بن غفير: هذا وقت الحسم لا الهدن!

تشهد غزة، الأربعاء، يوماً جديداً من التصعيد والاقتتال بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة في القطاع، فيما تلوح في الأفق بارقة أمل قد تؤشر لقرب وقف إطلاق نار لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني الذي يعيش مأساة إنسانية حقيقية منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول.

وفي آخر التطورات الميدانية، أفاد إعلام فلسطيني بأن الفرق الطبية عاجزة عن الدخول للأحياء في جباليا بسبب كثافة القصف الإسرائيلي.

وعن جهود التوصل لصفقة تبادل أسرى جديدة بين إسرائيل وحماس، أفادت صحيفة “هآرتس” بأن صفقة التبادل بعيدة، لكن إسرائيل تبرزها لإسكات الضغط الشعبي، فيما قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير عن صفقة التبادل المحتملة إن “هذا وقت الحسم لا الهدن”.

واندلعت معارك عنيفة بين القوات الإسرائيلية ومسلحي حماس في شوارع مدينة خان يونس، ثاني أكبر مدينة في غزة، اليوم.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية اليوم الأربعاء أن إسرائيل تقصف بشكل “عنيف” ومتواصل مناطق في جباليا وخان يونس بشمال ووسط قطاع غزة.

ونقلت الوكالة عن مصادر محلية وصحافية أن القصف الإسرائيلي أدى إلى مقتل وإصابة عشرات المواطنين معظمهم من الأطفال والنساء.

وأعلن الجيش الإسرائيلي اليوم مهاجمة 300 هدف في قطاع غزة خلال الساعات الأربع وعشرين الماضية، مؤكدا مقتل عشرات المسلحين وتدمير بنى تحتية في تلك الهجمات.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، إن “القوات البرية هاجمت كذلك مقرا عسكريا لحركة حماس في منطقة خان يونس. كما أعلن الاستيلاء على أسلحة وذخائر وعبوات ناسفة وقذائف هاون خلال عملياته، بحسب وصفه”.

وفي وقت سابق، أفادت وسائل إعلام فلسطينية بوجود استهدافات إسرائيلية بالأحزمة النارية والقذائف المدفعية على جباليا شمالي قطاع غزة، كما أفاد بوقوع اشتباكات عنيفة بين عناصر القسام وعناصر الجيش الإسرائيلي في منطقة المغراقة شمال النصيرات وسط قطاع غزة، ووسط خان يونس.

وتزامنا، أفاد إعلام إسرائيلي بأن الجيش أعلن مقتل ضابط في جنوب غزة ليرتفع إجمالي القتلى إلى 133 منذ بدء العملية البرية.

من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة، تتركز على ما وصفه بالتطهير النهائي لمنطقة غزة والدخول تحت الأرض إلى الأنفاق في أعماق كبيرة. ووصف غالانت مدينة خان يونس بـ”العاصمة الجديدة للإرهاب” على حد تعبيره، مشيرا إلى أن العملية هناك ستكون عابرة للمراحل حتى تحقيق كافة الأهداف، على حد قوله. وقال الوزير الإسرائيلي إن “الجيش سيُحضر كبار قادة حماس إلى المقبرة أو السجن”، على تعبيره.

وسياسيا، ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” Times of Israel أن تل أبيب أبلغت قطر بأنها مستعدةٌ للتهدئة في غزة لمدة أسبوع مقابل الإفراج عن 40 محتجزا لدى حماس.

وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تريد من حركة حماس أن تفرج عن النساء اللاتي ما زلن أسيرات لدى الحركة، والرجالِ الذين تزيدُ أعمارهُم عن 60 عاما، والمختطفين الذين يعانون من أمراضٍ تهدد حياتهم أو يحتاجون إلى علاج عاجل.

كما أعربت إسرائيل عن استعدادِها لإطلاقِ سراح أسرى فلسطينيين مدانين بارتكاب هجمات أكثر خطورة من أولئك الذين أُطلقَ سراحُهم في الصفقة السابقة.

وتزامنا، يبحث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية اليوم الأربعاء في مصر محادثات محورها التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فيما يجري التحضير في أوسلو لجولة جديدة من مفاوضات الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين والأسرى الإسرائيليين، يجري التحضير لها في أوسلو النرويجية، التي طالما شهدت محاولات التقريب بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، لكن هناك صعوبات جمة تهدد بإفشال المباحثات.

يأتي ذلك فيما أفادت مصادر دبلوماسية أنّ تصويت مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في غزّة أرجئ مجدّداً إلى اليوم الأربعاء، بعد إرجاءات سابقة متكرّرة، للسماح بمواصلة المفاوضات بشأن مشروع القرار المقترح.

ودعت المسودّة الأخيرة التي اعدّتها الإمارات العربية المتّحدة إلى “تعليق” الأعمال القتالية في القطاع افساحاً في المجال لإدخال المساعدة الإنسانية.

هذا وذكرت وزارة الخارجية البريطانية اليوم الأربعاء أن الوزير ديفيد كاميرون سوف يزور الأردن ومصر من أجل الدفع باتجاه التوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين وإنهاء إطلاق الصواريخ على إسرائيل.

نقل موقع وزارة الخارجية عن كاميرون قوله “سوف أقوم بزيارتي الثانية للمنطقة من أجل الدفع باتجاه دخول المساعدات إلى غزة وإطلاق سراح المحتجزين.. سوف أعمل على البناء على قرار إسرائيل بفتح معبر كرم أبو سالم لضمان دخول المزيد من المساعدات والوقود إلى غزة من خلال أكبر عدد ممكن من المعابر”.

وواصل الجيش الإسرائيلي الثلاثاء قصفه وعملياته البرية في غزة، على الرغم من ضغوط دولية تلحّ على حماية المدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر.

وانطلقت شرارة الحرب في 7 أكتوبر بهجوم غير مسبوق شنّته حماس داخل إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، أوقع نحو 1140 قتيلا، غالبيتهم من المدنيين، كما اقتيد نحو 250 أسيرا إلى القطاع، وفقا للسلطات الإسرائيلية، ما زال 129 منهم محتجزين في غزة.

وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس وبدأت هجوما واسع النطاق تسبب بدمار هائل في قطاع غزة. وأوقع القصف 19,667 قتيلا على الأقل، نحو 70% منهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لحكومة حماس الثلاثاء.

وكانت هدنة دخلت مفاعيلها حيّز التنفيذ في 24 تشرين الثاني واستمرت حتى الأول من ديسمبر قد أتاحت الإفراج عن 80 رهينة كانت محتجزة في قطاع غزة في مقابل 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.