وامتناع نتنياهو عن الانشغال باليوم التالي، وتصريحات اليمين المتطرف في الحكومة حول استيطان قطاع غزة…كل هذا يؤدي بإدارة بايدن إلى مسار صدام حاد مع حكومة نتنياهو.

للمفارقة، هذه المواجهة، إلى جانب تصريحات بايدن عن دولة فلسطينية، تخدم الحملة السياسية لرئيس الوزراء في اليمين الإسرائيلي، الحملة التي في أقصى سرعة. الحرب تعربد بكامل شدتها وتجبي أثمانها الجسيمة، لكن نتنياهو لا يدعها تعرقله في مهمة بقائه الشخصي.

 نداف ايال
يديعوت أحرونوت
الشراع